الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول
الاختلاف في عقد البيع
الاختلاف في عقد البيع يأتي على أكثر من وجه، فقد يختلف المتعاقدان في وجود عقد البيع، سواء اختلفا في أصل العقد، كأن يدعي أحدهما البيع، والآخر ينكره، أو اختلفا في جنس العقد كأن يدعي أحدهما أن العقد عقد معاوضة كالبيع مثلًا، ويدعي الآخر أن العقد عقد هبة، أو عارية، ففي المسألتين الخلاف واقع على وجود عقد البيع.
وقد يختلفان في صفة العقد، كأن يدعي أحدهما لزوم العقد ويدعي أحدهما وجود خيار فيه، أو اختلفا في صحة العقد وبطلانه، كأن يدعي أحدهما فسادًا في العقد بسبب اختلال شرط في صحته، كالجهل في الثمن، أو عدم القبض في بيع يعتبر القبض شرطًا لصحة العقد كالصرف، ونحو ذلك، والآخر يدعي سلامته من ذلك المفسد، وفي هاتين المسألتين الخلاف واقع على صفة العقد، وسوف نتعرض إن شاء الله تعالى لكل مسألة من هذه المسائل مع ذكر خلاف أهل العلم، وبيان الراجح منها، أسأل الله وحده عونه وتوفيقه.
* * *
المبحث الأول
الاختلاف على أصل العقد
قال القرافي: الأصل بقاء الأملاك على ملك أربابها والنقل والانتقال على خلاف الأصل
(1)
.
وقال ابن قدامة: الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت زواله
(2)
.
وقال السيوطي: الأصل العدم وبراءة الذمة
(3)
.
[م-583] إذا اختلف العاقدان على أصل العقد، مثل أن يقول البائع: بعتك هذا الشيء بألف، فيقول الآخر: ما اشتريت.
أو يقول المشتري: اشتريت منك هذه السلعة بألف، فيقول المالك: ما بعت.
فإذا أنكر أحدهما وجود بيع بينهما، فالقول قول منكر العقد مع يمينه بائعًا كان أو مشتريًا، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء.
قال القرافي: «الاختلاف في وقوع العقد، فيصدق منكره مع يمينه إجماعًا»
(4)
.
(1)
الفروق (1/ 188).
(2)
المغني (10/ 266).
(3)
الأشباه والنظائر (ص:66).
(4)
الذخيرة (5/ 321)، الفواكه الدواني (2/ 228)، وانظر تكملة فتح القدير (8/ 211)، الفتاوى الهندية (4/ 33)، وقال الماوردي في الحاوي (5/ 296): «اعلم أن اختلاف المتبايعين على ضربين:
أحدهما: أن يختلفا في أصل العقد.
والثاني: في صفته.
فإن كان اختلافهما في أصل العقد مثل أن يقول البائع: بعتك عبدي بألف، فيقول الآخر:
…
ما اشتريته
…
فالقول قول منكر العقد مع يمينه بائعًا كان أو مشتريًا، ولا تحالف بينهما لقوله صلى الله عليه وسلم: البينة على من ادعى واليمين على من أنكر .... ». ونقله المطيعي بنصه في تكملة المجموع، ولم ينسبه (12/ 156).
لكن قال ابن فرحون: «لا يمين على المدعى عليه، إذا كانت السلعة بيد صاحبها»
(1)
. والأول أصح.
(ح-469) لما رواه البخاري ومسلم من طريق ابن أبي مليكة.
عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه
(2)
.
(ح-470) ولما رواه مسلم من طريق أبي الأحوص، عن سماك، عن علقمة بن وائل.
عن أبيه، في قصة الحضرمي والكندي اللذين اختلفا في الأرض، وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحضرمي: ألك بينة، قال: لا. قال: فلك يمينه
…
الحديث
(3)
.
قال القرطبي: «قوله للحضرمي: (ألك بينة)
…
دليل على أن المدعي يلزمه إقامة البينة، فإن لم يقمها حلف المدعى عليه، وهو أمر متفق عليه»
(4)
.
ولأن الأصل عدم وجود العقد حتى يقوم الدليل على وجوده.
ولأن الأصل أيضًا براءة ذمة الإنسان من حق الغير حتى يثبت العكس.
* * *
(1)
التبصرة (1/ 252).
(2)
صحيح البخاري (4552)، ومسلم (1711)، وفي رواية البخاري قصة.
(3)
صحيح مسلم (139).
(4)
المفهم (1/ 348).