الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: أن رواتها من الصحابة أكبر وأكثر وأحفظ وأجلّ من سَمُرة والنعمان بن بشير، فلا ترد روايتهم بها.
الثالث: أنها متضمنة لزيادة يجب الأخذ بها، وباللَّه التوفيق.
[الجهر في صلاة الكسوف]
المثال الحادي والخمسون: رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في الجهر في صلاة الكسوف، كما في "صحيح البخاري" من حديث الأوزاعيّ، عن الزهري، أخبرني عُروة بن الزبير، عن عائشة:"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قرأ قراءة طويلة يجهر بها في صلاة الكسوف"(1)، قال البخاري: تابعه سليمان بن كثير وسفيان بن حسين عن الزهري -قلت: أما حديث سليمان بن كثير ففي "مسند أبي داود الطيالسي": حدثنا سليمان بن كثير، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن
(1) الذي في "صحيح البخاري"(1065) من طريق ابن نَمِر عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: "جَهَر النبيّ صلى الله عليه وسلم في صلاة الخسوف بقراءته. . . "، ورواه مسلم أيضًا (901) (5) ثم قال البخاري (1066): وقال الأوزاعي وغيره: سمعتُ الزهري عن عروة عن عائشة: "إن الشمس خسفت. . . "، وليس فيه الجهر بالقراءة من رواية الأوزاعي، كما قال المصنّف رحمه الله.
والحديث وصله مسلم (901)(4) من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعي به، وليس فيه الجهر بالقراءة أيضًا.
وعبد الرحمن بن نمر هذا الذي ذكر الجَهْر، فيه كلام فقد ضَعَّفه ابنُ معين وغيره.
أقول: وممن رواه عن الزهري بالجهر: سُليمان بن كثير، أخرجه أبو داود الطيالسي (1466)، وأحمد (6/ 76)، والبيهقي (3/ 336).
وسفيان بن حسين: أخرجه الترمذي (563)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 333)، وقال الترمذي: حسن صحيح.
قلت: وفي رواية سفيان عن الزهري مقال، وقد أسهب المصنف في بيان ذلك في "الفروسية"(ص 241 - بتحقيقي).
وعقيل: أخرجه الطحاوي (3/ 333) من طريق ابن لهيعة عنه، وابن لهيعة ضعيف.
وإسحاق بن راشد: أخرجه الدارقطني (2/ 64)، والبيهقي (3/ 336)، وفيه راوٍ مجهول.
والأوزاعي: أخرجه أبو داود (1188)، والدارقطني (2/ 63 - 64)، والحاكم (1/ 334)، والبيهقي (3/ 336)، قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (2/ 550): هذه طرق يعضد بعضها بعضًا يفيد مجموعها الجزم بذلك. وانظر: "بيان الوهم والإيهام"(2/ 306).
النبيّ صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة في صلاة الكسوف (1) -، وقد تابعه عبد الرحمن بن نَمِر، عن الزهري، وهو في "الصحيحين"، أنه سمع ابن شهاب، يُحدِّث عن عروة، عن عائشة:"كسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فبعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مناديًا أن الصلاة جامعة، فاجتمع الناس فتقدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكبّر وافتتح القرآن وقرأ قراءة طويلة يجهر بها"(2)، فذكر الحديث. قال البخاري: حديث عائشة في الجهر أصح من حديث سمرة -قلت: يريد قول سمرة: "صلى بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في كسوف لم نسمع له صوتًا"(3) - وهو أصرح منه بلا شك، وقد تضمن زيادة الجهر، فهذه ثلاث ترجيحات.
(1) رواه الطيالسي (رقم 714 - منحة المعبود)، ورواه أيضًا من نفس الطرق أحمد في "مسنده"(6/ 76)، والبيهقي (3/ 336)، وانظر ما كتبناه لزامًا في التعليق السابق.
(2)
رواه البخاري (1065) في (الكسوف): باب الجهر بالقراءة في الكسوف، ومسلم (901) (5) في (الكسوف): باب صلاة الكسوف، وانظر أيضًا ما قدمناه قريبًا.
(3)
رواه هكذا مختصرًا: أحمد في "مسنده"(5/ 14 و 19 و 23)، والترمذي (562): باب ما جاء في القراءة في الكسوف، والنسائي (3/ 148 - 149) في (الكسوف): باب ترك الجهر فيها بالقراءة، وفي "الكبرى"(1882)، وابن ماجه (1264) في (إقامة الصلاة): باب ما جاء في صلاة الكسوف، والطبراني (6796)، وابن حبان (2851)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 333) من طريق ثعلبة بن عباد عنه به.
وهذا إسناد ضعيف، وقد تقدم قبل قليل مطولًا عن سمرة.
وقد جمع ابن خزيمة، وابن حبان بين أحاديث الجهر، وهذا الحديث بأن سمرة كان في أخريات الناس بحيث لا يَسْمع صوت النبيّ صلى الله عليه وسلم.
ويشهد لحديث سمرة هذا حديث ابن عباس: رواه أحمد (1/ 293 و 355)، وأبو يعلى (2745)، والطحاوي في "معاني الآثار"(1/ 332)، والبيهقي (3/ 335) من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عكرمة عن ابن عباس.
وقد رواه عن ابن لهيعة: ابنُ المبارك عند أحمد، وابن المبارك روايته عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه، فهذا إسناد حسن، وشاهد جيد لحديث سمرة، وفيه: صلّيت خلف النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولعلّه يعكر على جمع ابن حبان، وابن خزيمة السابق؛ لأنه يبعد أن يكون كذلك بعيدًا.
بل رواه الطبراني في "الأوسط"(2700 و 9345) من طريق حفص بن عمر العَدَني عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس، وقال: فكنت إلى جانب النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلم أسمع القراءة.
لكن حفص ضعيف، والحكم فيه مقال كذلك.
* (تنبيه): ذكر الحافظ ابن حجر في "التلخيص" أن الطبراني رواه من طريق موسى بن عبد العزيز عن الحكم، ولم أجده هكذا لا في "المعجم" ولا في "مجمع البحرين".
وانظر: "شرح معاني الآثار" و"شرح السنة"(4/ 382).