الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
فسخ العقد لفوات شرط العلم بالمعقود عليه
[م-645] هل يفسخ العقد إذا فات شرط العلم بالمعقود عليه؟ اختلف العلماء في ذلك.
فقيل: يشترط أن يكون كل واحد من المتعاقدين عالمًا بالمعقود عليه قدرًا وصفة، فإن جهل أحدهما المبيع أو الثمن فسد البيع، وهذا مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة
(1)
.
وأجاز بعض الحنفية أن يكون المبيع مجهولًا للبائع إذا كان المشتري عالمًا به، كما لو باع رجل حصته، وهو لا يعرف مقدارها، صح البيع، إلا أنه إن كان في البيع غبن ثبت له خيار الغبن
(2)
.
(1)
العناية شرح الهداية (6/ 260)، مجمع الأنهر (2/ 8)، البحر الرائق (5/ 294 - 295)، تبيين الحقائق (4/ 4 - 5)، بدائع الصنائع (5/ 156)، الفتاوى الهندية (3/ 3)، مواهب الجليل (4/ 276)، حاشية الدسوقي (3/ 15)، الخرشي (5/ 22)، أنوار البروق في أنواع الفروق (3/ 240)، عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة (2/ 623)، المجموع (9/ 174)، حاشيتا قليوبي وعميرة (2/ 201)، السراج الوهاج (ص: 175)، مغني المحتاج (2/ 16)، المبدع (4/ 24)، الإنصاف (4/ 295)، شرح منتهى الإرادات (2/ 12)، مطالب أولي النهى (3/ 26 - 27).
(2)
جاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام (1/ 178): «ذكر في متن المجلة أن المبيع يجب أن يكون معلومًا للمشتري، وهذا التقييد يؤخذ منه أنه لا يشترط أن يكون المبيع معلومًا للبائع، فعلى هذا إذا قال رجل لآخر: إن أرضك التي تحت يدي لا تصلح لشيء، وقد اشتريتها منك بخمسين قرشًا، فقال الآخر: قد بعتكها، فالبيع صحيح، وليس للبائع خيار الرؤية (انظر المادة 322)، وكذلك إذا باع حصته في دار، وكان المشتري عالمًا بمقدار تلك الحصة فالبيع صحيح عند محمد، ولو كان البائع لا يعرف مقدار حصته فيها (رد المحتار) إلا أنه إذا كان في البيع غبن وتضرير ثبت للبائع خيار الغبن والتضرير كما سيرد في المادة 357» . وانظر من نفس الكتاب (1/ 188).
واختار بعض المالكية أنه لا يفسد البيع إلا إذا جهلاه معًا، أو جهله أحدهما وعلم الآخر بجهله، وأما إذا لم يعلم الآخر بجهله فلا يفسد البيع، ولكن يخير الجاهل بين إمضاء البيع وبين الفسخ
(1)
.
وقد اختار بعض الحنفية، والباجي من المالكية جواز بيع الشيء، ولو لم يعلم المشتري جنس المبيع فضلًا عن معرفة صفته، كما لو قال: بعتك ما في كمي إذا كان الخيار للمشتري بعد رؤيته للمبيع
(2)
.
وقد ذكرنا أدلة كل قول في الشرط الثالث من شروط المعقود عليه. فأغنى عن إعادته هنا.
* * *
(1)
انظر حاشية الدسوقي (3/ 15)، وقال في الشرح الصغير (3/ 30 - 31):«لا بد من كون الثمن والمثمن معلومين للبائع والمشتري، وإلا فسد البيع. وجهل أحدهما كجهلهما، سواء علم العالم بجهل الجاهل أو لا، وقيل: يخير الجاهل منهما إذا لم يعلم العالم بجهله» اهـ
وقال الحطاب في مواهب الجليل (4/ 276): من شرط صحة البيع أن يكون معلوم العوضين فإن جهل الثمن أو المثمون لم يصح البيع وظاهر كلامه أنه متى حصل الجهل بأحد العوضين من المتبايعين أو من أحدهما فسد البيع وصرح بذلك الشارح في الكبير وهو ظاهر التوضيح أيضا وقال ابن رشد في رسم أوصى من سماع يحيى من جامع البيوع وفي رسم الكبش من سماع يحيى من كتاب الصلح: لا يكون البيع فاسدًا إلا إذا جهلا معًا قدر المبيع، أو صفته، أو جهل ذلك أحدهما وعلم الآخر بجهله، وتبايعا على ذلك، أما إذا علم أحدهما، وجهل الآخر ولم يعلم بجهله فليس ببيع فاسد، وإنما هو في الحكم كبيع غش وخديعة يكون الجاهل منهما إذا علم مخيرًا بين إمضاء البيع أو رده.
(2)
فتح القدير (5/ 137)، وقال ابن عابدين في حاشيته (4/ 29):«ولو قال: بعتك ما في كمي فعامتهم على الجواز» . وانظر المنتقى للباجي (4/ 287 - 288).