الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والرّسل عليهم الصّلاة والسّلام، وقد صرّح القرآن الكريم بهذا في تعليم نبيّنا عليه الصلاة والسلام، فقال الله تعالى:
[سورة الأنعام (6) : الآيات 50 الى 51]
قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَاّ ما يُوحى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ (50) وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)
[الأنعام: 6/ 50- 51] .
ثم أورد القرآن الكريم دليلا قطعيّا على كون القرآن من مصدر إلهي لا بشري، حين أوصى بالضعفاء الملازمين للنّبي صلى الله عليه وسلم، وفضّلهم على الزعماء وكبار الأشراف، فقال الله تعالى:
[سورة الأنعام (6) : الآيات 52 الى 53]
وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (53)
«1» «2» [الأنعام: 6/ 52- 53] .
تحصر الآيتان الأوليان مصدر معارف النّبي صلى الله عليه وسلم بالوحي الإلهي، ردّا على المشركين الذين كانوا يطلبون من النّبي صلى الله عليه وسلم معجزات مادّية قاهرة، فأجابهم بأني: لا أملك خزائن الله وأرزاقه، ولا أقدر على التصرّف فيها وتوزيعها كما أشاء، ولا أدّعي علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه، فلم يطلع عليه أحدا، كما قال سبحانه: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (27)[الجنّ: 72/ 26- 27] .
ولا أقول لكم: إني أحد الملائكة، إنما أنا بشر يوحى إلي من الله عز وجل ما يريد ويختار، والمراد من هذا أني لا أدّعي الألوهية، ولا علم الغيب، ولا الملكية، إنما
(1) أول النهار وآخره.
(2)
اختبرنا
أنا بشر أتبع ما يوحى إلي من ربّي، كسائر الأنبياء والرّسل من قبلي، فمعرفتي وعلمي ومعلوماتي كلها مستمدة من الوحي، وذلك يستوجب التأمل في وحي الله وملكوته، لأنه لا يستوي الناظر المفكّر في الآيات مع المعرض الكافر المهمل للنظر، فالأعمى والبصير مثالان للمؤمن والكافر، أي ففكّروا أنتم وانظروا، لتميّزوا بين ضلال الشرك وهداية الإسلام، وتعقلوا ما في القرآن من أدلة توحيد الله واتّباع رسول الله، وهذا يدلّ على إثبات القدرة المطلقة والعلم الشامل لله سبحانه.
ثم أمر الله نبيّه بأن ينذر ويخوّف جميع الخلائق بالوحي القرآني، وهم أهل الملل السماوية الثلاثة الذين يخافون من الحشر وأهواله، وشدة الحساب يوم القيامة، وما يتبع ذلك من الجزاء على الأعمال عند لقاء الله، في حال من ليس له ولي ناصر ولا شفيع شافع، أنذرهم بهذا أيها النّبي لعلهم- أي البشر- يتّعظون ويتّقون، فيمتثلون الأوامر وينتهون عن الكفر والمعاصي.
ثم ذكر القرآن مثلا رائعا في مجاملة الضعفاء، فمنع من تقريب أشراف القوم من قريش، وحذّر من طرد ضعفاء الناس المؤمنين الموحّدين الذين يعبدون الله في الصباح والمساء، ويدعونه سرّا وعلانية، ويخلصون في طاعتهم وعبادتهم، فلا يقصدون إلا إرضاء الله تعالى، المستحق وحده للعبادة، وهؤلاء هم الذين يختص الله بحسابهم، وليس لك أيها النّبي محاسبتهم على شيء، ولم تكلف شيئا غير دعائهم للدين، لا ترزقهم ولا يرزقونك، وإن طردتهم من مجلسك كنت من الظالمين أنفسهم.
فأي دليل بعد هذا الإنذار الموجّه للنّبي يدلّ على أن القرآن لا يتصور إلا أن يكون كلام الله، وليس بكلام بشر ولو كان نبيّا.
ثم أماط القرآن اللثام عن حقيقة جوهرية هي تعدد الأديان: من إسلام وشرك، ولقد ابتلى الله المؤمنين بالمشركين وعلى العكس واختبرهم بذلك، وابتلاء المؤمنين