الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستحلالهم أكل أموال العرب. ومنهم من يحلف بالله صدقا، ومنهم من يحلف بالله كذبا وافتراء.
وأنزل الله تعالى آيات في كتابه المجيد تعبر عن حقيقة الفئتين، وتتحدث عن صفة الأمانة والخيانة، وعن الكذب في الأيمان ونقض العهد.
قال الله تعالى:
[سورة آل عمران (3) : الآيات 75 الى 77]
وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَاّ ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76) إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (77)
«1» «2» «3» «4» «5» [آل عمران: 3/ 75- 77] .
أما الآية الأولى فتذكر أن بعض أهل الكتاب من اليهود يستحلون أكل أموال غير اليهود، زاعمين أن التوراة لم تنههم إلا عن خيانة إخوانهم الإسرائيليين، وأما الأميون العرب وغير العرب فليس عليهم ذنب في أكل أموالهم، إذ هم شعب الله المختار، ومن سواهم لا حرمة له عند الله، فهو مبغوض ولا حق ولا حرمة له، وعند ذلك يحل أكل ماله وهم يفترون على الله الكذب في هذا، لأن كل الشعوب والأمم سواء في صون الحقوق الإنسانية، لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى:
إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ [الحجرات: 49/ 13] .
وسبب نزول هذه الآية: أن جماعة من العرب كانت لهم ديون في ذمم قوم من أهل الكتاب، فلما أسلم أولئك العرب، قالت لهم اليهود: نحن لا نؤدّي إليكم شيئا
(1) أي مطالبا بالحق ملازما للمدين.
(2)
أي في العرب المشركين. [.....]
(3)
لا نصيب لهم من الخير.
(4)
لا يرحمهم ويسخط عليهم.
(5)
لا يطهرهم ولا يثني عليهم.
حين فارقتم دينكم (أي الدين الوثني) الذي كنتم عليه، فنزلت الآية في ذلك. وروي أيضا: كان بنو إسرائيل يعتقدون استحلال أموال العرب لكونهم أهل أوثان، فلما جاء الإسلام، وأسلم من أسلم من العرب، بقي اليهود فيهم على ذلك المعتقد، فنزلت الآية حامية من ذلك.
ثم رد الله تعالى عليهم بقوله: بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ أي لا صحة لما قالوا ولا حجة لهم في استحلال أموال غيرهم، وعليهم صيانة الحقوق والوفاء بالذمم والعهود، فمن أوفى بالعهد واتقى عقوبة الله في نقضه، فإنه محبوب عند الله.
ثم ذكر الله سبحانه وعيده وتهديده لمن فعل هذه الأفاعيل، فجحد الحقوق، ونقض المواثيق، وحلف الأيمان الكاذبة، وهؤلاء هم أهل الغدر والخيانة، وجزاؤهم أنه لا نصيب لهم في الآخرة أصلا، ولا يكلمهم الله يوم القيامة كلام رحمة، غضبا عليهم، ولا ينظر إليهم نظرة عطف ورحمة، ولا يزكيهم بالثناء عليهم أصلا ولهم عذاب أليم،
قال عبد الله بن مسعود: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أصحاب الكتب الستة-: «من حلف على يمين، وهو فيها فاجر «1» ليقطع بها مال امرئ مسلم، لقي الله وهو عليه غضبان» . فقال الأشعث بن قيس: فيّ والله نزلت الآية، كان بيني وبين رجل من اليهود أرض، فجحدني، فقدّمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: لك بينة؟ قلت: لا، فقال لليهودي: أتحلف؟ قلت: إذن يحلف، فيذهب بمالي، فأنزل الله عز وجل إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا الآية.
(1) أي كاذب.