الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث
خيار لاختلاف المتبايعين
تمهيد
ذكرنا في الباب الأول من كتاب الخيار: خيار التروي، وذكرنا في الباب الثاني خيار النقيصة، وهذا الباب من الخيار هو قسم ثالث، لا يلحق لا بهذا ولا بذاك، ويسمى خيار لاختلاف المتبايعين، وهذا الخلاف يأخذ أشكالًا مختلفة، وقد ذكر صاحب تهذيب الفروق ثمانية عشر نوعًا من الاختلاف بين المتعاقدين
(1)
: من اختلاف في أصل العقد، واختلاف في عين المبيع، واختلاف في قدر الثمن، واختلاف في صفته، واختلاف في أجل أو شرط، واختلاف في التسليم، واختلاف في دعوى فساد العقد لاختلال شرط، أو وجود مانع، واختلاف في دعوى تغير المبيع إذا بيع بصفة أو رؤية متقدمة، واختلاف عند من حدث العيب، إلى غير ذلك، وربما كان الحكم مختلفًا بين كل مسألة وأخرى، فبعضها قد يعطي العاقدين الخيار، وبعضها قد لا يعطي العاقدين الخيار، وسوف أتكلم إن شاء الله تعالى على كل مسألة وأبين خلاف العلماء فيها. أسأل الله وحده عونه وتوفيقه.
وهذا الباب عظيم الشأن؛ وذلك لأن الخلاف يقع كثيرًا بين المتبايعين، والعناية به من أهم الأمور؛ لأن الإسلام حريص على سد أبواب النزاع بين المسلمين، وحريص على إقامة العدل بينهم، ولا يتأتى هذا إلا مع العناية
(1)
تهذيب الفروق (4/ 158).
الشديدة في هذا الباب، وعلى طالب العلم أن يعنى به لمعرفة من المقدم قوله، ولتحديد المدعي من المدعى عليه، ولهذا أفرد الفقهاء في مصنفاتهم فصولًا خاصة في اختلاف المتبايعين، وكان الأليق بهذا الكتاب أن يذكر في باب الأقضية، لعلاقته الشديدة بذلك، ومع ذلك فكثير من الفقهاء تكلموا فيه في باب البيوع، وقد تابعتهم على ذلك تأسيًا بهم.
والكلام في اختلاف المتعاقدين المقصود به عند عدم البينة كما أشار إلى ذلك الفقهاء
(1)
، فإن كان لأحدهما بينة قضي بها بلا نزاع.
(ح-467) لعموم قوله صلى الله عليه وسلم للحضرمي: (ألك بينة) قال لا. قال: (فلك يمينه)
(2)
.
(ح-468) ولما روى البخاري ومسلم من طريق ابن أبي مليكة،
عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه
(3)
.
* * *
(1)
روضة الطالبين (3/ 577)، وانظر الوجيز (9/ 152 - 153).
(2)
أخرجه مسلم (139).
(3)
صحيح البخاري (4552)، ومسلم (1711)، وفي رواية البخاري قصة.