الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول الثاني:
يصح الإيجاب والقبول بالفعل المضارع، ويلزم به، لكن لو قال: إنه لم يرد البيع، حلف، ولم يلزمه، فإن أبى أن يحلف لزمه. وهذا مذهب المالكية
(1)
.
القول الثالث:
لا يصح الإيجاب والقبول بالفعل المضارع، اختاره بعض المتقدمين من الحنفية
(2)
، وهو المشهور من مذهب الحنابلة
(3)
.
وقد ذكرنا أدلة الأقوال في أول الكتاب. وإذا كان هذا الخلاف في عقد البيع، فإن الإقالة مقيسة عليه؛ لأن الكلام على دلالة اللفظ وصلاحيته للإيجاب والقبول بيعًا كان العقد أو إقالة أو غيرهما واحد.
والراجح عندي أن مرد ذلك إلى العرف، فإذا كان العرف يستعمل المضارع في عقوده، بيعًا وإقالة، ونكاحًا وغيرها صح استعمال المضارع، وإن كان العرف لا يعتد بذلك استبعد لفظ المضارع من صيغ الإقالة، والله أعلم.
ولذلك قد تجد صيغة الماضي صالحة لإنشاء بعض العقود، وغير صالحة لإنشاء عقود أخرى، والصيغة هي الصيغة، ومرد ذلك إلى العرف.
يقول القرافي: «إن الشهادة تقع بالمضارع دون الماضي واسم الفاعل، فيقول الشاهد: أشهد بكذا عندك ..... ولو قال: شهدت بكذا .... لم يقبل منه، والبيع يصح بالماضي دون المضارع عكس الشهادة، فلو قال: أبيعك بكذا، أو قال:
(1)
مواهب الجليل (4/ 231)، حاشية الدسوقي (3/ 4).
(2)
العناية شرح الهداية (6/ 250)، البحر الرائق (5/ 279).
(3)
النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر (1/ 252)، كشاف القناع (3/ 147)، الإنصاف (4/ 261).
أبايعك بكذا، لم ينعقد البيع عند من يعتمد على مراعاة الألفاظ كالشافعي .... » ثم بين القرافي سبب ذلك «وسبب هذه الفروق بين الأبواب النقل العرفي من الخبر إلى الإنشاء، فأي شيء نقلته العادة لمعنى صار صريحًا في العادة لذلك المعنى بالوضع العرفي، فيعتمد عليه الحاكم لصراحته، ويستغني المفتي عن طلب النية معه لصراحته بالوضع
…
»
(1)
.
* * *
(1)
الفروق (1/ 53).