الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[رد نصوص من العرايا المحكمة بنص متشابه]
المثال الحادي والعشرون: رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في العرايا بالمتشابه من قوله: "التمر بالتمر مثلًا بمثل سواء بسواء"(1)، فإن هذا لا يتناول الرُّطب بالتمر.
فإن قيل: فأنتم رددتم خبَر النَّهي عن بيع الرطب بالتمر (2) مع أنه محكمٌ صريح صحيح بحديث العَرَايا (3)، وهو متشابه.
قيل: فإذا كان عندكم محكمًا صحيحًا فكيف رددتموه بالمتشابه من اشتراطِ المساواةِ بين التَّمر والتَّمر؟ فلا بحديث النهي أخذتم ولا بحديث العَرَايا، بل خالفتم الحديثين معًا، وأمّا نحن فأخذنا بالسنن الثلاثة، [ونزَّلنا](4) كل سنة على وجهها ومقتضاها، ولم نضربْ بعضَها ببعض، ولم نخالف شيئًا منها؛ فأخذنا بحديث النَّهي عن بيع التمر بالتمر متفاضلًا، [وأخذنا بحديث النهي عن بيع الرطب بالتمر مطلقًا](5)، وأخذنا بحديث العَرَايا وخصَّصنا به عموم [حديث](6) النهي عن بيع الرطب بالتمر؛ اتباعًا لسنن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كلّها، وإعمالًا لأدلة الشرع جميعها (7) فإنها كلها حق، ولا يجوز ضرب الحق بعضه ببعض وإبطال بعضه ببعض، واللَّه الموفق.
[رد حديث القسامة]
المثال الثاني والعشرون: رد حديث القسامة (8) الصحيح الصريح المحكم (9) بالمتشابه من قوله: "لو يُعطى الناس بدعواهم لادَّعى رجالٌ دماءَ رجالٍ وأموالِهم، ولكن اليمينُ على المُدَّعى عليه"(10)، والذي شرع الحكم بالقسامة هو الذي شرع
(1) و (2) و (3) مضى تخريجها.
(4)
في المطبوع: "وتركنا".
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(7)
انظر: "تهذيب السنن"(5/ 32 - 33).
(8)
"القسامة كالقسم، وحقيقتها أن يقسم من أولياء الدم خمسون نفرًا على استحقاقهم دم صاحبهم إذا وجدوه قتيلًا بين قوم، ولم يعرف قاتله، فإن لم يكونوا خمسين أقسم الموجودون خمسين يمينًا، ولا يكون فيهم صبي ولا امرأة، ولا مجنون ولا عبد، أو يقسم بها المتهمون على نفي القتل عنهم، فإن حلف المدعون استحقوا الدية، وإن حلف المتهمون لم تلزمهم الدية. "النهاية" لابن الأثير (4/ 62)(و).
(9)
سبق تخريجه.
(10)
أخرجه البخاري في "الصحيح"(كتاب الرهن): باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه =
أن لا يُعطى أحد بدعواه المجرّدة، وكلا الأمرين حق من عند اللَّه، لا اختلافَ فيه (1)، ولم يُعط في القسامة بمجرد الدعوى، وكيف يليق بمن بهرت حكمةُ شَرْعه (2) العقول أن لا يعطي المدَّعي بمجرد دعواه عودًا من أراك ثم يعطيه بدعوى مجرّدة دم أخيه المسلم؟ وإنما أعطاه ذلك بالدليل الظاهر الذي يغلب على الظن صدقُه فوق تغليب الشاهدين، وهو اللَّوث والعداوة والقرينة الظاهرة من وجود العدو مقتولًا في بيت عدوّه، فقوَّى الشارع الحكيم هذا السبب باستحلاف خمسين من أولياء القتيل الذين يَبْعُد أو يستحيل اتفاقهم كلهم على رمي البريء بدم ليس منه بسبيل ولا يكون فيهم رجل رشيد يراقب اللَّه؟ ولو عرض على جميع العقلاء هذا الحكم، [والحكم](3) بتحليف العدوّ الذي وجد القتيل في داره (4) بأنه ما قتله لرأوا أن ما بينهما من العدل كما بين السماء والأرض! ولو سئل كُلُّ سليمِ الحاسة عن قاتل هذا لقَالَ مَنْ وُجد في داره، والذي يقضى (5) منه العجب أن يُرى قتيل يتشحَّط في دمه وعدوُّه هارب بسكين ملطخة بالدم ويُقال: القول قوله؛ فيستحلفه (6) باللَّه ما قتله ويخلّي سبيله، ويقدم ذلك على أحسن الأحكام وأعدلها وألصقها بالعقول والفِطَر، الذي لو اتّفقت الحقلاء لم يهتدوا لأحسن منه بل ولا لمثله (7).
وأين ما تضمنه (8) الحكم بالقسامة من حفظ الدماء إلى ما تضمنه (8) تحليف مَن لا يُشك مع القرائن التي تفيد القطع أنه الجاني؟.
ونظير هذا إذا رأينا رجلًا من أشراف الناس حاسر الرأس بغير عمامة وآخر
= فالبينة. . .، رقم (2514)، و (كتاب الشهادات): باب اليمين على المدّعى عليه في الأموال والحدود رقم (2668)، و (كتاب التفسير): باب {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ} رقم (4552)، ومسلم في "الصحيح" (كتاب الأقضية): باب اليمين على المدّعى عليه رقم (1711).
(1)
انظر: "زاد المعاد"(3/ 201)، و"تهذيب السنن"(6/ 325)، و"أحكام الجناية"(ص 363 - 376).
(2)
في (ق): "حكمته وشرعه".
(3)
ما بين المعقوفتين من المطبوع فقط.
(4)
في (ق) و (ك): "بداره".
(5)
في (ك): "يقتضي".
(6)
في (ق): "ويقال: القول فيه: يحلفه".
(7)
انظر: "زاد المعاد"(3/ 100 - 101)، و"تهذيب السنن"(6/ 321 - 322)، و"الطرق الحكمية"(155، 127)، و"كتاب الروح"(ص 16)، و"أحكام الجناية"(ص 388 - 395).
(8)
في (ق) و (ك): "يتضمنه".