الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبيع مدة معلومة (1) بأنها خلاف الأصول، ثم قالوا: يجوز بيع الثمرة قبل بدوّ صلاحها بشرط القطع في الحال مع العلم بأنها لو قُطعت لم تكن مالًا ينتفع به ولا يساوي شيئًا ألبتّة، ثم لهما أن يتّفقا على بقائها إلى حين الكمال، ودعوى أن ذلك موافق للأصول، وهو عين ما نَهى عنه النبيّ صلى الله عليه وسلم (2).
[تخيير الولد بين أبويه]
المثال الثاني والثلاثون: رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في تخيير النبيّ صلى الله عليه وسلم الولد بين أبويه (3)، وقالوا: هو خلاف الأصول، ثم قالوا: إذا زَوَّج الولي غير الأب الصغيرة صحَّ وكان النكاح لازمًا، فإذا بلغت انقلب جائزًا وثبَتَ لها الخيار بين الفسخ والإمضاء، وهذا وفق الأصول.
[فياللَّه العجب](4)! أين في الأصول -التي هي كتاب اللَّه وسنّة رسوله وإجماع الأمة المُستند إلى الكتاب والسنّة- موافقة هذا الحكم للأصول ومخالفة حكم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالتخيير بين الأبوين للأصول (5)؟.
[رجم الكتابيين]
المثال الثالث والثلاثون: رد السنَّة الثابتة الصحيحة الصريحة المحكمة في
(1) هو في حديث جابر في شرائه الناقة من النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومضى تخريجه.
(2)
مضى تخريجه.
(3)
رواه أحمد (2/ 246)، والشافعي في "المسند"(2/ 62 - 63)، و"الأم"(5/ 92)، وأبو داود (2277) في (الطلاق): باب من أحق بالولد، والترمذي (1357) في (الأحكام): باب ما جاء في تخيير الغلام بين أبويه إذا افترقا، وفي "علله الكبير"(369)، والنسائي (6/ 185، 186) في الطلاق: باب إسلام أحد الزوجين وتخيير الولد، وابن ماجه (2351) في (الأحكام): باب تخيير الصبي بين أبويه، وعبد الرزاق (12611)، وسعيد بن منصور (2275)، والحميدي (1083)، والدارمي (2298)، والطحاوي في "المشكل"(3085)، وأبو يعلى (6131)، والحاكم (4/ 97)، والبيهقي (8/ 3)، والبغوي (2399) من طريق هلال بن أبي ميمونة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم خيّر غلامًا بين أبيه وأمّه.
قال الترمذي: حسن صحيح، ورجاله كلهم ثقات.
وفي الباب عن رافع بن سنان، انظره في "الحنائيات"(رقم 228 - بتحقيقنا) وعن غيره، ومضى ذلك. وانظر:"نصب الراية"(3/ 268 - 270).
(4)
ما بين المعقوفتين في المطبوع: "فيا للعجب".
(5)
انظر هذا المبحث بتوسع في "زاد المعاد"(4/ 34 - 139) للمؤلف رحمه الله.
رجم الزانيين الكتابيين (1)، بأنها خلاف الأصول، وسقوط الحد عَمَّن عقد على أُمّه ووطئها، وأن هذا هو مقتضى الأصول.
فيا عجبًا لهذه الأصول التي مَنَعت إقامة الحد على من أقامه [عليه](2) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأسقطته عمن لم يُسقطه عنه! فإنه ثبت عنه أنه أرسل البراء بن عازب إلى رجل تزوج امرأة أبيه أن يضرب عُنقَه ويأخذ ماله (3)، فواللَّه ما رضي له بحدّ الزاني حتى حَكَم عليه بضرب العنق وأخذ المال، وهذا هو الحق المحض؛ فإن جريمته أعظمُ من جريمة من زنى بامرأة أبيه من غير عقد، فإن هذا ارتكب محظورًا [واحدًا](4)، والعاقد
(1) سيأتي تخريجه.
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(3)
رواه عبد الرزاق (10804)، وابن أبي شيبة (10/ 104 - ط الهندية أو 6/ 566 - ط دار الفكر)، وسعيد بن منصور (942)، والترمذي (1362) في (الأحكام): باب فيمن تزوج امرأة أبيه، وابن ماجه (2607) في (الحدود): باب من تزوج امرأة أبيه من بعده، والنسائي (6/ 109) في (النكاح): باب ما نكح الآباء، وفي الكبرى (5488)، وأحمد في "مسنده"(4/ 290 و 297)، وأبو يعلى (1666 و 1667)، وابن حبان (4112)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 148)، والدارقطني (3/ 196)، والحاكم (2/ 191)، والبغوي (10/ 304 - 305 رقم 2592) من طريق السدي (إسماعيل بن عبد الرحمن)، وأشعث بن سوار، كلاهما عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال: لقيت عمي، وفي رواية: خالي. . . فقال: أرسلني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
فالمُرسل ليس البراء. . .
وقال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
لكن رواه أحمد (4/ 295)، وأبو داود (4457) في (الحدود): باب الرجل يزني بحريمه، والنسائي (6/ 110)، وفي "الكبرى"(5489)، والدارمي (2/ 153)، والحاكم (4/ 357)، والبيهقي (7/ 162) من طريق عبد الغفار بن القاسم، وزيد بن أبي أنيسة، كلاهما عن عدي بن ثابت عن يزيد بن البراء عن أبيه البراء.
أقول: عدي بن ثابت من الثقات، ولم يؤخذ عليه شيء إلّا تشيّعه، وهذا هنا لا يضر، فلا مانع أن يروي الحديث على الوجهين.
ورواه سعيد بن منصور (943)، وأحمد (4/ 295)، وأبو داود (4456)، والطحاوي (3/ 149)، والدارقطني (3/ 196)، والبيهقي (8/ 237) من طريق مطرف عن أبي الجهم عن البراء.
واعلم أنه قد اختلف في هذا الحديث في الرجل الذي بعثه النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ فقال البراء: مرّ بي خالي أبو بردة بن نيار. وفي رواية: عن عمِّه. وفي رواية: مرّ بنا أناس ينطلقون، وفي رواية: رهط. . . وكل هذا لا يضر إن شاء اللَّه ما دام أنها اتّفقت على شيء واحد، وهو ضرب عنق ذلك الرجل، وما دام أن الإسناد صحيح ثابت.
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).