الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نتصدق بأموالنا زيادة في توبتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إني لا أعرض لأموالكم إلا بأمر الله» فتركهم حتى نزلت هذه الآية:
[سورة التوبة (9) : الآيات 103 الى 105]
خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)
«1» «2» [التوبة: 9/ 103- 105] .
وبعد نزول هذه الآية،
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ثلث أموالهم، أي أموال التائبين لقوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ.
وقال جماعة من الفقهاء: المراد بهذه الآية: الزكاة المفروضة، فيكون الضمير على هذا الرأي شاملا جميع الناس. وهو عموم يراد به الخصوص إذ يخرج من الأموال الأنواع التي لا زكاة فيها، كالثياب والدور السكنية ونحوها. وكذلك ضمير أَمْوالِهِمْ عموم يراد به خصوص، إذ يخرج منه العبيد وسواهم.
والمعنى: خذ أيها النبي ومن بعدك من الحكام من أموال هؤلاء التائبين وغيرهم صدقة مقدرة بمقدار معين، تطهرهم من داء البخل والطمع والذنوب، وتزكي أنفسهم وتطهرها بها، وتنمي بها حسناتهم، وترفعهم إلى منازل المخلصين. والتزكية:
مبالغة في تطهير المال وزيادة فيه، أو بمعنى الإنماء والبركة في المال، أي إن الله تعالى يجعل النقصان الحاصل بسبب إخراج قدر الزكاة سببا للإنماء، ويوضح ذلك
الحديث النبوي عند أحمد ومسلم والترمذي عن أبي هريرة: «ما نقصت صدقة من مال» .
وصل عليهم أيها النبي، أي ادع لهم واستغفر، فإن في دعائك لهم سكونا لأنفسهم وطمأنينة ووقارا، والله سميع يسمع اعترافهم بذنوبهم ودعاءهم، وسميع
(1) تنمي بها حسناتهم وأموالهم. [.....]
(2)
طمأنينة.
لدعائك سماع قبول وإجابة، عليم بما في ضمائرهم وإخلاصهم في توبتهم وصدقاتهم، وبما فيه الخير والمصلحة لهم.
ألم يعلم أولئك التائبون وجميع المؤمنين أن الله هو الذي يقبل التوبة عن عباده، ويتجاوز عن سيئاتهم، ويأخذ الصدقات، أي يقبلها ويثيب عليها ويضاعف أجرها، كما جاء في آية أخرى: إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ [التغابن: 64/ 17] .
وألم يعلموا أيضا أن الله هو التواب الذي من شأنه قبول توبة التائبين والتفضل عليهم، وهو الرحيم بعباده التائبين بإثابتهم على أعمالهم الصالحة، كما هو مبين في قوله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى (82)[طه: 20/ 82] .
والتوبة مفيدة جدا في تجديد همة النفس والعهد ومحو الذنب، والتخلص من أوزار الماضي والشعور بالارتياح من تعذيب الضمير ومساوئ الذنب.
وقل أيها الرسول لهؤلاء التائبين وغيرهم: اعملوا العمل الصالح، فإن عملكم لا يخفى على الله وعباده، خيرا كان أو شرا، فالعمل أساس السعادة، وطريق الأمن والراحة وعزة النفس، وسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون باطلاعه إياهم على أعمالكم. وهذا وعيد للمذنبين، وتحذير من عاقبة الإصرار على الذنب، والذهول عن التوبة، وليعلم كل العصاة ومخالفوا أوامر الله بأن أعمالهم ستعرض على الله تعالى وعلى الرسول وعلى المؤمنين، وذلك لا محالة في يوم القيامة، كما قال تعالى:
يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ (18)[الحاقة: 69/ 18]
قال جابر بن عبد الله فيما رواه الطبراني وغيره: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أعمالكم تعرض على أقربائكم وعشائركم في قبورهم، فإن كان خيرا استبشروا به، وإن كان غير ذلك قالوا: اللهم ألهمهم أن يعملوا بطاعتك» .