الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذي أنزله على رسوله؛ فلا يزال محفوظًا بحفظ اللَّه محميًا بحمايته لتقوم حجة اللَّه على عباده قرنًا بعد قَرْن؛ إذ كان نبيُّهم آخر الأنبياء ولا نبيَ بعده؛ فكان حفظه لدينه وما أنزله على رسوله مُغنيًا عن رسول آخر بعد خاتم الرسل، والذي أوجبه اللَّه سبحانه وفَرَضه على الصحابة من تلقِّي العلم والهدى من القرآن والسنة دون غيرهما هو بعينه واجبٌ على مَنْ بعدهم، وهو مُحكم لم يُنسخ ولا يتطرق إليه النسخ حتى ينسخ اللَّه العَالَم أو يطوي الدنيا، وقد ذم اللَّه تعالى من إذا دُعي إلى ما أنزل اللَّه وإلى رسوله صدَّ وأعرض، وحذَّره أن تُصيبه مصيبة بإعراضه عن ذلك في قلبه ودينه ودنياه، وحَذَّر من خالف عن أمره واتبع غيره أن تصيبه فتنة أو يصيبه عذاب أليم؛ فالفتنة في قلبه، والعذاب الأليم في بدنه وروحه (1)، وهما (2) متلازمان؛ فمن فُتن في قلبه بإعراضه عما جاء به ومخالفته له إلى غيره أصيب بالعذاب الأليم ولا بد، وأخبر سبحانه أنه إذا قضى أمرًا على لسان رسوله لم يكن لأحد من المؤمنين أن يختار من أمره غير ما قضاه، فلا خيرة بعد قضائه لمؤمن (3) ألبتَّة، ونحن نسأل المقلدين: هل يمكن أن يَخفى قضاء اللَّه ورسوله على من قلَّدتموه دينكم في كثير من المواضع أم لا؟ فإن قالوا: "لا يمكن أن يخفى عليه ذلك" أنزلوه فوق منزلة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة كلهم.
[مثل مما خفي على كبار الصحابة]
فليس أحد منهم إلا وقد خفي عليه بعض ما قضى اللَّه ورسوله به.
[مسائل خفيت على أبي بكر]
فهذا الصِّديق [رضي الله عنه](4) أعلم الأمة به خَفي عليه ميراث الجَدَّة حتى أعلمه به محمد بن مَسْلمة والمُغيرة بن شعبة (5)، وخفي عليه أن الشَّهيد لا دِية له
(1) في (ن) و (ق) و (ك): "في قلبه وروحه".
(2)
في (ك): "وكلاهما" وأشار فوق (كلا) إلى أنها هكذا في نسخة.
(3)
ساقطة من (ق) و (ك).
(4)
ما بين المعقوفتين من (ق) و (ك).
(5)
رواه مالك في "الموطأ"(2/ 513) في (الفرائض): باب ميراث الجدة، ومن طريقه رواه أبو داود (2894) في (الفرائض): باب ميراث الجدة، والترمذي (2101) في (الفرائض): باب ما جاء في ميراث الجدة، والنسائي في "السنن الكبرى"(4/ 75 رقم 6346)، وابن ماجه (2724) في (الفرائض): باب ميراث الجدة، وابن الجارود (959)، وأبو يعلى (119)، وابن حبان (6031)، والبغوي (2221) والبيهقي في "السنن =
حتى أعلمه به عمر فرجع إلى قوله (1).
= الكبرى" (6/ 234)، وأحمد في "مسنده" (4/ 225 - 226) عن ابن شهاب عن عثمان بن إسحاق بن خَرَشة عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر. . . والحديث رجاله ثقات، لكن عثمان بن إسحاق هذا ليس له إلا هذا الحديث، قال الدوري عن ابن معين: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، أما ابن عبد البر فقال: فهو معروت النسب، إلا أنه غير مشهور بالرواية، وفي سماع قبيصة من أبي بكر نظر، فقد قال الحافظ في "التخليص الحبير" (3/ 82): إسناده صحيح؛ لثقة رجاله إلا أنه صورته الإرسال، فإن قبيصة لا يصح له سماع من الصديق، ولا يمكن شهوده القصة. قاله ابن عبد البر بمعناه، وقد اختلف في مولده، والصحيح أنه ولد عام الفتح، فيبعد شهوده القصة، وقد أعلَّه عبد الحق تبعًا لابن حزم بالانقطاع.
وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء"(4/ 282): روي عن أبي بكر -إن صح-.
ورواه الترمذي (2100)، والنسائي في "الكبرى"(6345)، وابن أبي شيبة (11/ 320 - 321) وسعيد بن منصور (رقم 80)، عن سفيان، حدثنا الزهري، قال مرة: قال قبيصة، وقال مرة: عن رجل عن قبيصة بن ذؤيب به.
ورواه عبد الرزاق (10/ 274 - 275 رقم 19083)، وأحمد (4/ 225)، وأبو يعلى (120)، وابن ماجه (2724)، والنسائي في "الكبرى"(6339 - 6344)، والحاكم (4/ 338)، وآخرون، أشار إلى روايتهم الدارقطني في "العلل"(1/ 249) من طرق عن الزهري عن قبيصة به، بإسقاط الواسطة.
ورجَّح الدارقطني في "العلل" إثبات الواسطة: عثمان بن إسحاق. قال النسائي: الزهري لم يسمعه من قبيصة.
ورواه الدارمي (1/ 359) من طريق الأشعث عن الزهري قال: جاءت الجدة. . . معضلًا.
(1)
وقع ذلك في قصة طويلة: أخرجها البيهقي في "السنن الكبرى"(8/ 335) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع وأبو عبيد (254) وعنه ابن زنجويه (2/ 465 - 461 رقم 742) كلاهما في "الأموال"، عن عبد الرحمن بن مهدي والأشجعي ثلاثتهم عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: جاء وفد بزاخة أسد وغطفان إلى أبي بكر رضي الله عنه يسألونه الصلح فخيرهم أبو بكر رضي الله عنه بين الحرب المجلية أو السلم المخزية قال: فقالوا: هذا الحرب المجلية قد عرفنا فما السلم المخزية قال أبو بكر رضي الله عنه: تؤدون الحلقة والكراع وتتركون أقوامًا تتبعون أذناب الإبل حتى يرى اللَّه خليفة نبيه والمسلمين أمرًا يعذرونكم به وتدون قتلانا ولا ندي قتلاكم وقتلانا في الجنة وقتلاكم في النار وتردون ما أصبتم منا ونغنم ما أصبنا منكم قال: فقال عمر رضي الله عنه: قد رأيت رأيًا وسنشير عليك إما أن يؤدوا الحلقة والكراع فنعما رأيت، وأما أن يتركوا قومًا يتبعون أذناب الإبل حتى يرى اللَّه خليفة نبيه والمسلمين أمرًا يعذرونهم به فنعما رأيت، وأما أن نغنم ما أصبنا منهم ويردون ما أصابوا منا فنعما رأيت، وأما أن قتلاهم في النار وقتلانا في الجنة فنعما =