الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أداء الشهادات والحقوق بالعدل
الإسلام دين الحق والعدل في كل شيء، مع النفس والأهل والقرابة، وجميع الناس حتى الأعداء، والعدل قائم على الخشية من الله، وتقوى الله في السّر والعلن، والإيمان منبع كل فضيلة، وللمؤمنين الصلحاء جنان الخلد، وللكافرين المكذبين بآيات الله نيران الجحيم، والتقوى والتّوكل على الله حصن ودرع متين من كل شرّ أو سوء، وشكر النعمة الإلهية على العافية والأمن أمر واجب شرعا وعقلا وأدبا، وكتمان الشهادة وشهادة الزور من أكبر الكبائر.
قال الله تعالى:
[سورة المائدة (5) : الآيات 8 الى 11]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (8) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (10) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)
«1» «2» «3» [المائدة: 5/ 8- 11] .
نزلت الآية الأخيرة في رأي الجمهور حينما
ذهب النّبي صلى الله عليه وسلم إلى يهود بني النّضير يستعينهم في دية رجلين قتلهما عمرو بن أمية الضّمري ورجل آخر معه حينما أخبراهما أنهما من الأعداء رهط عامر بن الطفيل الذي جنى على المسلمين وقتلهم في بئر معونة، فنزل الرسول في ظل جدار، فتآمر بنو النضير بينهم على قتله بإلقاء الجدار عليه، فجاء جبريل عليه السلام وأخبره بخطتهم، فقام من المكان وتوجّه إلى المدينة، ونزلت الآية في ذلك.
ومعنى الآيات: يا أيها المؤمنون، أتقنوا الأعمال وأخلصوا فيها لله ورسوله،
(1) شاهدين بالعدل.
(2)
أي لا يحملنكم بغض أو كراهية قوم.
(3)
يبطشوا بكم بالقتل.
وكونوا قائمين بالحق لله تعالى، لا لأجل الناس والرياء، وأدّوا الشهادة بالعدل التّام الذي لا محاباة فيه لقريب أو صديق، ولا جور لأن العدل ميزان الحقوق، وبه سعادة الأمم، وطمأنينة الناس، وبالظلم والجور تنتشر المفاسد ويختل النظام والأمن.
ولا يحملنكم بغض قوم وعداوتهم على ترك العدل فيهم، بل التزموا العدل مع كل الناس، الصديق أو العدو.
والعدل أقرب لاتّقاء الله والبعد عن المهالك والمعاصي، واحذروا عقاب الله إن وقع منكم الجور والمحاباة، فإن الله بصير بأعمالكم، ومجازيكم عليها خيرا أو شرّا.
ثم بيّن الله جزاء المستقيمين، وجزاء العصاة، أما جزاء الأولين، فإن الله وعد الذين آمنوا بالله ورسوله، وعملوا صالح الأعمال التي أمروا بها مغفرة لذنوبهم، أي سترا لها، وأجرا عظيما وهو الجنة ذات الخلود الدائم في نعيمها. وأما العصاة الذين كفروا بالله وتوحيده، وكذّبوا بالآيات الكونية والآيات التنزيلية على الرّسل وأهمها آيات القرآن، فهم أصحاب النار الملازمون لها على الدوام.
والجمع بين هذا الوعد للمؤمنين والوعيد للكافرين هو من أسلوب القرآن الرائع، ليظل الإنسان على وعي وتذكر تامّ لمصير الفريقين، فيرغب في الإيمان والعمل الصالح، ويرهب الوقوع في الكفر وتكذيب آيات الله.
ثم ذكّر الله المؤمنين والنبي صلى الله عليه وسلم بنعمة مخصوصة تستوجب التّذكر الدائم على ممرّ الزمان وهي نعمة إنقاذ النّبي القائد ونجاته من مكر الأعداء وتآمرهم والتخطيط للفتك به، سواء من يهود بني النضير، أو من بني ثعلبة وبني محارب في بطن نخل، في الغزوة السابعة: غزوة ذات الرقاع، أو من غورث بن الحارث الذي شهر سيف النّبي الذي أخذه منه، وهمّ بقتله، وهو لا يخاف منه قائلا له: يمنعني الله منك وهو حديث صحيح.