الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدنيا، فبأي كلام أو حديث بعد القرآن يؤمنون به؟ وبأي تخويف وتحذير بعد تحذير رسول الله وترهيبه يصدقون إن لم يصدقوا بهذا القرآن الذي جاءهم به محمد بن عبد الله من ربه؟
ثم ذكر الله تعالى قاعدة الضلال والإضلال: وهي أن من فقد الاستعداد للإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم والعمل بالقرآن، فإن الله يتركه مترددا متحيرا في ضلاله، حائرا في سبيله، لتجاوزه الحد في ظلمه وطغيانه، ولن يجد لنفسه هاديا أو مرشدا آخر غير الله عز وجل.
علم القيامة والمنذر بها
يتكرر السؤال قديما وحديثا عن وقت القيامة ومعرفة أخبارها وأهوالها، ولا يكون سؤال بعض الناس عادة إلا عنادا وتحديا أو تهكما وسخرية، كشأن الكفرة والمشركين، كانت اليهود تقول للنبي صلى الله عليه وسلم:«إن كنت نبيا فأخبرنا عن الساعة متى تقوم؟» وأخرج ابن جرير الطبري عن قتادة: أن المشركين قالوا ذلك، لفرط الإنكار.
وجاء القرآن المجيد يسجل هذه الأحداث في قوله تعالى:
[سورة الأعراف (7) : الآيات 187 الى 188]
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَاّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَاّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (187) قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَاّ ما شاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)
«1» «2» «3» »
[الأعراف: 7/ 187- 188] .
نزلت هذه الآية على الراجح كما تقدم في مشركي قريش لأن الآية مكية،
(1) متى وقوعها. [.....]
(2)
لا يظهرها.
(3)
عظمت لشدتها.
(4)
باحث عنها عالم بها.
ومعناها: يسألونك أيها النبي عن وقت الساعة (القيامة) متى يكون، ومتى يحصل ويستقر؟ ومضمون السؤال اليأس من السائلين ومقتهم والسخط عليهم. قل لهم أيها الرسول: إن علم الساعة مقصور على الله وحده، فلا يطّلع عليه أحد من الخلق، فإنه هو الذي يعلم جلية أمرها ويظهرها ويكشفها، ومتى يكون على التحديد، ولا يظهرها في وقتها المحدود إلا الله، ولا يعلم بها أحد حتى ولو كان ملكا مقرّبا أو نبيا مرسلا، كما قال الله سبحانه: إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها [فصلت: 41/ 47] فكل من الساعة العامة (القيامة) والساعة الخاصة (أجل الإنسان) من الغيبيات التي اختص الله بعلمها، لتكون فترة الاختبار صحيحة وعامة، غير متأثرة بدافع العلم بها أو بقصد النفعية، ولا مختصة بزمن معين يطلع عليه البشر وكل مخلوق، ولتبقى رهبتها مهيمنة على النفوس.
لقد خفي علمها على أهل السماوات والأرض، ولم يعلم بها أحد من الملائكة والأنبياء، ثقل أن تعلم ويوقف على حقيقة وقتها وكل ما خفي علمه فهو ثقيل على النفس. وهي لا تأتي إلا فجأة، وعلى غفلة، والناس مشغولون في شأن الدنيا ومصالحها.
يسألك أيها النبي هؤلاء المشركون كفار قريش عن وقت حدوث القيامة، كأنك معني بشأنها، مبالغ في السؤال عنها، وعالم بها، قل لهم: لست أعلمها، إنما علمها عند الله الذي يعلم الغيب في السماوات والأرض، ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن أمر القيامة لا يعلمه إلا الله، بل يظن أكثرهم أنه مما يعلمه البشر. والقليلون من الناس وهم المؤمنون بالقرآن وبما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم هم الذين يعلمون أن الله تعالى هو المختص وحده بمعرفة الوقت المعين لمجيء القيامة.
قال الرازي: السبب في إخفاء الساعة عن العباد: هو أن يكونوا على حذر منها، فيكون ذلك أدعى إلى الطاعة وأزجر عن المعصية.