الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير سورة الأنفال
حكم الأنفال
يترتب على المعارك الحربية آثار كثيرة في الأموال والأشخاص، ولكل حالة حكم معين في القرآن الكريم، ومن هذه الأحكام حكم الأنفال أي الغنائم الحربية، وكانت أول مشكلة نشأت في موضوع الأنفال بعد معركة بدر، تساءل الناس عن مستحقيها وكيفية قسمتها.
أخرج الإمام أحمد وابن حبان والحاكم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أن المسلمين اختلفوا في غنائم بدر وفي قسمتها، فسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم، كيف تقسم؟ ولمن الحكم فيها، أهي للمهاجرين أم للأنصار أم لهم جميعا؟ فنزلت الآية التالية
في مطلع سورة الأنفال المدنية ما عدا (30- 36) فمكية:
[سورة الأنفال (8) : الآيات 1 الى 4]
بسم الله الرحمن الرحيم
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)
«1» «2» «3» «4» [الأنفال: 8/ 1- 4] .
الأنفال: هي الغنائم، وهي جمع نفل أو نفل، وهو الزيادة على الواجب، وسميت
(1) الغنائم والمراد هنا غنائم بدر.
(2)
أحوالكم الاجتماعية.
(3)
خافت وفزعت.
(4)
يفوضون أمورهم إلى الله.
الغنيمة نفلا لأنها زيادة على القيام بالجهاد وحماية الدين والدعاء إلى الله عز وجل.
ومعنى الآية: يسألك الناس أيها الرسول عن حكم الأنفال لمن هي وكيف تقسم؟
فقل لهم: إن حكمها لله أولا يحكم فيها بما يريد، ثم للرسول يقسمها بينكم كما أمر الله، فأمرها مفوض إلى الله ورسوله، ثم جاء تبيان تفصيلي لمصارف الغنيمة في آية أخرى وهي:
وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [الأنفال: 8/ 41] أي إن الخمس لهؤلاء المحتاجين المذكورين في هذه الآية، والأربعة الأخماس الباقية للغانمين، أما اليوم بعد تنظيم الجيوش النظامية ودفع رواتب دائمة للجند، فتكون الغنائم للدولة.
وإذا كان أمر الغنائم لله ورسوله، فاتقوا الله سبحانه في أقوالكم وأفعالكم، وأصلحوا ذات بينكم من الأحوال حتى تتآلف النفوس، وأطيعوا الله ورسوله في الغنائم وغيرها من كل أمر أو نهي، أو قضاء وحكم.
هذه الأمور الثلاثة: تقوى الله، وإصلاح ذات البين وإطاعة أوامر الله ورسوله يتوقف عليها صلاح الجماعة الإسلامية، إن كنتم مؤمنين، أي مصدقين كلام الله وكاملي الإيمان، فإن التصديق يقتضي الامتثال، وكمال الإيمان يوجب هذه الخصال الثلاث.
ثم ذكر الله تعالى صفات المؤمنين بحق الذين يلتزمون هذه الخصال الثلاث، هذه الصفات هي:
1-
الذين إذا ذكر الله أمامهم خافت قلوبهم، وامتلأت خشية لجلاله وعظمته، وهابت وعيده وتذكرت وعده للمحسنين أعمالهم.
2-
والذين إذا قرئت عليهم آيات القرآن، زادتهم إيمانا وتصديقا، وإقبالا على العمل الصالح لأن كثرة الأدلة والتذكير بها يوجب زيادة اليقين وقوة الاعتقاد.