الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[متناقضان من دون السنة]
ونظير هذا: قياسُ الحَدث على السَّلام في الخروج من الصلاة بكل واحد منهما، ودعوى أن ذلك موجب الأصول، مع بُعد ما بين الحَدَث والسلام، وترك قياس نبيذ التمر المسكر على عصير العِنَب المُسكر في تحريم قليل كُلٍّ منهما مع شدّة الأخوة بينهما، ودعوى أن ذلك خلاف الأصول.
ونظيره أن الذمي لو مَنَع دينارًا واحدًا من الجزية انتقَضَ عهده، وحلَّ دمه وماله، ولو حَرقَ الكعبة البيت الحرام ومسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وجاهر بسبِّ اللَّه ورسوله أقبح سمت على رؤوس المسلمين فعهدُه باقٍ ودمُه معصوم، وعدم النقض (1)[بذلك مقتضى الأصول، والنقض](2) بمنع الدينار مقتضى الأصول.
ونظيره أيضًا إباحة قراءة القرآن بالعجمية، وأنه مقتضى الأصول، ومنع رواية الحديث بالمعنى، وهو خلاف الأصول.
ونظيره: إسقاط الحد عمَّن استأجر امرأة (3) ليزنيَ بها أو تغسل ثيابه فزنى بها، وأن هذا مقتضى الأصول، وإيجاب الحد على الأعمى إذا وَجَد على فراشه امرأة فظنها زوجته فبانت أجنبية.
ونظيره أيضًا: منع المصلي من الصلاة بالوضوء من ماء يبلغ قناطير مقنطرة وقعت فيه قطرةُ دم أو بول، وإباحتهم له أن يصلي في ثوبٍ ربعه متلطِّخ بالبول وإن كان عَذِرَة فقَدْرَ راحة الكف (4).
ونظيره: دعواهم أن الإيمان واحد، والناس فيه سواء، وهو مجرد التصديق، وليست الأعمال داخلة في ماهيته (5)، وأن من مات ولم يُصلِّ صلاةً قط في عمره مع قدرته وصحة جسمه وفراغه فهو مؤمن، وتكفيرهم من يقول: مُسَيجد أو فُقيّه، بالتصغير (6)، أو يقول للخَمْر أو للسَّماع المُحرَّم: ما أطيبه وألذّه (7)!
(1) في (ق): "النقض" وفي هامشة: "لعله: والنقض".
(2)
ما بين المعقوفتين من المطبوع.
(3)
في (ك): "أمة".
(4)
انظر "بدائع الفوائد"(3/ 130 - 131).
(5)
هذا مذهب المرجئة، نسأل اللَّه السلامة. انظر:"مجموع فتاوى ابن تيمية"(7/ 195 - 204)، و"منهاج السنة"(5/ 204).
(6)
نص على هذا علي القاري في "شرح ألفاظ كفرية"(رقم 15 - بتحقيقي).
(7)
نص على هذا علي القاري في "شرح ألفاظ كفرية"(رقم 92 - بتحقيقي).
ونظير ذلك: أنه لو شهد عليه أربعة بالزنا فقال: "صَدَقوا"، سقط عنه الحد بتصديقهم، ولو قال:"كَذبوا علي"، حُدَّ (1).
ونظيره: أنه لا يصح استئجار دار تجعل مسجدًا يُصلِّي فيه المسلمون، وتصح إجارتها كنيسة يعبد فيها الصليب والنار.
ونظيره: أنه لو قهقه في صلاته بطل وضوءه، ولو غَنَّى في صلاته أو قذف المحصنات أو شهد بالزور فوضوءه بحاله.
ونظيره: أنه لو وقع في البئر فارة تنجَّست البئرُ؛ فإذا نُزع منها دلوٌ فالدلو والماء نجسان، ثم هكذا إلى (2) تمام كذا وكذا دلوًا، فإذا نُزع الدَّلو الذي قبل الأخير فرشرش على حيطان البئر نجَّسها كلها فإذا جاءت النَّوْبة إلى الدلو الأخير قشقش النجاسةَ كُلَّها من البئر وحيطانها وطينها (3)، بعد أن كانت نجسة.
ونظيره: إنكار كون القرعة التي ثبت فيها ستة أحاديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (4)، وفيها آيتان من كتاب اللَّه (5) طريقًا للأحكام الشرعية (6)، وإثبات حل (7) الوطء بشهادة الزور التي يعلم المقدوح أنها شهادة زور، وبها فرَّق الشاهدان بين الرجل وامرأته (8).
ونظير هذا: إيجاب الاستيراء على السَّيد إذا ملك امرأة بكرًا لا يوطأ مثلها، مع العلم القطعي (9) ببراءة رحمها، وإسقاطه عمَّن أراد وطء الأمة التي وطئها سيّدُها البارحة ثم اشتراها هو فملَّكها لغيره وكلَّمه (10) في تزويجها منه، فقالوا:
(1)"تصديقه الشهود هنا، فكأن الزنا قد ثبت عليه بإقراره، وله الرجوع عن هذا الإقرار، فيسقط عنه الحد، ولا يخفى ما في هذه الحيلة من السخف"(ط).
(2)
في (ق) و (ك): "في".
(3)
تصحفت في (ن) إلى: "وطيبها"، وفي (ق):"وطئها".
(4)
تقدم تخريج بعضها، وذكرها جميعًا في "الطرق الحكمية"(269 - ط المكتبة الأثرية).
(5)
الأولى: قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)} [آل عمران: 44].
والثانية: قوله تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141)} [الصافات: 141].
(6)
انظر: "الطرق الحكمية"(245، 256، 268، 332 - 384)، و"إغاثة اللهفان"(1/ 166)، و"زاد المعاد"(2/ 78 و 4/ 120 - 121)، و"تهذيب السنن"(3/ 177)، و"بدائع الفوائد"(ص 262 - 271).
(7)
في (ق) و (ك): "حد".
(8)
في المطبوع: "والمرأة".
(9)
في المطبوع: "مع القطع".
(10)
في المطبوع: "ثم وكله".
يحلّ له وطؤها، وليس بين وطء بائعها ووطئه هو إلّا ساعة من نهار.
ونظير هذا: في التناقض إباحة نكاح المخلوقة من ماء الزاني مع كونها بعضه، مع تحريم المرضعة من لبن امرأته لكون اللّبن ثَابَ بوطئه فقد صار فيه جزء منه.
فياللَّه العجب! كيف انتهض هذا الجزء اليسير سببًا للتحريم ثم يباح له وطؤها وهي جزؤه الحقيقي وسُلالته؟ وأين تشنيعُكم وإنكاركم لاستمناء الرجل بيده عند الحاجة خوفًا من العَنَت ثم تجوِّزون له وطء بنته المخلوقة من مائه حقيقة (1)!!
ونظير هذا: لو ادّعى على ذمّي حقًا وأقام به شاهدين عبدين عالمين صالحين مقبولة شهادتهما على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم تُقبل شهادتهما عليه، فإن أقام به شاهدين كافرين حُرَّيْن قبلت شهادتهما عليه مع كَوْنهما من أكذب الخلق على اللَّه وأنبيائه ودينه.
ونظير هذا: لو تداعيا حائطًا لأحدهما عليه خشبتان، وللآخر [عليه](2) ثلاث خشبات ولا بيّنة فهو كلّه لصاحب الخشبات الثلاث؛ فلو كان لأحدهما ثلاث خشبات وللآخر مئة خشبة فهو بينهما نِصْفين.
ونظير هذا: لو اغتصب نصراني رجلًا على ابنته أو امرأته أو حُرمته وزنى بها ثم شَدَخ رأسها بحجر أو رمى بها من أعلى شاهق فماتت (3) فلا حَدَّ عليه ولا قصاص؛ فلو قتله المسلم صاحب الحرمة بقصبة محددة (4) قُتلْ به.
ونظير هذا: أنه لو أُكره على قتل ألف مسلم أو أكثر بسَجن شهرٍ وأخذ شيء من ماله فقتلهم فلا قَوَد عليه ولا ديّة، حتى إذا أكره بالقتل على عتق أمته أو طلاق زوجته لزمه حكم الطلاق والعتق، ولم يكن الإكراه مانعًا من نفوذ حكمنا عليه، مع أن اللَّه سبحانه أباح التكلّم بكلمة الكفر مع الإكراه، ولم يُبح قتل المسلم بالإكراه أبدًا.
ونظير هذا: إبطال الصلاة بتسبيح مَنْ نابه شيء في صلاته، وقد أمر به النبيّ صلى الله عليه وسلم (5)، وتصحيح صلاة مَنْ ركع ثم خرَّ ساجدًا من غير أن يقيم صلبه، وقد
(1) سبق بيان مستفيض حول هذه المسألة، وانظر لزمًا لها "مثارات الغلط في الأدلة"(ص 29 - 30) للشريف التلمساني.
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(3)
في المطبوع و (ن): "حتى ماتت".
(4)
في (ن) و (ق) و (ك): "محدودة".
(5)
رواه البخاري (684) في (الأذان): باب من دخل ليؤمّ الناس فجاء الإمام الأول، =
أبطلها النبيّ صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا تُجزئ صلاة لا يقيمُ الرجل فيها صُلبه في ركوعه وسجوده"(1)، ودعوى أن ذلك مقتضى الأصول.
ونظيره [أيضًا](2): إبطال الصلاة بالإشارة لردِّ السلام أو غيره، وقد أشار النبيّ صلى الله عليه وسلم في صلاته بردِّ السلام (3)، وأشار الصحابة برؤوسهم تارة وبأكفّهم تارة (4)، وتصحيحها مع ترك الطمأنينة، وقد أمر بها النبيّ صلى الله عليه وسلم ونفى الصلاة بدونها (5)، وأخبر أن صلاة النقر صلاة المُنافقين (6)، وأخبر حذيفة أنَّ مَنْ صلَّى
= و (1201) في (العمل في الصلاة): باب ما يجوز من التسبيح والحمد في الصلاة للرجال، و (1204) في (التصفيق للنساء)، و (1218) في رفع الأيدي في الصلاة للرجال لأمر ينزل به، و (1234) في (السهو): باب الإشارة في الصلاة، و (2690) في (الصلح): باب ما جاء في الإصلاح بين الناس، و (2693) في باب قول الإمام لأصحابه: اذهبوا بنا نصلح، و (7190) في (الأحكام): باب الإمام يأتي قومًا يصلح بينهم، ومسلم (421) في (الصلاة): باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، من حديث سهل بن سعد.
(1)
سبق تخريجه.
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(3)
رواه ابن أبي شيبة (2/ 74)، وعبد الرزاق (3597)، والحميدي (148)، والدارمي (1/ 316)، وأبو داود (927) في (الصلاة): باب رد السلام في الصلاة، والترمذي (368) في (الصلاة): باب ما جاء في الإشارة في الصلاة، والنسائي (3/ 5) في (السهو): باب رد السلام، وابن ماجه (1017) في (إقامة الصلاة): باب المصلي يُسلَّم عليه كيف يرد، وابن الجارود (215)، وابن خزيمة (888)، وابن حبان (2258)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 454)، والطبراني في "الكبير"(7291 و 7292)، والبيهقي (2/ 259) من حديث ابن عمر. . . قال: فسألت صهيبًا -وكان معه- كيف كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يفعل إذا كان يُسلَّم عليه وهو يصلي؟ فقال: كان يشير بيده.
وفي بعضها: فسألت بلالًا، وفي بعضها: فسألت بلالًا أو صهيبًا.
قال الترمذي: وكلا الحديثين عندي صحيح؛ لأن قصة حديث صهيب غير قصة حديث بلال، وإن كان ابن عمر روى عنهما، فاحتمل أن يكون سمع منهما جميعًا.
وفي الباب عن صهيب.
(4)
انظر: "مصنف ابن أبي شيبة"(6/ 144 - ط. دار الفكر)، و"الأدب المفرد"(رقم 1004، 1047)، و"فتح الباري"(11/ 14)، "بدائع الفوائد"(4/ 47)، و"جلباب المرأة المسلمة"(194).
(5)
تقدم في مثل حديث المسيء صلاته.
(6)
أخرجه مسلم في "الصحيح"(كتاب المساجد ومواضع الصلاة): باب استحباب التبكير بالعصر (1/ 434/ رقم 622)، وأبو داود في "السنن" (كتاب الصلاة): باب وقت صلاة العصر (1/ 112 - 113/ رقم 413)، والترمذي في "الجامع" (أبواب الصلاة): باب ما =
كذلك لقي اللَّه على غير الفطرة التي فطر اللَّه عليها رسوله صلى الله عليه وسلم (1)، وأخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم أنَّ مَنْ لا يُتم ركوعه ولا سجوده أسوأ الناس سرقةً (2)، وهذا يدلّ على أنه أسوأ حالًا عند اللَّه من سُرَّاق الأموال.
= جاء في تعجبل العصر (1/ 301/ رقم 160)، والنسائي في "المجتبى" (كتاب المواقيت): باب التشديد في تأخير العصر (1/ 254)، وأحمد في "المسند"(3/ 102 - 103، 247) عن أنس بن مالك رضي الله عنه، ولفظه:"تلك صلاة المنافق، يجلس يرقُبُ الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان؛ قام فنقرها أربعًا، لا يذكر اللَّه فيها إلا قليلًا".
(1)
رواه البخاري في "صحيحه"(791) في (الأذان): باب إذا لم يتم الركوع من طريق زيد بن وهب قال: رأى حذيفة رجلًا لا يُتم الركوع والسجود قال. . . لو مُتَّ مُتَّ على غير الفطرة.
وفي رواية عبد الرزاق (3733): ". . . صلّى صلاة جعل يَنْفُر فيها ولا يتم. . . ".
وانظر: "فتح الباري"(2/ 275).
(2)
ورد من حديث أبي هريرة، وأبي قتادة، وأبي سعيد، والنعمان بن مرة.
أما حديث أبي هريرة: فرواه ابن حبان (1888)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 229)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 386)، وأبو حاتم؛ كما في "العلل" لابنه (1/ 170)، والطبراني في "الكبير" -كما في "المجمع"(2/ 120) - و"الأوسط"(رقم 8179) من طريق هشام بن عمار عن عبد الحميد بن أبي العشرين عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه به، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي!
قلت: وهذا إسناد فيه مقال، عبد الحميد هذا وان وثقه أحمد وابن معين؛ إلّا أنه يخطئ، قال البخاري: ربما يخالف في حديثه، وقال ابن حبان: ربما أخطأ، وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين عندهم، وقال أبو حاتم عن حديثه هذا: لم يروه أحد سواه، أي من هذا الطريق إذ جعله من مسند أبي هريرة، حيث خالفه الوليد بن مسلم فقال: عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد اللَّه بن أبي قتادة عن أبيه به.
رواه أحمد في "مسنده"(5/ 310)، والدارمي (1/ 304 - 305)، والطبراني (3283)، والحاكم (1/ 299)، والبيهقي (2/ 385 - 386)، والخطيب (8/ 227)، وأبو حاتم -كما في علل ابنه (1/ 170) - وأبو زرعة أيضًا، من طريق الحكم بن موسى، وأبو جعفر السويدي عنه به.
وقد وقع تصريح الوليد بن مسلم بالسماع عند الخطيب، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال أبو حاتم: ولا أعلم أحدًا رواه عن الوليد بن مسلم غير الحكم بن موسى، مع أنه رواه أبو جعفر السويدي أيضًا، ثم قال أبو حاتم عن هذا الطريق، وطريق أبي هريرة السابق: وجميعًا عندي مُنكرين ليس لواحد منهما معنى.
قلت (القائل ابنه): لِمَ؟ قال: لأن حدبث ابن أبي العشرين لم يرو أحد سواه، وكان الوليد صنّف كتاب الصلاة، وليس فيه هذا الحديث.
وأما حديث أبي سعيد: فرواه أحمد (3/ 56)، والبزار (536)، وابن أبي شيبة (1/ =
ونظير هذا قولهم: لو أن رجلًا مسلمًا طاهر البدن عليه جنابة غَمَسَ يده في بئر بنيّة رفع الحدث صارت البئر كلها نجسة، يحرم شرب مائها والوضوء منه والطبخ به؛ فلو اغتسل فيها مئة نصراني قُلُف (1) عابدو الصَّليب أو مئة يهودي فماؤها باقٍ على حاله طاهر مطهِّر يجوز الوضوء به (2) وشربه والطبخ به.
ونظيره: لو ماتت فارة في ماء فصُبَّ ذلك الماء في بئر لم يُنزح منها إلّا عشرون دلوًا فقط، وتطهُر بذلك، ولو توضأ رجل مسلم طاهر الأعضاء بماء فسقط ذلك الماء في البئر فلا بدّ من أن تُنزحَ [البئر](3) كلها.
ونظير هذا قولهم: لو عقد على أُمِّه أو أخته أو بنته ووطئها، وهو يعلم أن اللَّه حرَّم ذلك فلا حَدَّ عليه لأن صورة العقد شُبهة، ولو رأى امرأةً في الظلمة ظنّها امرأته فوطئها فعليه الحد ولم يكن ذلك شبهة.
ونظيره قولهم: لو أنه رَشَا شاهدين فشهدا بالزور المَحْض أن فلانًا طلَّق امرأته ففرَّق الحاكم بينهما جاز له أن يتزوّجها ويطاها حلالًا، [بل](4) ويجوز لأحد الشاهدين ذلك؛ فلو حكم حاكم بصحة هذا العقد لم يجز نقضُ حكمه، ولو حكم حاكمٌ بالشاهد واليمين لنقض حكمه، وقد حكم به النبيّ صلى الله عليه وسلم! (5).
ونظير ذلك قولهم: لو تزوج امرأة فخرجت مجنونة بَرْصاء من قرنها إلى قدمها مجذومة (6) عمياء مقطوعة الأطراف فلا خَيارَ له، وكذلك إذا وجدت هي الزوج كذلك فلا خيار لها، وإن خرج [الزوج](7) من خيار عباد اللَّه وأغناهم
= 322)، وأبو داود الطيالسي (428 منحة)، وابن عدي (5/ 1843)، وأبو نعيم في "الحلية"(8/ 302) كلّهم من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عنه.
قال الهيثمي (2/ 120): وفيه علي بن زيد، وهو مختلف في الاحتجاج به، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وأما حديث النعمان بن مرة: فرواه مالك في "الموطأ"(1/ 167)، والنعمان هذا: الصحيح أنه تابعي كما ذكره الحافظ في "الإصابة"(3/ 559).
وله شاهد أيضًا من حديث عبد اللَّه بن مُغفَّل: رواه الطبراني في "الصغير"(335)، و"الأوسط"(رقم 3392).
قال الهيثمي (2/ 120): ورجاله ثقات، وعزاه لـ "الكبير".
فهذه شواهد يتقوّى بها الحديث، واللَّه أعلم.
(1)
"جمع أقلف: وهو من لم يختتن"(و).
(2)
في المطبوع: "منه".
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ن).
(4)
ما بين المعقوفتين من المطبوع.
(5)
سبق تخريجه.
(6)
في (ك) و (ق): "مجذمة".
(7)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
وأجملهم وأعلمهم وليس له أبوان في الإسلام وللزوجة أبوان في الإسلام فلها الفسخ بذلك (1).
ونظيره قولهم: يصح نكاح الشِّغَار (2)، ويجب فيه مهر المثل، وقد صح نهيُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عنه وتحريمه إياه (3)، ولا يصح نكاح من أعتق أمةً وجعَلَ عِتقَها صداقها، وقد فعله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (4).
ونظيره قولهم: يصحُّ نكاحُ التحليل، وقد صح لعنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لمن فعله من رواية عبد اللَّه بن مسعود وأبي هريرة وعليّ بن أبي طالب (5)، ولا يصح نكاح الأمة لمضطرٍ خائف العَنَت عادم الطَّوْل إذا كانت تحته حُرَّة ولو كانت عجوزًا شوهاء لا تعفّه.
ونظيره قولهم: يجوز بيع الكلب، وقد منع منه النبيّ صلى الله عليه وسلم (6)، وتحريم بيع المدَبَّر، وقد باعه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (7).
(1) انظر في فسخ النكاح بالعيب: "زاد المعاد"(4/ 29 - 32).
(2)
"نكاح معروف في الجاهلية كان يقول الرجل للرجل: شاغرني، أي: زوّجني أختك أو ابنتك، أو مَنْ تلي أمرَها، حتى أزوّجك أختي أو ابنتي أو مَنْ أَلِيَ أمرَها، ولا يكون بينهما مهر، ويكون بضع كل واحدة منهما في مقابلة بضع الأخرى، وقيل له: شغار؛ لارتفاع المهر بينهما من شغر الكلب إذا رفع إحدى رجليه ليبول، وقيل: الثغر: البعد، وقيل: الاتّساع"(و).
(3)
رواه البخاري (5112) في (النكاح): باب الشغار، و (6960) في (الحيل): باب الحيلة في النكاح، ومسلم (1415) في (النكاح): باب تحريم نكاح الشغار، من حديث ابن عمر، وفي الباب عن جابر: رواه مسلم (1417).
وانظر: "زاد المعاد"(4/ 5)، و"تهذيب السنن"(3/ 21).
(4)
يشير إلى عتقه صلى الله عليه وسلم صفيّة، وجعل ذلك مهرها، وقد سبق تخريجه، وهو صحيح.
(5)
ساق المؤلف طرقه في (3/ 420) عن عدّة من الصحابة، وخرجتها هناك.
وانظر: "زاد المعاد"(4/ 5 - 6، 66، 212)، و"تهذيب السنن"(3/ 22 - 23)، و"إغاثة اللهفان"(2/ 97).
ووقع في المطبوع بعد "علي بن أبي طالب": "كرّم اللَّه وجهه في الجنّة".
(6)
رواه البخاري (2237) في (البيوع): باب ثمن الكلب، و (2282) في "الإجارة": باب كسب البغي والإماء، و (5346) في (الطلاق): باب مهر البغي والنكاح الفاسد، و (5761) في (الطب): باب الكهانة، ومسلم (1567) في (المساقاة) باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن، من حديث أبي مسعود البدري قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ومَهْر البغي. . . وفي (ق): "رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".
وانظر كلام المؤلف رحمه الله في تحريم بيع الكلب في "زاد المعاد"(4/ 247).
(7)
سبق تخريجه.
ونظيره قولهم: للجار أن يمنع جاره أن يَغْرزَ خشبةَ هو محتاجٌ إلى غرزها في حائطه، وقد نهاه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن مَنْعه (1)، وتسليطهم إياه على انتزاع داره كلها منه بالشُّفعة بعد وقوع الحدود وتصريف الطُّرق، وقد أبطلها النبيّ صلى الله عليه وسلم (2).
ونظيره قولهم: لا يحكم بالقَسَامة لأنها خلاف الأصول، ثم قالوا: يحلف الذين وُجد (3) القتيل في محلتهم ودارهم خمسين يمينًا ثم يُقْضَى عليهم بالديّة، فياللَّه العجب! كيف كان هذا وفق الأصول وحكم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خلاف الأصول؟!!
ونظيره قولهم: لو تزوّج امرأة فقالت له امرأة أخرى: أنا أرضعتُك وزوْجَتَكَ، أو قال له رجل: هذه أختك من الرضاعة، جاز له تكذيبها ووطء الزوجة، مع أن هذه هي الواقعة التي أَمَر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عقبة بن الحارث بفراق امرأته لأجل قول الأمَةِ السوداء أنها أرضعتهما (4).
ولو اشترى طعامًا أو ماءً فقال له رجل: هذا ذبيحة مجوسي أو نجس لم يسعه أن يتناوله، مع أن الأصل في الطعام والماء الحل، والأصل في الأبضاع التحريم، ثم قالوا: لو (5) قال المُخبر: "هذا الطعام والشراب لفلان سَرَقه أو غصبه منه فلان"، وَسِعَهُ أن يتناوله.
ونظيره قولهم (6): لو أسلم وتحته أختان وخيَّرناه فطلَّق إحداهما كانت هي المختارة، والتي أمسكها هي المفارقة، قالوا: لأن الطلاق لا يكون إلّا في زوجة، وأصحاب أبي حنيفة (7) تخلَّصوا من هذا بأنَّه إنْ عَقَد على الأختين في عقد واحد فسد نكاحهما واستأنف نكاحَ مَنْ شاء منهما، وإن تزوج واحدة بعد واحدة فنكاح الأُولى هو الصحيح، ونكاح الثانية فاسد.
ولكن لزمهم نظيره في مسألة العبد: إذا تزوَّج بدون إذن سيده كان موقوفًا
(1) رواه البخاري (2463) في (المظالم): باب لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره، و (5627) في (الأشربة): باب الشرب من فم السقاء، ومسلم (1609) في (المساقاة) باب غرز الخشبة في الجدار، من حيث أبي هريرة.
(2)
سبق تخريجه، وفي (ق) و (ك):"رسول اللَّه".
(3)
في المطبوع: "وجدوا".
(4)
سبق تخريجه، وفي (ن) و (ك):"أنا أرضعتكما" بدل: "إنها أرضعتهما".
(5)
في (ق) و (ك): "فلو".
(6)
في المطبوع: "ونظر هذا قولهم".
(7)
انظر المسألة في "مختصر اختلاف العلماء"(2/ 369 رقم 874).