الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعصية، والخوف من العقاب، وذلك مثل توبة فرعون حينما حضره الموت، وأدركه الغرق، وصار في غمرة الماء، وفي حيّز اليأس، فلم ينفعه ما أظهر من الإيمان.
ولا يقبل الله توبة الذين يموتون وهم كفار، ولا توبة من يؤجل التوبة حتى تحضره الوفاة، لأنها تكون حينئذ قسرية، والأعمال المقبولة لا تكون إلا عند التكليف والاختيار، وأولئك الذين يرجئون التوبة ويؤخرونها عن وقتها المناسب هيأ الله لهم عذابا مؤلما ومذلا في الآخرة، لأنهم أصروا على أخطائهم، واستعبدهم الشيطان إلى الموت.
معاملة النساء
من المعلوم أن المرأة نصف المجتمع، وهي في حكم الله وتقديره تشارك الرجل في تحمل أعباء الحياة، وتعاونه في تحقيق المهام والمعايش، ولقد أنصف الإسلام المرأة وكرمها ورفع مكانتها، وأنزلها منزلة لائقة بها، تتفق مع فطرتها ومهماتها، لأنها شريكة في الحياة، وهي إنسان حي له كرامة وشخصية، وأعطاها من الحقوق المناسبة لطبيعتها وتركيبها وإمكاناتها النفسية والبدنية.
وكانت المرأة في الجاهلية وفي عصور الرومان واليونان تعد من قبيل المتاع، وكان أقارب الزوج المتوفى عند العرب يستولون عليها كرها عنها. روى البخاري أنه كان إذا مات الرجل منهم، كان أولياؤه أحق بامرأته: إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاؤوا زوجوها، وإن شاؤوا لم يزوجوها، أي منعوها الزواج، فهم أحق بها من أهلها، فنزلت الآية الآتية. وكان من عادات العرب في الجاهلية أيضا إذا أرادوا فراق امرأة، رموها بفاحشة، حتى تخاف وتشتري نفسها منه بالمهر الذي دفعه إليها، فنزلت آية أخرى. قال الله تعالى:
[سورة النساء (4) : الآيات 19 الى 21]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (19) وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (21)
«1» «2» «3» «4» «5» [النساء: 4/ 19- 21] .
يخاطب الله المؤمنين بصفة الإيمان الباعثة على الالتزام والطاعة، فيذكر أنه لا يليق بكم أن تعاملوا المرأة كالمتاع، فتستولون عليها وترثونها وهي كارهة، ولا يحل لكم أن تضيقوا عليهن وتضاروهن، حتى يضطررن إلى الافتداء بالمال أو التنازل عن الصداق (المهر) .
قال النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فيما رواه الترمذي وغيره: «استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عوان عندكم «6» ، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله»
أي بعقد الزواج المشروع. لكن ارتكاب الفاحشة أي الزنى مسقط لحق المرأة في المهر. وعليكم أيها المؤمنون وبخاصة الشباب أن تعاشروا نساءكم وتخالطوهن بالمعروف بما تألفه الطباع السليمة، ولا ينكره الشرع والعقل والعرف، من غير تضييق في النفقة ولا إسراف، وكلمة (المعاشرة) تقتضي المشاركة والمساواة، أي كل واحد يعاشر صديقه من جانبه بالمعروف، معرضا عن الهفوات، جالبا السرور، حافظا الود، معينا على الشدائد، قال تعالى: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)[الروم: 30/ 21] .
فإن كرهتم النساء لعيب خلقي أو قبح أو تقصير في أمر أو مرض أو لأسباب
(1) بإكراه منكم، أي مكرهين لهن.
(2)
أي لا تمنعوهن من الزواج، ولا تضيقوا عليهن.
(3)
باطلا وظلما.
(4)
أي تكاشفتم واختلطتم وباشر بعضكم بعضا واطلع على أسراره، وهو كناية عن الوقاع.
(5)
الميثاق الغليظ: عقدة الزواج، أي عهدا وثيقا.
(6)
أي كالأسرى.