الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على إجازته (1)، فلو قال له:"طلِّقها طلاقًا رجعيًا"، كان ذلك إجازة منه للنكاح، فلو قال له:"طلِّقها"، ولم يقل:"رجعيًا"، لم يكن إجازة للنكاح مع أن الطلاق في هذا النكاح لا يكون [إلا](2) رجعيًا إلا بعد الإجازة (3)، وقبل الدخول، وأمّا قبل الإجازة والدخول فلا ينقسم إلى بائنٍ ورجعي.
[من أدرك ركعة من الصبح]
المثال الثامن والعشرون: رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في أن من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلعَ الشمس فقد أدرك الصبح (4)، بكونها خلاف الأصول وبالمتشابه من نهيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة وقت طلوع الشمس (5)، قالوا: والعامُّ عندنا يُعارض الخاص فقد تَعارضَ حاظرٌ ومُبيح، فقدَّمنا الحاظر احتياطًا؛ فإنه يُوجب عليه إعادة الصلاة، وحديث الإتمام يُجوِّز له المضي فيها، وإذا تعارضا صِرْنا إلى النص الذي يوجب الإعادة لنتيقَّن براءة الذمة، فيقال: لا ريب أن
(1) وهذا قول الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب وشريح والشعبي، وبه قال أبو حنيفة ومالك، وهو رواية عن أحمد.
انظر: "الإشراف"(4/ 129) لابن المنذر، و"الجامع لأحكام القرآن"(5/ 141)، و"فتح القدير"(3/ 390)، و"مختصر اختلاف العلماء"(2/ 281 رقم 763)، و"الجامع الصغير"(154)، و"مختصر الطحاوي"(175)، و"المدونة"(2/ 199)، و"الدر المختار"(3/ 97، 163)، و"شرح الزرقاني"(3/ 194)، و"جواهر الإكليل"(9/ 436)، و"المغني"(1/ 285)، وبسط المسألة مع أدلتها في "أحكام الإذن في الفقه الإسلامي"(2/ 473 - 476).
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(3)
في (ق): "إجازة".
(4)
الحديث متفق عليه، وقد مضى تخريجه.
(5)
ورد ذلك في عدّة أحاديث: منها ما أخرجه البخاري في "صحيحه"(كتاب مواقيت الصلاة): باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس (2/ 58/ رقم 582)، وباب لا يتحرَّى الصلاة قبل غروب الشمس (2/ 60/ رقم 585)، و (كتاب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة): باب مسجد قباء (3/ 68/ رقم 1192)، و (كتاب الحج): باب الطواف بعد الصبح والعصر (3/ 488/ رقم 1629)، و (كتاب بدء الخلق): باب صفة إبليس وجنوده (6/ 335/ رقم 3273)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب صلاة المسافرين وقصرها): باب الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها، (2/ 567 رقم 828) عن ابن عمر مرفوعًا:"لا تحروا بصلاتكم طُلوع الشمس ولا غروبها؛ فإنها تطلع بقَرْني شيطان" لفظ مسلم، ولفظ البخاري في آخر موطن مذكور:"ولا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها: فإنها تطلع بين قرني شيطان، أو الشيطان".
قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فليتمّ صلاته، ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته"(1)، حديث واحد، قاله صلى الله عليه وسلم في وقت واحد، وقد وجبت طاعته في شطره؛ فتجب طاعته في الشطر الآخر، وهو محكم خاص لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا، لا يحتمل غيره ألبتَّة، وحديث النهي عن الصلاة في أوقات النهي (2) عامٌّ مجمل قد خُص منه عصر يومه بالإجماع، وخُصّ منه قضاء الفائتة والمنسية بالنَّص (3)، وخص منه ذوات الأسباب بالسنة كما قضى النبيّ صلى الله عليه وسلم سنة الظهر بعد العصر (4)، وأقرَّ مَنْ قضى سنة الفجر بعد صلاة الفجر، [وقد أعلمه أنها سنة الفجر](5)، وأمر من صلَّى في رَحْله ثم
(1) سبق تخريجه قريبًا.
(2)
فيها أحاديث: منها حديث عقبة بن عامر: ثلاث ساعات كان ينهانا عنهنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن. . .
رواه مسلم (831) في (صلاة المسافرين): باب الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها.
وحديث أبي هريرة: "نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس".
أخرجه البخاري في "صحيحه"(كتاب مواقيت الصلاة): باب لا يتحرّى الصلاة قبل غروب الشمس (2/ 61/ رقم 588)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب صلاة المسافرين): باب الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها (1/ 566/ رقم 825).
ومثله حديث أبي سعيد الخدري: رواه البخاري (586 و 1188 و 1197 و 1864 و 1992 و 1995)، ومسلم (827).
وحديث عمرو بن عَبسة رواه مسلم (832).
وحديث عمر بن الخطاب: رواه مسلم (826).
وحديث ابنه عبد اللَّه السابق، وغيرهما.
(3)
في قوله صلى الله عليه وسلم: "من نام عن صلاة، أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها"، رواه البخاري في "الصحيح"(كتاب المواقيت) باب من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، ولا يعيد إلا تلك الصلاة. . . إلخ (2/ 84/ 579)، ومسلم في "الصحيح" (كتاب المساجد): باب: قضاء الفائتة واستحباب تعجيله (5/ 193/ 684)، وغيرهما من حديث أنس بن مالك.
(4)
رواه البخاري (1233) في (السهو): باب إذا كُلِّمَ وهو يصلي فأشار بيده واستمع، و (4370) في (المغازي) باب وفد عبد القيس، ومسلم (834) في (صلاة المسافرين): باب معرفة الركعتين اللتين كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد العصر، من حديث أم سلمة رضي الله عنها. وفي الباب عن عائشة: رواه مسلم (835).
(5)
رواه ابن خزيمة (1116)، وابن حبان (2471)، والدارقطني (1/ 383 - 384)، وتمام في "فوائده"(378 - ترتيبه)، والحاكم (1/ 274 - 275)، ومن طريقه البيهقي (2/ 483) =
جاء مسجد جماعة أن يُصلّى معهم وتكون له نافلة، قاله (1) في صلاة الفجر، وهي
= من طريق أسد بن موسى عن الليث بن سعد قال: حدّثني يحيى بن سعيد عن أبيه عن جَدّه قيس بن قَهْد (ويقال: عمرو).
ورواه ابن منده أيضًا -كما ذكره الحافظ في "الإصابة" في ترجمة قيس، وقال: غريب تفرّد به أسد بن موسى موصولًا، وقال غيره:"عن الليث عن يحيى: إن حديثه مرسل".
أقول: أسد بن موسى هو الملقب بـ "أسد السنة".
قال البخاري: مشهور الحديث. ووثقه النسائي وغيره.
وقال الذهبي في "الميزان": "ما علمت به بأسًا إلا أن ابن حزم ذكره في كتاب الصيد، فقال: منكر الحديث". قلت: كذا قال ابن حزم في موطنين من "المحلى"(2/ 90 و 7/ 472) وقال عنه ضعيف في مواطن، هي:(8/ 211 و 9/ 61، 405، 10/ 377).
وتهويلات ابن حزم في هذا معروفة.
قلت: وفوق إعلال الحديث بالإرسال الذي ذكره ابن حجر؛ فإن سعيد بن قيس والد يحيى ترجمه البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، ولم يوثقه غير ابن حبان! ومع هذا كله قال الحاكم: صحيح على شرطهما، ووافقه الذهبي، وقال ابن خزيمة:"خبر غريب غريب".
وللحديث طريق آخر.
رواه الشافعي في "مسنده"(1/ 57)، وأحمد (5/ 447)، والحميدي (868)، وابن أبي شيبة (2/ 254 و 14/ 239)، وأبو داود (1267)، والترمذي (422)، وابن ماجه (1154)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2156 و 2157)، وابن خزيمة (1116)، والطبراني في "الكبير"(18/ 937)، والدارقطني (1/ 384 - 385)، والحاكم (1/ 275)، والبيهقي (2/ 483)، وفي "الخلافيات"(1/ ق 166/ أ) من طريق سعد بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن قيس بن عمرو به.
قال الترمذي: "غريب لا نعرفه إلّا من حديث سعد بن سعيد. . . وإسناد هذا الحديث ليس بمتّصل، محمد بن إبراهيم لم يسمع من قيس".
وقال أبو داود: روى عبد ربه، ويحيى ابنا سعيد هذا الحديث مرسلًا: أن جدهم صلّى مع النبيّ صلى الله عليه وسلم بهذه القصة.
قلت: رواية يحيى تقدمت، وأما رواية عبد ربه فهي في "مصنف عبد الرزاق"(2/ 442/ رقم 4016) عن ابن جريج عنه عن جده مرسلًا.
والحديث ضعفه النووي في "المجموع"(4/ 169)، وفي "تهذيب الأسماء واللغات"(1/ 2/ 64)؛ ولكنه لعله يتقوّى بطريقيه، واللَّه أعلم. وانظر:"إعلام أهل العصر في أحكام ركعتي الفجر"(ص 221 - 229).
وما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(1)
في المطبوع: "وقاله".