الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استأجر أو اقترض أو نكح ونوى أن ذلك لموكِّله أو لمولّيه كان له وإن لم يتكلَّم به في العقد، وإن لم ينوه له وقع الملك للعاقد، وكذلك لو تملَّك المباحات من الصَّيد والحشيش وغيرها ونواه لموكِّله وقع الملك له عند جمهور الفقهاء، نعم لا بد في النكاح من تسمية الموكِّل؛ لأنه معقود عليه، فهو بمنزلة السلعة في البيع، فافتقر العقد إلى تعيينه لذلك، [لا أنه معقود له](1).
[للنيَّة تأثير في العقود]
وإذا كان القول والفعل الواحد يُوجبُ الملكَ لمالِكَيْن مختلفين عند تغيّر النية ثبت أن للنية تأثيرًا في العقود والتصرفات، ومن ذلك أنه لو قضى عن غيره دَيْنًا أو أنفق عليه نفقة واجبة أو نحو ذلك ينوي التبرع والهبة لم يملك الرجوع بالبدل، وإن لم ينو فله الرجوع إن كان بإذنه اتفاقًا، وإن كان بغير إذنه ففيه النزاع المعروف (2)؛ فصورة العقد واحدة، وإنما اختلف الحكم بالنية والقصد، ومن ذلك أن اللَّه تعالى حرم أن يدفع الرجلُ إلى غيره مالًا رِبَويًا بمثله على وجه البيع إلا أن يتقايضا (3)، وجوَّز دفعه بمثله على وجه القَرْضِ؛ وقد اشتركا في أن كلًا منهما يدفع ربويًا ويأخذ نظيره، وإنما فرَّق بينهما القصد؛ فإن مقصود المُقْرِضِ إرفاقُ المقترض ونفعه (4)، وليس مقصوده المعاوضة والربح، ولهذا كان القرضُ شقيقَ العارية كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم "مَنِيحَةَ (5) الورِقِ"(6) فكأنه أعاره الدراهم ثم استرجعها
(1) بدل ما بين المعقوفتين (ن) و (ك) و (ق): "لأنه معقود عليه".
(2)
فمن قال لا يرجع: الحنفية والشافعية ورواية عند الحنابلة، وهو اختيار أبي محمد الجوزي المعروف بأبي المحاسن، وبه قال ابن المنذر.
انظر: "تبيين الحقائق"(3/ 155)، و"فتح القدير"(7/ 188 - 189)، و"الدر المختار"(5/ 314 - 315)، و"المهذب"(1/ 342)، و"روضة الطالبين"(4/ 266)، و"أسنى المطالب"(2/ 247)، و"المغني"(7/ 90)، "الإنصاف"(5/ 204، 205)، "المذهب الأحمد"(95)، و"الإشراف"(1/ 124) لابن المنذر، و"أحكام إذن الإنسان"(1/ 341 - 342).
(3)
في (د)، و (ط):"يتقابضا".
(4)
في (ق): "فإن مقصود القرض ارفاق المقرض ونحوه. . . "
(5)
في (ق) و (ك): "منحة".
(6)
يريد حديث: "من منح منيحة لبن أو وَرِق".
رواه أحمد (4/ 285 و 286 - 287، و 296 و 300 و 304)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (125) والترمذي (1957) في (البر والصلة): باب ما جاء في المنحة، =