الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إرشاد المؤمنين للخير
اشتملت آيات القرآن الكريم على إرشادات ومواعظ للمؤمنين، تدلهم على ما هو خير وفضيلة، وتمنعهم عما هو شر ورذيلة، إحقاقا للحق، وإبطالا للباطل، وبناء للمجتمع الفاضل، وهذه مجموعة أوامر ونواه مع بيان الجزاء الكريم لامتثال الأمر واجتناب النهي، قال الله تعالى:
[سورة آل عمران (3) : الآيات 130 الى 136]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)
وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَاّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (136)
«1» «2» «3» «4» [آل عمران: 3/ 130- 136] .
في مطلع هذه الآيات نهى الله المؤمنين عن التشبه باليهود وعرب الجاهلية الذين كانوا يأكلون الربا أضعافا مضاعفة، فكانوا إذا حل أجل الدين، وعجز المدين عن سداد دينه، قال الدائن للمدين: إما أن تقضي أو تربي، فيلجأ المدين إلى القبول اضطرارا بتضعيف الربا أو الفائدة، وتأجيل الدين عاما آخر، فهذا فعل شنيع، واستغلال قبيح، وقد حرّم الله جميع أنواع الربا قليله وكثيره، وكل قرض جرّ نفعا للمقرض في مقابل التأخير فهو ربا، سواء كانت المنفعة نقدا أو عينا كثيرة أو قليلة،
(1) كثيرة.
(2)
اليسر والعسر.
(3)
الحابسين غيظهم في نفوسهم.
(4)
معصية كبيرة. [.....]
لقوله تعالى: يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)[البقرة: 2/ 40] .
ثم أمر الله تعالى باتقاء النار التي أعدت للعصاة والكافرين، واتقاؤها يكون بطاعة الله وامتثال أوامره وترك المعاصي والمنكرات، والنار سبع طبقات، العليا منها وهي جهنم للعصاة، والخمس للكفار، والدرك الأسفل للمنافقين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر.
ثم أمر الله بطاعته وطاعة رسوله، والطاعة موافقة الأمر كما أراد الآمر، كي يرحمنا الله في الدنيا بصلاح الحال وانتظام الأمر، وفي الآخرة بحسن الجزاء،
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله..» «1» .
والطاعة تتطلب المبادرة إلى فعل ما يوجب مغفرة الله، وجزاء المطيعين جنات فسيحات واسعات عرضها كعرض السماء والأرض، أعدت للمتقين الذين وقوا أنفسهم من عذاب الله بالعمل الصالح، وأوصاف المتقين هي:
الذين ينفقون في السراء والضراء، في الشدة والرخاء، ويكتمون غيظهم، ويملكون أنفسهم عند الغضب، فلا يعتدون على الآخرين إذا كانوا في قوة ومنعة،
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كظم غيظا، وهو يقدر على إنفاذه، ملأه الله أمنا وإيمانا» «2» .
وهم أيضا يعفون عن مساوئ الناس ويتجاوزون عن ذنوبهم بطيب خاطر وطواعية، والعفو عن الناس من أجلّ أفعال الخير، وهم أيضا يحسنون إلى من أساء إليهم، والله يحب المحسنين، وهؤلاء المتقون إذا فعلوا فاحشة أو ذنبا كبيرا يضر كالزنا والربا، والغيبة والنميمة، أو ذنبا صغيرا لا يتعدى إلى غيرهم، ذكروا عقاب
(1) أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة.
(2)
حديث حسن أخرجه ابن ماجه عن ابن عمر.