الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرائض الوضوء ومشروعية التّيمم
حرص الإسلام على نظافة الإنسان وطهارته، فجعل فريضة الوضوء أمرا متجدّدا في اليوم أكثر من مرة لغسل الأعضاء التي تتعرض للأوساخ والغبار، كلما أدى فرائض الصلوات الخمس، كما فرض القرآن الكريم الغسل من الجنابة باحتلام أو وقاع لتنظيف جميع البدن في مناسبات تتكرر في الأسبوع، وإذا لم يوجد الماء بسبب السفر، أو أضرّ الماء بالجسم بسبب المرض، جاز للمؤمن التيمم بالغبار عن الوضوء أو عن الغسل، أو عن الحدث الأصغر والأكبر، والتّيمم رخصة اضطرارية بضربتين على التراب: ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين، والمهم في ذلك: قصد الطهارة، لا أن ينقل التراب للأعضاء. قال الله تعالى:
[سورة المائدة (5) : الآيات 6 الى 7]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (7)
«1» «2» «3» «4» [المائدة: 5/ 6- 7] .
نزلت هذه الآية في التّيمم، وكان الوضوء مفروضا في مكة قبل الهجرة، فكأن الآية لم تزد المؤمنين فيه إلا تلاوته، وإنما أعطتهم الفائدة والرخصة في التّيمم. نزلت في غزوة المريسيع،
روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت في هذه
(1) موضع قضاء الحاجة.
(2)
واقعتموهن أو لمستم بشرتهن.
(3)
ترابا طاهرا.
(4)
ضيق في دينه ومشقة.
الغزوة: «.. ثم إن النّبي صلى الله عليه وسلم استيقظ وحضرت الصبح، فالتمس الماء، فلم يوجد» فنزلت: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ.. الآية.
وروى أحمد والبيهقي عن جابر- وهو حديث حسن- أن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: «مفتاح الجنة الصلاة، ومفتاح الصلاة الطّهور» .
وكان كثير من الصحابة، منهم ابن عمر وغيره يتوضئون لكل صلاة، انتدابا إلى فضيلة. وكذلك كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جمع بين صلاتين بوضوء واحد، وفي فتح مكة جمع بين الصلوات الخمس بوضوء واحد.
روى أبو داود والترمذي وابن ماجه أن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: «من توضّأ على طهر، كتب له عشر حسنات» .
ومعنى الآيتين: يا أيها المؤمنون، إذا أردتم القيام إلى الصلاة، وأنتم محدثون، فعليكم بالوضوء، فإنه فرض أو شرط، إذ لا يقبل الله صلاة بغير طهور.
وإذا كان المرء متوضئا كان الوضوء مندوبا، لما
روى رزين من حديث: «الوضوء على الوضوء نور» .
وفرائض الوضوء في الآية أربعة: هي غسل الوجه من أعلى منابت شعر الرأس إلى أسفل الذقن، وما بين الأذنين عرضا، وغسل اليدين من رؤوس الأصابع إلى المرفقين، والمرفق أعلى الذراع وأسفل العضد، ويجب غسل المرفق. ومسح بعض الرأس كالربع، أو كل الرأس، وهو المطلوب عند المالكية والحنابلة، وغسل الرجلين مع الكعبين: وهما العظمان الناتئان عند مفصل السّاق والقدم من الجانبين.
وتطلب النّية والترتيب والموالاة والدّلك والمضمضة والاستنشاق على خلاف في فرضيتها عند أئمة المذاهب.
وينتقض الوضوء بالغائط والبول والريح والنوم، ولمس المرأة بشهوة، ومسّ الفرج بباطن الكف عند الجمهور غير الحنفية.
فإن كنتم مرضى أو مسافرين أو أحدثتم أو واقعتم النساء، ولم تجدوا ماء، أو تضررتم باستعمال الماء، فعليكم بالتيمم بأن ينوي الشخص فرض التّيمم ويمسح بوجهه ويديه إلى المرفقين، والتّيمم مشروع لكل من الحدث الأصغر والأكبر.
ويجب الغسل: وهو تعميم البدن والرأس بالماء الطاهر، في حال الجنابة باحتلام أو جماع أو ولادة أو حيض أو نفاس، وتجب النّية في الغسل، لقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا.
والمراد من تشريع الوضوء والتّيمم والغسل هو التيسير على الناس، وإتمام النعمة ببيان طريق العبادة الصحيح المفضل، وتطهير الأعضاء المعرضة عادة للتلوث بالوضوء، وغسل جميع الجسم حال الجنابة ونحوها وهو ما يسمى بالحدث الأكبر لأنه يعتري الجسم بعد هذا الحدث استرخاء وفتور يزولان، بالغسل، والنظافة من الإيمان، فبالغسل تنظّف، وتجديد الحيوية والنشاط.
وهذه الأحكام المشروعة نعمة عظمي من الله تعالى لصالح المؤمن، تستوجب الشكر والتقدير لأن فيها طهارة الأبدان وطهارة الأرواح معا، ونعم الله كثيرة علينا أن نذكرها، ومن أهمها التوفيق للإسلام وهداية القرآن وجمع الكلمة، وعزّة الحياة، كما علينا أن نذكر العهد المؤكد الذي أقررنا به أمام الله، حينما كنا في عالم الذّر، ومضمونه: الإيمان بالله والرسول، والسمع والطاعة، وتقوى الله بالتزام الأوامر واجتناب النواهي، والله عليم بخفيات الأمور من الأسرار والنوايا التي في الصدور. وفي ذلك توجيه للإخلاص والبعد عن الرّياء في جميع الأعمال الدينية.