الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العاشر: أن المقصود من وتر الليل جعل (1) ما تقدَّمه من الأشفاع كلها وترًا، وليس المقصود منه إيتار الشفع الذي يليه خاصة، وكان الأَقْيَس ما جاءت به السنّة أن يكون ركعة مفردة توتر جميع ما قبلها (2)، وباللَّه التوفيق.
[التنفل بعد الإقامة للصلاة المكتوبة]
المثال الرابع والخمسون: رد السنة الصحيحة الصريحة أنه لا يجوز التنفل إذا أقيمت صلاة الفرض كما في "صحيح مسلم" عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلّا المكتوبة"(3)، وقال الإمام أحمد في روايته:"إلّا التي أُقيمت"(4)، وفي "الصحيحين" عن عبد اللَّه بن مالك بن بُحَيْنَة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا، وقد أقيمت الصلاة يُصلي ركعتين، فلما انصرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لَاثَ به الناس، وقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"الصبح أربعًا؟ الصبح أربعًا؟ "(5)، وفي "صحيح مسلم" عن عبد اللَّه بن سَرْجِس قال: دخل رجل المسجد ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح، فصلّى ركعتين قبل أنْ يصل إلى الصف، فلمَّا انصرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال له:"يا فلان بأي صلاتَيْك اعتددت؟ بالتي صَلَّيت وحدك أو بالتي صلّيت معنا؟ "(6)، وفي "الصحيحين" أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مَرَّ برجل، فكلّمه بشيء لا ندري ما هو، فلما انصرف أحطنا به نقول: ماذا قال لك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: قال لي: "يُوشك أن يصلِّي أحدكم الصبح أربعًا"(7)،
= نسيه، فليصله إذا ذكره"، وهو محفوظ بلفظ: "فليصل إذا أصبح"، وهذه الصلاة هي عين الصلاة الواردة في حديث عائشة السابق، وانظر -بتأمل-: "جامع الترمذي" (465، 466)، و"العلل الكبير" (134) له.
(1)
في (ك) و (ق): "فعل"، وقال في هامش (ق):"لعله: جعل".
(2)
انظر: "زاد المعاد"(1/ 84).
(3)
هو في "صحيح مسلم" رقم (710) في (صلاة المسافرين): باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن.
(4)
رواية أحمد المشار إليها في "مسنده"(2/ 352).
(5)
رواه البخاري في "الصحيح"(كتاب الأذان): باب إذا أقيمت الصلاة (1/ 166/ 663)، ومسلم في "الصحيح" (كتاب صلاة المسافرين): باب كراهية الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن (1/ 493 - 494/ 711) من حديث عبد اللَّه بن مالك بن بُحَيْنة.
(6)
رواه مسلم (712) في (كتاب صلاة المسافرين): باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن.
(7)
هو بهذا اللفظ ليس في "الصحيحين"، بل هو في "صحيح مسلم" فقط (711 بعد 65)، وهو حديث عبد اللَّه بن مالك بن بُحَيْنَة.
وعند مسلم: أقيمت صلاة الصبح، فرأى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجلًا يصلّي والمؤذن يقيم الصلاة، فقال:"أتصلّي الصبح أربعًا؟ "(1)، وقال أبو داود الطيالسي في "مسنده": ثنا أبو عامر الخزاز، عن ابن أبي مُلَيْكَة، عن ابن عباس قال: كنت أصلّي وأخذ المؤذن في الإقامة، فجذبني (2) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال:"أتصلِّي الصبح أربعًا"(3)، وكان عمر بن الخطاب إذا رأى رجلًا يصلي وهو يسمع الإقامة ضربه (4)، وقال حَمَّاد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: أنه أبصر رجلًا يصلي الركعتين والمؤذن يقيم، فحَصَبَه، وقال: أتصلّي الصبح أربعًا؟ (5) فردت هذه السنن
(1) رواه مسلم في "الصحيح" كتاب (صلاة المسافرين): باب كراهية الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن (1/ 494/ 711).
(2)
في (ك): "فحدثني".
(3)
هو في "مسند الطيالسي"(2736)، ورواه أيضًا ابن أبي شيبة (2/ 155)، وأحمد (1/ 238 و 355)، وأبو يعلى (2575)، وابن خزيمة (1124)، وابن حبان (2469)، والطبراني (11227)، والحاكم (1/ 307)، والبيهقي (2/ 482) من طرق عن أبي عامر الخَزَّاز به.
وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وأبو عامر هذا هو صالح بن رستم، قال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتجّ به، وضعفه ابن معين، والدارقطني، ووثقه أبو داود والبزار وذكره ابن حبان في "الثقات"، قال ابن عدي: روى عنه يحيى القطان مع شدّة استقصائه، وهو عندي لا بأس به، ولم أرَ له حديثًا منكرًا جدًا.
وقد أخرج له مسلم، فمثله حسن الحديث.
ورواه البزار (518) من طريق يحيى القطان عن أبي عامر الخزاز عن أبي يزيد عن عكرمة عن ابن عباس به، وقال:"وقد رواه بعضهم عن ابن أبي مُلَيْكة عن ابن عباس، ولا نعلم رواه بهذا الإسناد إلّا يحيى عن أبي عامر".
وأظن أن هذا من أوهام أبي عامر هذا.
(4)
رواه عبد الرزاق (3988) -ومن طريقه ابن حزم في "المحلى"(3/ 110) - عن الثوري عن جابر عن الحسن بن مسافر عن سويد بن غَفَلة قال: كان عمر يضرب على الصلاة بعد الإقامة، وجابر هو الجعفي: ضعيف، والحسن بن مسافر قال الشيخ أحمد شاكر:"لم أجد ذكره في شيء من الكتب".
وروى ابن أبي شيبة (2/ 77) انتهار عمر لمن يصلي والمؤذن يقيم، وفيه إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فروة وهو متروك.
(5)
رواه البيهقي في "سننه"(2/ 483)، و"الخلافيات"(1/ ق 181/ أ) من طريق هدبة عن حماد به.
وصححه الحافظ ابن حجر في "الفتح"(2/ 150)، وانظر كلامه هناك.
كلها بما رواه الحب ج بن نصير المتروك (1)، عن عباد بن كثير، الهالك (2)، عن ليث، عن عطاء، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلّا المكتوبة"، وزاد:"إلا ركعتي الصبح"(3)، فهذه الزيادة كاسمها زيادة في الحديث لا أصل لها.
فإن قيل: فقد كان أبو الدرداء يدخل المسجد والناس صفوف في صلاة الفجر فيصلّي الركعتين في ناحية المسجد، ثم يدخل مع القوم في الصلاة (4)، وكان ابن مسعود يخرج من داره لصلاة الفجر ثم يأتي الصلاة فيصلّي ركعتين في ناحية المسجد ثم يدخل معهم في الصلاة (5).
(1) انظر: "ميزان الاعتدال"(1/ 465).
(2)
قال في "التقريب"(رقم 3139): "متروك، قال أحمد: روى أحاديث كذب".
(3)
رواه البيهقي في "سننه الكبرى"(2/ 483)، و"الخلافيات"(1/ ق 181/ أ) من طريق حجاج به، وقال البيهقي:"لا أصل لها، وحجاج بن نصير، وعباد بن كثير ضعيفان"، وزاد في "الخلافيات":"وقد قيل عن الحجاج بإسناده عن مجاهد بدل عطاء، وليس بشيء"، وانظر تفصيل المسألة في "الخلافيات"(مسألة رقم 144 - بتحقيقي)، و"إعلام أهل العصر بأحكام ركعتي الفجر"(ص 131، وما بعد).
وفي (ك): "إلا ركعتي الفجر".
(4)
روى ابن أبي شيبة في "مصنفه"(2/ 154) عن وكيع عن مِسْعَر عن الوليد بن أبي مالك (في "المصنف" أبي الوليد بن أبي مالك، وهو خطأ) عن أبي عبيد اللَّه عن أبي الدرداء قال: "إني لاجئ إلى القوم، وهم صفوف في صلاة الفجر، فأصلي الركعتين ثم أنضم إليهم".
وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات، أبو عبيد اللَّه هذا هو مُسْلم بن مِشْكَم كاتب أبي الدرداء.
ورواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 375)، والبيهقي في "الخلافيات"(1/ ق 181/ أ) من طريق أبي معاوية عن مسعر عن عبيد بن الحسن عن أبي عبيد اللَّه بنحوه.
وروى عبد الرزاق (4020) نحوه عن أبي الدرداء، لكن فيه راوٍ مبهم.
(5)
روى عبد الرزاق (4021 و 4022)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 374) من طريق أبي إسحاق عن عبد اللَّه بن أبي موسى قال: جاءنا ابن مسعود والإمام يصلي الفجر فصلّى ركعتين إلى سارية، ولم يكن صلّى ركعتي الفجر.
وقد روى عبد الرزاق الحديث في السند الأول عن أبي إسحاق مباشرة، وفي السند الثاني عن معمر عن أبي إسحاق، وهو الصواب؛ لأن أبا إسحاق هذا هو السبيعي لم يدركه عبد الرزاق.
وعبد اللَّه هذا هو أبو قيس، ويقال: ابن قيس، ويقال: ابن أبي موسى ثقة مخضرم، وأما محقق "المصنف" رحمه الله فقال: لم أجده وأظنه أحد أولاد أبي موسى!! =