الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالباطل عندهم: هو البيع الذي في ركنه خلل، كبيع المجنون، وغير المميز وبيع الميتة.
والفاسد: ما كان مشروعًا بأصله دون وصفه
(1)
، كما لو باع شيئًا بثمن مؤجل إلى مدة غير معلومة، أو كان البيع في حال الإكراه، أو اشتمل البيع على وصف محرم كالربا
(2)
.
وأما حكم البيع الفاسد والبيع الباطل:
فالبيع الباطل يتفقون جميعًا على أنه لا يفيد الملك، وأن وجوده كعدمه، ولا ينقلب إلى عقد صحيح
(3)
؛ لأن الشارع لم يأذن به، فوجوده كعدمه.
كما يتفقون على أن البيع الفاسد لا أثر له قبل قبضه، وأنه يجب فسخه، ورده، ولا يتوقف فسخه على رضا الطرفين، ما دامت عينه قائمة ولم تتغير، ولم يتصرف فيها قابضها. وهذا ما يعنينا في كتاب الفسخ.
قال ابن عابدين الحنفي في حاشيته: «الفاسد يجب فسخه على كل منهما بدون رضا الآخر، وكذا للقاضي فسخه بلا رضاهما»
(4)
.
(1)
مجلة الأحكام العدلية، المادة (362، 364، 107، 108، 109، 110).
(2)
حاشية ابن عابدين (4/ 503)، البحر الرائق (6/ 75)، وزاد بعض الحنفية العقد الموقوف، وجعلوه قسمًا مستقلًا، بينما جمهور الحنفية يرون الموقوف نوعًا من العقد الصحيح، انظر الفتاوى الهندية (3/ 3)، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 4)، مجلة الأحكام العدلية، المادة (106): حيث قالوا: إن العقد إن أفاد الحكم في الحال فنافذ، وإن لم يفده أصلًا فباطل، وإن لم يفده في الحال بل عند الإجازة فموقوف، وإن لم يفده في الحال ولا عند الإجازة، ولكن عند القبض ففاسد.
(3)
الحاوي (6/ 110، 95)، شرح منتهى الإرادات (2/ 60)، الموسوعة الكويتية (12/ 58).
(4)
حاشية ابن عابدين (5/ 124).
وقال ابن الجلاب المالكي في كتابه التفريع: «من اشترى شيئًا بيعًا فاسدًا فسخ بيعه، ورد المبيع على بائعه»
(1)
.
(2)
.
واختلفوا في قبضه، هل يفيد الملك إذا قبض؟
فقال الحنفية: إذا قبض بإذن صاحبه أفاد الملك
(3)
.
وقالت المالكية: يفيد شبهة الملك
(4)
.
وذهب الشافعية والحنابلة: إلى أنه لا يفيد الملك أبدًا.
(5)
.
وقال ابن قدامة: «وكل موضع فسد به العقد لم يحصل به ملك، وإن قبض؛ لأنه مقبوض بعقد فاسد، فأشبه ما لو كان الثمن ميتة، ولا ينفذ تصرف المشتري
(1)
التفريع لابن الجلاب (2/ 180).
(2)
بداية المجتهد (2/ 145).
(3)
انظر المبسوط (13/ 22 - 23)، تبيين الحقائق (4/ 61)، العناية شرح الهداية (6/ 459 - 460)، الهداية مع فتح القدير (6/ 404)، البدائع (5/ 107)، وسوف أتوسع إن شاء الله تعالى في مبحث خاص في مسألة ضمان ما قبض بعقد فاسد، انظر القواعد المهمة في العقود.
(4)
مواهب الجليل (4/ 222)، منح الجليل (5/ 26).
(5)
روضة الطالبين (3/ 408).
فيه، وعليه رده بنمائه المنفصل والمتصل، وأجرة مثله مدة مقامه في يده، ويضمنه إن تلف أو نقض بما يضمن به المغصوب؛ لأنه ملك غيره حصل في يده بغير إذن الشرع، أشبه المغصوب»
(1)
.
واختلفوا في وجوب فسخه إذا تصرف فيه قابضه أو تغير:
فذهب الحنفية إلى أنه يبطل حق الفسخ إذا هلك المبيع في يد المشتري، أو استهلكه، أو أخرجه من يده ببيع صحيح، أو بهبة، أو زاد فيه المشتري شيئًا من ماله، كما لو كان المبيع دارًا فعمرها، أو أرضًا فغرس فيها أشجارًا، أو تغير اسم المبيع بأن كان حنطة، فطحنها، وجعلها دقيقًا
(2)
.
وقال مالك: يفسخ ما لم يفت
(3)
.
وقال الشافعية والحنابلة: يفسخ أبدًا حيثما وقع، وكيفما وجد، فات أو لم يفت.
قال في منح الجليل: «قال مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنهم: النهي يدل على الفساد.
وقال أبو حنيفة: يدل على الصحة.
فكل واحد طرد أصله إلا مالكًا - أي لم يطرد حكمه في هذا الباب -
فقال أبو حنيفة: يجوز التصرف في المبيع بيعًا فاسدًا ابتداء وهذه هي الصحة.
وقال الشافعي ومن وافقه: لا يثبت أصلًا، ولو تداولته الأملاك وهذا هو الفساد ....
(1)
الكافي في فقه الإمام أحمد (2/ 40).
(2)
انظر المادة رقم (372).
(3)
أحكام القرآن لابن العربي (4/ 182).