الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعض الممارسات السيئة
الأخلاق الشخصية والاجتماعية عنوان التدين الصحيح، ورمز تقدم الأمم والجماعات، وإذا ساءت الأخلاق لا سيما في الأمور التي تمس قدسية الدين، كان التدين خطأ، والاستنكار والشناعة أظهر ما يلاحظ من الآخرين، ومن هذه الأخلاق المنكرة: تزكية الإنسان نفسه والافتراء على الله كذبا، والإيمان بالأصنام والطواغيت: وهي كل ما عبد من دون الله والشياطين، والبخل والشح، والحسد للآخرين، وتفضيل الكفار الجاهلين على المؤمنين المخلصين، وادعاء أن أولئك الكفار أهدى سبيلا وأقوم طريقا ومنهجا من الذين آمنوا.
قال الله تعالى موبخا كل من يتصف بهذه الأخلاق المرذولة والممارسات المغلوطة:
[سورة النساء (4) : الآيات 49 الى 55]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (50) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً (51) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً (52) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً (53)
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (54) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً (55)
«1» «2» «3» «4» [النساء: 4/ 49- 55] .
قال ابن عباس مبينا سبب نزول هذه الآيات: كان اليهود يقدّمون صبيانهم يصلون بهم، ويقربون قربانهم ويزعمون أنهم لا خطايا لهم ولا ذنوب، فأنزل الله:
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ.
(1) يمدحونها.
(2)
بقدر خيط النواة.
(3)
كل ما يعبدون من دون الله.
(4)
النقير: النقرة التي تكون في ظهر النواة، أي البزرة، وهذا رمز للقلة والحقارة.
وقال عكرمة: انطلق كعب بن الأشرف إلى المشركين في مكة يؤلبهم على النبي صلى الله عليه وسلم ويأمرهم أن يغزوه قائلا: إنا معكم نقاتله، فقالوا: إنكم أهل كتاب مثله، ولا نأمن أن يكون هذا مكرا منكم. فإن أردت أن تخرج معنا، فاسجد لهذين الصنمين، فسجد، ثم قالوا: نحن أهدى أم محمد صلى الله عليه وسلم فنحن ننحر الكوماء (الناقة الضخمة) ونسقي الحاج، ونقري الضيف، ومحمد قطع رحمه، وخرج من بلده، فقال كعب:
بل أنتم خير وأهدى سبيلا، فنزلت الآيات.
والمعنى: ألم تعلم وتنظر إلى حال الذين يمدحون أنفسهم، ويدّعون ما ليس فيهم، ويقولون: نحن أبناء الله وأحباؤه، ونحن شعب الله المختار، ولا تمسنا النار إلا أياما معدودات، ولن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى، وإن أبناءنا توفوا وهم لنا قربة، وآباؤنا يشفعون لنا، لكرامتهم على الله، فرد الله دعواهم بأنه لا قيمة لتزكية أنفسهم، فإن التزكية تكون بالعمل الصالح، لا بالادّعاء، والله هو الذي يزكي من يشاء من عباده، بتوفيقه للعمل الصالح، وهدايته للإيمان والآداب الفاضلة.
إنهم بهذه الادعاءات يفترون على الله الكذب، وكفى بالكذب إثما واضحا ومعصية كبيرة، إنهم يعبدون غير الله من الشياطين والأصنام، ويصفون الكفار بأنهم أرشد من المؤمنين. وهم الذين لعنهم الله وطردهم من رحمته، والمطرود من رحمة الله لا نصير ولا معين له، بل ليس لهم نصيب من الملك والسلطان، ولو كان لهم نصيب من الملك، فلا يأتون الناس إلا أحقر شيء وأبسطه وأقله، لأنهم مطبوعون على الأنانية حب الذات وحب المادة، والغرور الكاذب، بأنه لن يعطى أحد مثلما يعطون، ولا يستحق أحد أي شيء.
بل إنهم يحسدون الناس كمحمد النبي صلى الله عليه وسلم على ما آتاه الله من فضله كالنبوة والقرآن والحكمة، وهذا لا غرابة فيه ولا حق لهم بالحسد فيه، فقد آتى الله آل