الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الخامس:
أن اللبن الذي أخذه المشتري قد كان بعضه في ضرعها وقت وقوع البيع، فهو جزء من المبيع، وبعضه حدث في ضرعها في ملك المشتري بعد وقوع البيع عليها فهو من ملك المشتري، فلما لم يمكن رد اللبن بكماله على البائع؛ لأن بعضه مما يملكه المشتري. ولم يمكن أن يجعل كله للمشتري، لأن بعضه جزء من المبيع، وقد اختلط هذا بهذا، ولم يعرف مقدار واحد منهما، فيفوت الفسخ في المبيع كما لو تصرف المشتري في المبيع المعيب بعد قبضه
(1)
.
ويجاب:
بأن الشرع قد قضى في هذا النزاع، ونص على رد صاع من تمر بدلًا من اللبن المجهول الكمية، فوجب المصير إليه.
موقف الحنفية من حديث أبي هريرة في النهي عن التصرية
.
ادعى الحنفية في رد حديث أبي هريرة دعاوى كثيرة، كلها لا تقف في مواجهة الحديث الثابت الصحيح، منها ما لا ينبغي ذكره، كالكلام الذي يطال شخص الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، فإن مثل هذا لا يقدر الباحث على ذكره تعاظمًا له واستقباحًا، فيرى بدلا من الجواب عليه تجاهله؛ لافتقاره إلى الموضوعية والإنصاف، وأسأل الله أن يغفر لهم ما وقعوا فيه من التعصب الذي أوقعهم في النيل من صحابي جليل كرس حياته لحفظ العلم، وروايته.
ومنها ما يمكن مناقشته والجواب عنه كقولهم: إن هذا الحديث مخالف للكتاب والسنة والأصول من وجوه عندهم:
(1)
انظر شرح معاني الآثار للطحاوي (4/ 20).
أحدها: أن ضمان المتلفات يتقدر بالمثل بالكتاب والسنة، وفيما لا مثل له بالقيمة فإن كان اللبن من ذوات الأمثال فالواجب المثل، والقول قول المشتري في مقداره، وإن لم يكن من ذوات الأمثال فالواجب القيمة فأما إيجاب التمر مكان اللبن فهذا مخالف لما ثبت بالكتاب والسنة.
وثانيها: الأصل أنه إذا قل المتلف قل الضمان وإذا كثر المتلف كثر الضمان وهنا الواجب صاع من التمر قل اللبن أو كثر.
وثالثها: أن حديث المصراة قد خالف الأصول في توقيت خيار العيب بثلاث، مع أن خيار العيب لا يقدر بالثلاث
(1)
.
ورابعها: أن لبن المصراة دين في ذمة المشتري، وإذا أوجبنا في ذمته صاعًا من تمر، كان الطعام بالطعام نسيئة، ودينًا بدين، وهذا ممنوع
(2)
.
وخامسها: أنه معارض لحديث الخراج بالضمان، وهو أصل متفق عليه
(3)
.
(ح-466) فقد روى أحمد من طريق ابن أبي ذئب، قال: حدثني مخلد ابن خفاف بن إيماء، عن عروة.
عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: الخراج بالضمان
(4)
.
[إسناده ضعيف، وضعفه البخاري وأبو داود، وقال الترمذي: العمل على هذا عند أهل العلم]
(5)
.
(1)
انظر المبسوط (13/ 40).
(2)
انظر التمهيد (18/ 217).
(3)
بداية المجتهد (2/ 132).
(4)
المسند (6/ 49، 237).
(5)
في إسناده مخلد بن خفاف بن إيماء، جاء في ترجمته: =