الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والرضا الضمني أو الكناية:
بأن يصدر من المشتري بعد العلم بالعيب فعل يدل على الرضا به، كما لو استغل المبيع لغير ضرورة ولا تجربة
(1)
، أو عرضه للبيع.
فإن حصل مثل ذلك، فقيل: يمتنع الفسخ، وهذا قول عامة أهل العلم
(2)
.
وقيل: لا يسقط خياره، وهو اختيار ابن حزم
(3)
.
وقد تكلمنا على أدلة المسألة في خيار العيب فأغنى عن إعادته هنا، ولله الحمد.
المانع الرابع:
[م-619] أن يوجد مانع يمنع من الفسخ. كما لو تحول المبيع إلى عين أخرى لا يجوز تملكها، كما لو انقلب العصير إلى خمر، فإن هذا مانع يمنع من الفسخ.
(1)
أما إذا استغل المبيع للضرورة، كما لو اشترى ثوبًا، فلبسه، ثم وقف على عيبه، وهو في السوق، ولو خلعه لانكشفت عورته، أو استخدمه للتجربة بعد أن وقف على عيبه، فإن في هاتين المسألتين خلافًا في كون مثل ذلك مانعًا من الرد، وسوف نفردهما في البحث إن شاء الله تعالى، نسأل الله وحده عونه وتوفيقه.
(2)
الفتاوى الهندية (3/ 75)، بدائع الصنائع (5/ 282)، حاشية الدسوقي (3/ 21)، روضة الطالبين (3/ 481)، كشاف القناع (3/ 224)،
قال ابن قدامة في المغني (4/ 120): «فإن استغل المبيع، أو عرضه على البيع، أو تصرف فيه تصرفًا دالًا على الرضا قبل علمه بالعيب لم يسقط خياره
…
وإن فعله بعد علمه بعيبه بطل خياره في قول عامة أهل العلم».
(3)
قال ابن حزم في المحلى، مسألة (1586): «ولا يسقط ما وجب له من الرد: تصرفه بعد علمه بالعيب بالوطء، والاستخدام، والركوب، واللباس، والسكنى، ولا معاناته إزالة العيب، ولا عرضه إياه على أهل العلم بذلك العيب، ولا تعريضه ذلك الشيء للبيع
…
)).
جاء في الفتاوى الهندية: «قال محمد رحمه الله تعالى في الجامع: مسلم اشترى عصيرًا، وقبضه، وتخمر في يده، ثم اطلع على عيب لم يرده، ويرجع بنقصان العيب، فإن قال البائع: أنا آخذ الخمر بعينها فليس له ذلك ; لأن امتناع الرد لحق الشرع
…
»
(1)
.
(2)
.
تكاد تكون هذه الموانع محل اتفاق في الجملة بين الفقهاء، وهناك موانع هي محل خلاف نشير إليها، ونترك التفصيل فيها، لكون التفصيل فيها سبق في كتاب الخيار، فأغنى عن إعادته هنا، ولله الحمد:
من الموانع المختلف فيها: حدوث عيب جديد عند المشتري.
فإذا حدث عيب جديد عند المشتري بعد قبضه، فإن ذلك يمنع من رد السلعة المعيب عند الحنفية
(3)
، وهو القول الجديد للشافعي
(4)
، ورواية عن الإمام أحمد
(5)
، اختارها ابن تيمية
(6)
.
(1)
الفتاوى الهندية (3/ 85)، وانظر البحر الرائق (6/ 54).
(2)
المجموع (11/ 464)، وانظر المبسوط (13/ 66)، مغني المحتاج (2/ 61).
(3)
بدائع الصنائع (5/ 283)، فتح القدير (6/ 365)، المبسوط (13/ 95)، تبيين الحقائق (4/ 34).
(4)
الحاوي (5/ 257).
(5)
الكافي (2/ 85)، الفروع (4/ 105)، الإنصاف (4/ 415 - 416).
(6)
ذكر صاحب الإنصاف عن ابن تيمية أن وطء الأمة الثيب يمنع ردها، اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله، ذكره عنه في الفائق، انظر الإنصاف (4/ 415).
ومن الموانع التي تمنع الرد حدوث زيادة متصلة غير متولدة من المبيع كالصبغ والخياطة للثوب، والبناء والغراس في الأرض. وهذا مذهب الحنفية
(1)
.
ومنها: تلف المبيع عند المشتري، فإذا اشترى الرجل السلعة، ثم وقف على عيب فيها، وقبل ردها تلفت عنده، سواء كان تلفها حسًا كالموت للدابة، والأكل للطعام، أو حكمًا كما لو أوقفها، أو وهبها، فقد ذهب الحنفية
(2)
، والمالكية
(3)
، والشافعية
(4)
، والمشهور في مذهب الحنابلة
(5)
، إلى أن تلف المعقود عليه يسقط خيار العيب، ويمنع من الفسخ.
هذه تقريبًا بعض موانع الفسخ للبيع المختلف فيها، ومن أحب أن يقف على الخلاف فعليه مراجعة كتاب الخيار، فإني قد وضحت عند كل خيار ما يمنع من الرد، والحمد لله على توفيقه وإعانته.
* * *
(1)
فتح القدير (6/ 367)، بدائع الصنائع (5/ 286)، البحر الرائق (6/ 55)، المبسوط (13/ 34)، حاشية ابن عابدين (5/ 19).
(2)
بدائع الصنائع (5/ 283)، البحر الرائق (6/ 58)، المبسوط (13/ 115).
(3)
الشرح الكبير (3/ 124)، الذخيرة (5/ 98).
(4)
السراج الوهاج (ص: 187)، المهذب (1/ 286)، روضة الطالبين (3/ 474)، مغني المحتاج (2/ 54)، الوسيط (3/ 128).
(5)
المبدع (4/ 93)، الإنصاف (4/ 419)، المغني (4/ 119)، الكافي (2/ 86).