الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صحيحًا كما أمر الله تعالى، وكذب البائع معصية لله تعالى، ليست معقودًا عليها، فهو كزناه لو زنى، أو شربه الخمر لو شرب، ولا فرق
(1)
.
الراجح من الخلاف:
بعد استعراض الأقوال أجد أن القول بأن المشتري بالخيار إلا أن يرضى البائع بحط الزائد وما يقابله من الربح، ولا أرى إلزام البائع بحط الزائد خوفًا من أن نكون أكرهناه على إخراج ماله بغير الثمن الذي ارتضاه، فإذا أسقطه من قبل نفسه فلا حاجة إلى خيار المشتري؛ لأنه لا ضرر عليه والحالة هذه؛ ولأن القول بالخيار والحالة هذه قد يتخذها المشتري وسيلة للتخلص من المبيع الذي لزمه خاصة إذا كانت قيمة السلع قد نقصت في السوق، فيستغل هذا ليتخلص من التزاماته، ويقع ضرر على البائع دون حاجة إلى ذلك، والله أعلم.
تنبيه:
إذا اشترى سلعة مرابحة، فعلم المشتري أن البائع كذب في رأس المال، فرضي المشتري بالسلعة، ثم أراد أن يبيعها مرابحة، فذكر في المدونة أنه لا يبيعها مرابحة حتى يبين
(2)
.
* * *
(1)
المحلى، مسألة (1516).
(2)
المدونة (4/ 238).
المبحث الثاني
ظهور الخيانة في بيع التولية والشركة والوضعية
[م-582] الأصل أن كلًا من المرابحة والتولية والشركة والوضيعة كلها من بيوع الأمانات، فالحكم في واحد منها لا يختلف عن الحكم في سائرها، والذي حملني على فصل الخيانة في عقد المرابحة عن غيرها أن أبا حنيفة وبعض الشافعية اختلف حكمهم في المرابحة عن حكمهم في التولية والشركة والوضيعة، فاحتاج الأمر إلى فصل المرابحة عن باقي بيوع الأمانة.
فإذا ظهرت الخيانة في عقد التولية، والشركة، والوضيعة فقد اختلف الفقهاء فيها على أقوال:
القول الأول:
يحط القدر الزائد، ولا خيار للمشتري.
وإلى هذا ذهب أبو حنيفة
(1)
، وأبو يوسف
(2)
، وهو القول الأظهر عند الشافعية
(3)
، والصحيح في مذهب الحنابلة
(4)
.
(1)
وهذا خلاف قوله في المرابحة حيث قال: يخير بين الفسخ، أو أخذ المبيع بجميع الثمن.
(2)
الاختيار لتعليل المختار (2/ 29)، المبسوط للسرخسي (13/ 86)، الهداية (3/ 56 - 57)، البحر الرائق (6/ 120)، بدائع الصنائع (5/ 226)، تبيين الحقائق (4/ 75)، وغالب كلام الحنفية في التولية والمرابحة، ولم يتطرقوا إلى الشركة والوضيعة، لكن قال في الاختيار لتعليل المختار (2/ 29):«إن علم بخيانة في التولية أسقطها من الثمن، وهو القياس في الوضيعة» . اهـ وقال في حاشية ابن عابدين (4/ 566): «وله الحط قدر الخيانة في التولية لتتحقق التولية، قال ح: وينبغي أن تكون الوضيعة كذلك» . وأما الشركة فإنها تولية إلا أنها ببعض المبيع.
(3)
الحاوي (5/ 285 - 286)، المهذب (1/ 290)، مغني المحتاج (2/ 79)، التنبيه (ص: 96)، حواشي الشرواني (4/ 435).
(4)
الفروع (4/ 118)، كشاف القناع (3/ 231)، مطالب أولي النهى (3/ 128)، المغني (4/ 130)، ولم يفرق الشافعية والحنابلة بين المرابحة وبين أخواتها كالوضيعة، والتولية، والشركة.