الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصنف الخامس: وهم الأرقاء أو العبيد المكاتبون المسلمون الذين كاتبهم أو تعاقد معهم أسيادهم على التحرير إذا قدموا أقساطا من المال في فترة زمنية معينة، ولم يعد لهم وجود الآن بعد الاتفاق العالمي على إنهاء الرق من العالم عام 1952.
الصنف السادس: وهم الغارمون، أي المدينون الذين ركبهم الدّين ولا وفاء عندهم به، أو الذين استدانوا مبلغا من المال لإصلاح ذات البين بين فريقين من الناس، ولو كانوا غير مسلمين.
الصنف السابع: في سبيل الله، وهم المجاهدون الذين لا حق لهم في ديوان الجند، يعطون ما ينفقون في معاركهم، ولو كانوا أغنياء، ترغيبا لهم في الجهاد.
الصنف الثامن: ابن السبيل وهو المسافر المحتاج المنقطع في أثناء الطريق عن بلده، أو الذي يريد السفر في طاعة غير معصية، فيعجز عن بلوغ مقصده إلا بمعونة.
والطاعة تشمل الحج والجهاد والزيارة المندوبة، وليست المباحة فقط كالرياضة والسياحة. هؤلاء الأصناف الثمانية هم مستحقو الزكاة دون غيرهم.
أوصاف أخرى للمنافقين
كان القرآن الكريم حكيما معتدلا في حكمه على المنافقين عند نزول الوحي، سكت عنهم في مبدأ الأمر، ثم كشف عن زيفهم وسوء أخلاقهم وطبائعهم، وأظهر خبث أعمالهم وتصرفاتهم، وفحش أقوالهم وكلامهم، وموقفهم العدائي من نبي الله ومن المؤمنين، وهذه أوصاف أخرى لهم، قال الله تعالى:
[سورة التوبة (9) : الآيات 61 الى 63]
وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (61) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ (62) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63)
«1» «2»
(1) سمّاع لكل قول.
(2)
يسمع الخير لا الشر.
«1» [التوبة: 9/ 61- 63] .
نزلت آية إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس- قال: كان نبتل بن الحارث يأتي رسول الله، فيجلس إليه، فيسمع منه، وينقل حديثه إلى المنافقين، فأنزل الله: وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ الآية.
هذا لون آخر من جهالات المنافقين وحماقتهم، فمنهم من كان يقول في رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه أذن، أي سمّاع لكل قول، على وجه الطعن والذم، وإنه يصدق كل من حلف له، فهو أذن سامعة، يسمع كل ما يقال له، ويصدقه، فإذا جئنا إليه وحلفنا له صدّقنا، أي أنه سليم القلب، يغتر بكل ما يسمع، دون أن يتدبر فيه ويميز بين الأمور. فرد الله عليهم بأن النبي أذن خير، لا أذن شر، أي مستمع خير، لا مستمع شر، فيسمع ما يجب استماعه، ولكنه يعرف الصادق من الكاذب، ويعامل المنافقين بأحكام الشريعة وآدابها بناء على الظاهر منهم، ولا يكشف أسرارهم.
إن نبي الله قوي الإيمان، صافي القلب، لا يريد مجابهة المسيء بإساءته، فهو خير شامل ووجه الخيرية أنه يصدق بالله تصديقا جازما، ويؤمن بما أوحي إليه من ربه، ويصدق كلام المؤمنين الخلّص من المهاجرين والأنصار، لا غيرهم، وهو رحمة لأهل الإيمان، يقبل الإيمان الظاهر ولا يكشف الأسرار، مراعاة للمصلحة، وإعطاء للفرصة باستقامة واعتدال المنحرفين، ولا يصدق خبر المنافقين، ويعرف حقيقة أمرهم، وهو رحمة للعالمين، بهدايتهم لما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة.
(1) من يعاد.
وحينما تمادى المنافقون في غيهم وضلالهم، نزلت سورة التوبة (براءة) تفضح شأنهم، فسميت بالفاضحة أو الكاشفة فاضحة المنافقين وكاشفتهم، وكان يقال لها المنبئة لأنها أنبأت بمثالبهم وعوراتهم وقبائحهم.
ومن قبائحهم جميعا أنهم يحلفون كثيرا الأيمان الكاذبة ليرضى المؤمنون عنهم، ويعتذروا عن أفعالهم، ويحاولوا إعلان أنهم من المسلمين في الدين، والحال أن الله تعالى يعلم كذبهم، وأن الله ورسوله أحق بالإرضاء من المؤمنين، فعليهم إظهار الإيمان الصادق والطاعة الحقيقية، إن كانوا مؤمنين بحق.
ثم وبخهم الله تعالى مبينا خطورة هذا الموقف، ومضمون التوبيخ: ألم يعلم هؤلاء المنافقون ويتحققوا أن من عادى الله ورسوله وخالفه بتجاوز حدوده أو الطعن برسوله في أعماله أو أقواله، فجزاؤه جهنم خالدا فيها أبدا، مهانا معذبا فيها إلى الأبد، وذلك العذاب هو الخزي العظيم، أي الذل الكبير والشقاء الشنيع.
وسبب نزول آية يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ فيما
روى ابن المنذر عن قتادة قال: ذكر لنا أن رجلا من المنافقين قال في شأن المتخلفين عن غزوة تبوك الذين نزل فيهم ما نزل من آي القرآن: والله، إن هؤلاء لخيارنا وأشرافنا، وإن كان ما يقول محمد حقا لهم شر من الحمير، فسمعها رجل من المسلمين فقال: والله إن ما يقول محمد لحق، ولأنت شر من الحمار، وسعى بها الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأرسل إلى الرجل فدعاه، فقال: ما الذي حملك على الذي قلت؟ فجعل يتلعن (يلعن نفسه) ويحلف بالله ما قال ذلك، وجعل الرجل المسلم يقول: اللهم صدّق الصادق، وكذّب الكاذب، فأنزل الله: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ.
إن كثرة الحلف من المنافقين كانت بقصد إبعاد التهم والشبهات عنهم، ولكن الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى ويعلم ما تكنه الصدور، كشف أكاذيب المنافقين