الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهمية اللباس
اللباس للإنسان مظهر تحضر وتمدن وعنوان احترام للآخرين، أما العري وإظهار الأعضاء فهو مظهر من مظاهر البدائية والتخلف، يتفق مع حالة الإنسان البدائي وطريقة عيشه في الصحاري والوديان، لذا امتن الله تعالى بإنعامه على البشرية، إذ أوجد لهم أنواع الألبسة لستر العورات والعيوب، ومختلف الرياش والأصواف للتنعم والراحة، وحذر القرآن من فتنة الشيطان ووساوسه التي هي سبب من أسباب نزع اللباس وإزالة النعمة، فقال الله تعالى:
[سورة الأعراف (7) : الآيات 26 الى 27]
يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27)
«1» «2» «3» «4» «5» «6» [الأعراف: 7/ 26- 27] .
ابتدئت الآيات بقوله تعالى يا بَنِي آدَمَ وهو خطاب لجميع الأمم وقت النبي عليه الصلاة والسلام، والمراد بهذا الخطاب: قريش ومن كان من العرب يتعرى في طوافه بالبيت، وهذه الآية امتنان من الله تعالى على عباده بما جعل لهم من اللباس الساتر للعورات، والريش: وهو ما يتجمل به من الثياب أو المعيشة. إن نعمة اللباس والثياب والاستمتاع بالزينة والجمال، واتقاء الحر والبرد من أجلّ النعم على البشرية، وإنزال اللباس: معناه الخلق والإيجاد للخليقة، وهذا من فضل الله على عباده إذ حماهم بإيجاد الألبسة والأمتعة من السوء والتعرض للمتاعب والمخاطر، وهذا من ضرورات المعيشة والرخاء في الدنيا.
(1) أعطيناكم.
(2)
يستر عوراتكم.
(3)
الريش: كل ما ستر من اللباس أو المعيشة.
(4)
الفتنة الابتلاء والاختبار، ولا يفتنكم أي لا يخدعنكم.
(5)
يزيل عنهما.
(6)
القبيل: الجماعة والجنود.
إلا أن الله تعالى فضّل اللباس المعنوي وهو التقوى: أي الإيمان والعمل الصالح على اللباس المادي لأن أثره خالد، وحافظ للقيم والأخلاق التي تسعد المجتمع وتنشر الأمن والرخاء والاطمئنان، وتكفل الاستقرار ودوام الحياة الكريمة.
إن خلق اللباس والريش وهما عبارة عن سعة الرزق ورفاهة العيش والتمتع بالحياة من آيات الله الدالة على قدرته وفضله وإنعامه ورحمته بعباده، وإن هذه النعم تؤهل البشر لتذكّر فضل الله عليهم، وتحملهم على الشكر وتقدير المنعم، والبعد عن فتنة الشيطان (محاولة الإيقاع في البلاء) وإبداء العورات.
والوفاء للمنعم وشكره نتيجة طبيعية لكل معروف وصاحبه، فمن قدم جميلا لغيره استحق الشكر وتقدير المعروف، لذا ذكّر الله تعالى المؤمنين بما هو خير لهم: وهو ألا يغفلوا عن أنفسهم، ولا يصرفنهم الشيطان عن وصايا الله وشرعه ودينه. وفتنة الشيطان: الاستهواء والغلبة على النفس. والمعنى في قوله تعالى: لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ نهيهم أنفسهم عن الاستماع للشيطان وإطاعة أمره، فإن للشيطان فتنة ومحاولة لإغراء الناس، كما فتن أبوينا آدم وحواء بالإخراج من الجنة، فإن وسوسته أدت بسبب مخالفتهما أمر الله إلى التسبب في الطرد من الجنة، ونزع اللباس عن عوراتهما، وهو ورق الجنة، وإظهار سوءاتهما أي عوراتهما. وزيادة في التحذير والاعلام بأن الله عز وجل قد مكّن الشيطان من ابن آدم، أخبرنا الله سبحانه بأن الشيطان يرى المؤمنين هو وجماعته، وهم لا يرونه، فيجب التخلص من وساوسه بكثرة الطاعة والقناعة برزق الله وفضله، علما بأن للشيطان أعوانا وأنصارا، والشياطين هم أعوان الكفار الذين لا يؤمنون بالله تعالى إيمانا حقا تزكو به نفوسهم، وتصلح به أعمالهم، بسبب استعدادهم لقبول وسواس الشيطان، كاستعداد ضعفاء الأجسام لاستقبال الأمراض الفتاكة بسرعة كبيرة وتورط شديد.