الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو حصانًا، فأجر المشتري الطاحون، أو أكرى الحصان، وقبض الأجرة، ثم تقايل البائع والمشتري فالإقالة صحيحة والأجرة للمشتري.
وحجة هذا القول إجماع الفقهاء على أن الزيادة المنفصلة غير المتولدة كالغلة الحاصلة من تأجير المبيع لا تمنع من رد المبيع بالعيب، والإقالة مقيسة عليه.
جاء في تحفة الفقهاء: «أجمعوا أن الكسب والغلة التي تحدث بعد القبض لا تمنع فسخ العقد»
(1)
.
القول الثاني:
التفريق بين النماء المتصل وبين النماء المنفصل، فالمتصل يتبع المبيع، والمنفصل يكون للمشتري. وهذا مذهب الشافعية
(2)
، ومذهب الحنابلة
(3)
.
وقال ابن رجب في القواعد: «إذا نما المبيع نماء منفصلًا، ثم تقايلا، فإن قلنا: الإقالة بيع، لم يتبع النماء بغير خلاف.
وإن قلنا: فسخ، فقال القاضي: النماء للمشتري، وينبغي تخريجه على وجهين، كالرد بالعيب، والرجوع للمفلس»
(4)
.
(1)
تحفة الفقهاء (2/ 100)، وانظر المبسوط (13/ 103)، بدائع الصنائع (5/ 286)، حاشية ابن عابدين (5/ 100)، المعونة (2/ 1060)، الاستذكار (19/ 58)، مواهب الجليل (4/ 448)، الكافي لابن عبد البر (ص: 348)، القبس (2/ 806)، نهاية المحتاج (4/ 65، 66)، روضة الطالبين (3/ 493)، المهذب (1/ 285)، فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب (1/ 299)، المغني (4/ 109)، الكافي (2/ 84)، المحرر (1/ 324).
(2)
انظر في مذهب الشافعية: مغني المحتاج (2/ 61 - 62)، السراج الوهاج (ص: 189)، منهاج الطالبين (1/ 48)، نهاية المحتاج (4/ 65، 66)، المهذب (1/ 285).
(3)
المغني (4/ 272)، و (5/ 199).
(4)
قواعد ابن رجب (ص: 381)، وانظر الفروع (4/ 124).
وقد تكلمنا في باب الرد بالعيب على حكم الزيادة المتصلة والمنفصلة بما يكفي، ولا يختلف الكلام في ذلك الباب عن الكلام في الإقالة، بجامع أن كلًا منهما فسخ للمعقود عليه.
كما رجحنا هناك بأنه لا فرق بين الزيادة المتصلة، وبين الزيادة المنفصلة، بأن كلًا منهما للمشتري؛ لأنه نماء حدث في ملكه، إلا أن الزيادة المتصلة يكون المشتري فيها شريكًا للبائع بقدر الزيادة الحاصلة، وإذا لم يرغب البائع في شركة المشتري فعليه ألا يقبل الإقالة، وقد تغير المبيع.
قال ابن رجب في القواعد: «(القاعدة الحادية والثمانون): النماء المتصل في الأعيان المملوكة العائدة إلى من انتقل الملك عنه بالمفسوخ تتبع الأعيان على ظاهر المذهب عند أصحابنا.
والمنصوص عن أحمد: أنه لا يتبع، وهو الذي ذكره الشيرازي في المبهج ولم يحك فيه خلافًا، وهو اختيار ابن عقيل، صرح به في كتاب الصداق، والشيخ تقي الدين ..... ويتخرج على ذلك مسائل:
منها: المردود بالعيب إذا كان قد زاد زيادة متصلة، كالسمن، وتعلم صناعة، فالمشهور عند الأصحاب أن الزيادة للبائع تبعًا لأصلها، ولا يستحق المشتري عليه شيئًا.
وخرج ابن عقيل: بأن الزيادة للمشتري، وكذلك قال الشيرازي، وزاد أنه يرجع على البائع بقيمة النماء، وكذلك ذكر الشيخ تقي الدين إبهامه من عموم كلام أحمد في رواية أبي طالب: إذا اشترى غنمًا، فنمت، ثم استحقت، فالنماء له، قال: وهذا يعم المنفصل والمتصل.
قلت (القائل ابن رجب):وقد نص أحمد على الرجوع بقيمة النماء المتصل صريحًا كما قال الشيرازي في رواية ابن منصور: فيمن اشترى سلعة، فنمت عنده، وكان بها داء، فإن شاء المشتري حبسها، ورجع بقدر الدواء، وإن شاء ردها، ورجع عليه بقدر النماء، وتأولها القاضي على أن النماء المتصل يرده معها، وهو ظاهر الفساد؛ لأن الضمير في قوله رجع يعود إلى المشتري، وفي قوله عليه يعود إلى البائع، وإنما يرجع المشتري على [البائع بقيمة] النماء المنفصل ووجه الإجبار هنا على دفع القيمة: أن البائع قد أجبر على أخذ سلعته، ورد ثمنها فكذلك نماؤها المتصل بها يتبعها في حكمها، وإن لم يقع عليه العقد، والمردود بالإقالة والخيار يتوجه فيه مثل ذلك، إلا أن يقال الفسخ للخيار وقع للعقد من أصله، بخلاف العيب والإقالة، وقد صرح بذلك القاضي وابن عقيل في خلافهما وفيه بعد»
(1)
.
هذه بعض الأحكام التي كان الخلاف فيها مبنيًا على الخلاف في حقيقة الإقالة، هل هي بيع أو فسخ، وقد رجحنا أن الإقالة فسخ، إلا أنها إذا كانت بأكثر من الثمن فتعتبر بيعًا، يثبت لها أحكام البيع، والله أعلم.
* * *
(1)
القواعد (ص: 157 - 158).