الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أنواع شروط الواقفين وحكمها]
وبالجملة فشروط الواقفين أربعة أقسام:
شروط محرمة في الشرع.
وشروط مكروهة للَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وشروط تتضمن ترك ما هو أحب إلى اللَّه ورسوله.
وشروط تتضمن فعل ما هو أحب إلى اللَّه تعالى ورسوله.
فالأقسام الثلاثة الأول لا حرمة لها ولا اعتبار، والقسم الرابع هو الشرط المتبع الواجب الاعتبار، وباللَّه التوفيق (1).
[إبطال النبيّ صلى الله عليه وسلم لكلِّ شرط يخالف القرآن]
وقد أبطل النبي صلى الله عليه وسلم هذه الشروط كلها بقوله: "مَنْ عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ"(2) وما رده رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يجز لأحد اعتباره ولا الإلزام (3) به وتنفيذه، ومن تفطَّن لتفاصيل هذه الجملة التي هي من لوازم الإيمان تخلَّص بها من آصارٍ وأغلالٍ في الدنيا، وإثمٍ وعقوبةٍ ونقصِ ثواب في الآخرة، وباللَّه التوفيق.
فصل [من فروع اعتبار الشرع قصد المكلف دون الصورة]
وتأمَّل قول النبي صلى الله عليه وسلم: "صَيْدُ البرِّ لكم حلالٌ وأنتم حُرُم ما لم تصيدوه أو
= البخاري (4441)، ومسلم (529)، عن عائشة ويشير أيضًا إلى حديث:"لعن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسُّرُج" وهو مخرج في مكان آخر من هذا الكتاب مفصلًا.
(1)
انظر ما سبق عند (شروط الواقفين).
(2)
رواه البخاري (2697) في (الصلح): باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، ومسلم (1718)(17)، و (18) في (الأقضية): باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، من حديث عائشة.
ولفظ البخاري؛ "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".
وكذا لفظ مسلم في الموطن الأول، وفي الموطن الثاني لفظه كما هو هنا.
(3)
كذا في الأصول، ولعل الصواب:"الالتزام".
يُصَدْ لكم" (1) كيف حرَّم على المحرِمِ الأكلَ مما صاده الحلال إذا كان قد صاده
(1) رواه أحمد (3/ 362)، والشافعي (1/ 322 - 323 أو رقم 839 - ترتيبه)، وعبد الرزاق (8349)، وأبو داود (1851) في (المناسك)؛ باب لحم الصيد للمحرم، والترمذي (846) في الحج، باب ما جاء في أكل الصيد للمحرم، والنسائي (5/ 187) في (المناسك): باب إذا أشار المحرم إلى الصيد فقتله، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(2/ 171)، وابن خزيمة في "صحيحه"(2641)، وابن حبان (3971)، والدارقطني (2/ 290)، وتمام في "الفوائد"(2/ 236 رقم 629 - ترتيبه) والحاكم (1/ 452 و 476)، والبغوي (7/ 1989)، والبيهقي (5/ 190)، وفي "المعرفة"(7/ 429 رقم 10579) وا بن عبد البر (9/ 62) وأبن الجوزي في "التحقيق"(6/ 165 - 166 رقم 1485) من طرق عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن حنطب عن جابر به مرفوعًا.
وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
ورواه أحمد (3/ 387 و 389)، والشافعي (1/ 323)، والطحاوي (2/ 171)، والدارقطني (2/ 290 - 291)، والحاكم (1/ 476) والبيهقي في "المعرفة"(7/ 430 رقم 10582) وابن الجوزي في "التحقيق"(6/ 165 رقم 1484) من طرق عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب عن رجل من بني سلمة (وعند بعضهم عن رجل من الأنصار) عن جابر.
قال الحاكم: هذا لا يعلل حديث من وصله وهم ثقات.
أقول: علة الحديث هو المطلب وهو ابن عبد اللَّه بن حنطب فقد قال البخاري: لا أعرف له سماعًا من أحد الصحابة إلا قوله: حدثني من شهد خطبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ونحو هذا قال الدارمي والترمذي، وأبو حاتم في "المراسيل"(ص 210).
وقال ابن سعد: كان كثير الحديث، وليس يحتج بحديثه لأنه يرسل.
وقال الحافظ في "التلخيص"(2/ 276): مختلف فيه وإن كان من رجال "الصحيحين".
وعزاه لـ"السنن" وهو ليس عند ابن ماجه.
وقال ابن التركماني في تعليقه على "سنن البيهقي"(5/ 191): فالحديث في نفسه معلول، عمرو بن أبي عمرو مع اضطرابه في هذا الحديث -متكلم فيه-، وقال النسائي: عمرو ابن أبي عمرو متكلم فيه، وإن كان روى له مالك.
ورواه الطحاوي (2/ 171) من طريق إبراهيم بن سويد قال: حدثني عمرو عن المطلب عن أبي موسى.
وإبراهيم هذا خالف الثقات من أصحاب عمرو وهم أحفظ منه وأوثق، كما قال الحافظ في "التلخيص" وتابع إبراهيم هذا يوسف بن خالد السمتي رواه ابن عدي (7/ 2617)، والطبراني في "الكبير" -كما في "المجمع"(3/ 231) -، وقال:"يوسف ضعيف"، قلت: بل هو أشد من ذلك، فقد كذبه غير واحد.
ورواه ابن عدي (5/ 1823)، والخطيب في "الرواة عن مالك" -كما في "التلخيص" =
لأجله؟ فانظر كيف أثرَّ القصدُ في التحريم ولم يرفعه ظاهرُ الفِعْل، ومن ذلك الأثر المرفوع من حديث أبي هريرة:"مَنْ تزوج امرأة بصَدَاق ينوي أن لا يؤدّيه إليها فهو زانٍ، ومن ادَّانَ دينًا ينوي أن لا يقضيه فهو سارق"(1) ذكره أبو حفص بإسناده؛ فجعل المشتري والناكح إذا قصدا أن لا يؤدّيا العِوَضَ بمنزلة مَنِ استحل الفرج والمال بغير عوض، فيكون كالزاني والسارق في المعنى وإن خالفهما في الصورة، ويؤيد ذلك ما في "صحيح البخاري" مرفوعًا:"مَنْ أخذ أموالَ الناس يريد أداءَها أدَّاها اللَّه عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه اللَّه"(2).
فهذه النصوص وأضعافها تدل على أن المقاصد تغيّر أحكام التصرفات من العقود وغيرها، وأحكام الشريعة تقتضي ذلك أيضًا؛ فإن الرجل إذا اشترى أو
= (2/ 276) - من طريق عثمان بن خالد عن مالك عن نافع عن ابن عمر به مرفوعًا نحوه. وعثمان هذا قال فيه ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة.
وضعفه البخاري، وانظر لزامًا تعليقي علي "الموافقات"(3/ 10 - 12) وتعليقي على "سنن الدارقطني"(رقم 2706 - 2710). و"بيان الوهم والإيهام"(3/ 83 رقم 777) و"التحقيق"(6/ 165 رقم 1484).
(1)
حديث أبي هريرة هذا ذكره الغزالي في "إحياء علوم الدين"(4/ 353)، ولم يعزه العراقي لأحد، بل ذكر له شاهدًا من حديث صهيب الرومي.
ثم وجدت حديث أبي هريرة هذا، رواه البزار في "مسنده"(1429 و 1430) والبيهقي (7/ 241) وابن الجوزي في "الواهيات"(1029) -وعزاه ابن تيمية في "بيان الدليل"(137) إلى ابن بطة- والأول اقتصر على الزواج.
قال الهيثمي في "المجمع": (4/ 131) رواه البزار من طريقين:
الأول: فيه محمد بن الحصين الجزري، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، والثاني: فيه محمد بن أبان الكلبي، وهو ضعيف.
وله شاهد من حديث صهيب بلفظه: رواه أحمد في "مسنده"(4/ 332)، وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 154) والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 242)، وفي "شعب الإيمان"(5159)، و (5160) وابن الجوزي في "الواهيات"(1027، 1028).
ورواه ابن ماجه في (الصدقات): (2410)، والبخاري في "التاريخ الكبير"(1/ 230)، والطبراني في "الكبير"(7301)، والخطيب في "التاريخ"(6/ 312 - 313)، قال العراقي: وفي سنده اضطراب.
وفي الباب أيضًا عن ميمون الكردي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: رواه الطبراني في "الأوسط"(1851 و 6213)، وفي "الصغير" (111) قال الهيثمي في "المجمع" (4/ 132 و 284): رجاله ثقات.
(2)
رواه البخاري (2387) في (الاستقراض): باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها، من حديث أبي هريرة.