الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث التاسع
الإقالة مع تعيب المبيع عند المشتري
[م-671] إذا تعيب المبيع عند المشتري، ثم أقال أحدهما الآخر، فوجد البائع أن السلعة فيها عيب، فهل له حق الرد بالعيب؟ في هذا خلاف بين العلماء.
ذهب أبو حنيفة إلى أن تعيب السلعة يمنع من الإقالة، وإن كان يرى أن الإقالة فسخ؛ لأن القاعدة عندهم تقول: ما يمنع الرد بالعيب يمنع من الإقالة، ومعلوم أن المشتري لو اشترى سلعة، فوجد بها عيبًا، ثم حدث بها عيب جديد عند المشتري سقط حقه في الرد عند الحنفية، فكذلك الإقالة إذا حدث بها عيب عند المشتري امتنعت الإقالة عند أبي حنيفة
(1)
.
أما من يرى أنها بيع كأبي يوسف، فله الرد بالعيب مطلقًا، لأن الإقالة بيع عنده، وكذلك له الرد بالعيب عند محمد كما لو تعذر حمل الإقالة على الفسخ وذلك فيما لو أقاله بأكثر من الثمن، فإنه يعتبرها بيعًا في هذه الحالة، فتعطى حكمه
(2)
.
وكذلك ذهب المالكية إلى أن له رد الإقالة بالعيب.
جاء في شرح الزرقاني على مختصر خليل: «ولو حدث بالمبيع عيب وقت ضمان المشتري، ولو لم يعلم به البائع إلا بعد الإقالة، فله الرد به»
(3)
.
(1)
فتح القدير (6/ 493).
(2)
فتح القدير ومعه العناية على الهداية (6/ 490 - 491).
(3)
شرح الزرقاني (5/ 169)، وانظر الشرح الكبير (3/ 155).
ورأى الشافعية أنه لو تعيب في يده غرم المشتري الأرش على اعتبار أن الإقالة فسخ، وهو الأصح، وعلى القول بأنها بيع: يتخير البائع بين أن يجيز ولا أرش له، أو يرد الإقالة ويأخذ الثمن
(1)
.
وأما الحنابلة فالمتأخرون منهم يرون أن الإقالة لا ترد بالعيب. قال في كشاف القناع: «ولا ترد الإقالة بعيب في المقال فيه؛ لأن الفسخ لا يفسخ»
(2)
.
(3)
.
وعندي أن له الخيار حتى على القول بأن الإقالة فسخ؛ لأن المقيل إنما أقاله بناء على سلامة المبيع من العيب، فإذا حدث به عيب فإن الرضا بالإقالة الصادر من المقيل يكون غير متحقق، لأنه إنما رضي أن ترجع إليه سلعته كما كانت، فلما لم يطلعه المشتري بما أحدثه من عيب في السلعة فإنه قد يكون قد غره بذلك، فيثبت له خيار الغرر، والله أعلم.
ثم وقفت على كلام للسرخسي نحو ما ذكرت، أنقله بحروفه:
(1)
الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: 172)، حواشي الشرواني (4/ 367)، أسنى المطالب (2/ 75).
(2)
كشاف القناع (3/ 250).
(3)
القواعد لابن رجب (ص: 381).
(1)
المبسوط (25/ 165).