الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشافعي: فترك سالم قول جَدِّه لروايتها، قلتُ: لا كما تصنع فرقة التقليد.
وقال الأصم: أخبرنا الرَّبيعُ بن سُليمان: [سمعتُ الشافعي يقول] لنعطينَّك جملة تغنيك إن شاء اللَّه: لا تدع لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حديثًا أبدًا إلا أن يأتي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خلافه فتعمل بما قلتُ لك في الأحاديث إذا اختلفت (1).
[نقول عن الشافعي في المسألة]
قال الأصم: وسمعت الربيع يقول: سمعت الشافعي يقول: إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ودعوا ما قلت (2). وقال أبو محمد الجارودي: سمعت الربيع يقول: سمعت الشافعي يقول: إذا وجدتم سنة [من](3) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خلاف قولي فخذوا بالسنة ودعوا قولي، فإني أقول بها (4). وقال أحمد بن علي بن عيسى بن ماهان [الرازي] (5): سمعت الربيع يقول: سمعت الشافعي يقول: كل مسألة تكلَّمتُ فيها صح الخبر فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم عند أهل النقل بخلاف ما قلت فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي (6).
وقال حرملة بن يحيى: قال الشافعي: [كلُّ] ما قلت وكان (7) النبي صلى الله عليه وسلم قد
(1) أخرجه البيهقي في "مناقب الشافعي"(1/ 472)، وذكره أبو شامة في "مختصر المؤمل"(57)، والسبكي في "معنى قول الإمام المطلبي"(3/ 99 - الرسائل المنيرية أو ص 121 - ط البشائر)، وابن حجر في "التأنيس"(63).
ما بين المعقوفتين من مصادر التخريج.
(2)
أخرجه الخطيب في "الفقيه والمنفقه"(1/ 150)، والبيهقي في "المدخل"(249)، و"المناقب"(1/ 472 - 473)، وأبو نعيم (9/ 107)، ونحوه في "آداب الشافعي ومناقبه"(1/ 67 - 68)، و"معنى قول الإمام المطلبي"(72، 76)، و"اصفة الصفوة"(2/ 257) و"مقدمة المجموع"(1/ 108)، و"السير"(10/ 34، 78)، و"مختصر المؤمل"(57)، و"الإيقاظ"(100).
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(4)
أخرجه البيهقي في "مناقب الشافعي"(1/ 473)، وذكره أبو شامة في "مختصر المؤمل"(57)، والسبكي في "معنى قول الإمام المطلبي"(ص 72).
(5)
بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "يقول".
(6)
المقولة في "الأم"(7/ 183)، وأخرجها البيهقي في "مناقب الشافعي"(1/ 473)، وهي في "مختصر المؤمل"(74)، و"معنى قول الإمام المطلبي"(2/ 98 - الرسائل المنيرية)، و"مفتاح الجنة"(83، 130)، و"الإيقاظ"(14).
(7)
في المطبوع: "وقد كان".
قال بخلاف قولي مما يصح فحديث النبي صلى الله عليه وسلم أولى، ولا (1) تقلِّدوني (2). وقال الحاكم: سمعتُ الأصم يقول: سمعت الربيع يقول: سمعت الشافعي يقول، وروى حديثًا، فقال له رجل: تأخذ بهذا يا أبا عبد اللَّه؟ فقال: متى رويتُ عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حديثًا صحيحًا فلم آخذ به فأشهدكم أن عقلي قد ذهب، وأشار بيده على رؤوسهم (3).
وقال الحميدي: سأل رجل الشافعي عن مسألة فأفتاه، وقال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كذا، فقال الرجل: أتقول بهذا؟ قال: رأيت في وسطي زُنَّارًا (4)؟! أتراني خرجتُ من الكنيسة؟! أقول قال النبي صلى الله عليه وسلم وتقول لي: أتقول بهذا؟ أروي (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أقول به (6)؟! وقال الحاكم: أنبأني أبو عمرو بن السماك مشافهة أن أبا سعيد الجَصَّاص حَدَّثهم قال: سمعتُ الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي يقول -وسأله رجل عن مسألة فقال: رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا وكذا، فقال له السائل: يا أبا عبد اللَّه أتقول بهذا؟ فارتعَد الشافعيُّ واصفرَّ وحَالَ لونه، وقال: -ويحك! أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا رويت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئًا فلم أقل به؟ نعم على الرأس والعينين، نعم على الرأس والعينين (7)، وقال: وسمعتُ الشافعي يقول: ما من أحد إلا وتذهب عليه سنةٌ لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه (8)، فمهما قلت من قول أو أَصَّلتُ من أصل فيه عن
(1) في المطبوع: "لا".
(2)
أخرجه ابن أبي حاتم في "آداب الشافعي"(67، 68، 93)، وأبو نعيم في "الحلية"(9/ 106 - 107)، والبيهقي في "مناقب الشافعي"(1/ 473)، وهو في "مختصر المؤمل"(58)، و"الإيقاظ"(50، 104)، وما بين المعقوفتين من مصادر التخريج.
(3)
في المطبوع و (ن) و (ك): "إلى رؤوسهم"، ومضى تخريج هذا القول قريبًا.
(4)
الزُّنار: ما على وسط المجوسي والنصراني: وفي "التهذيب": ما يلبسه الذمي، بشده على وسطه. قاله ابن منظور في "اللسان"(4/ 330 - مادة زنر).
(5)
في المطبوع: "روى".
(6)
أخرجه أبو نعيم في "الحلية"(9/ 106)، و"ذِكر أخبار أصبهان"(1/ 183)، والبيهقي في "مناقب الشافعي"(1/ 474)، وإسناده صحيح وهو في "الإحكام"(6/ 885) لابن حزم و"مختصر المؤمل"(58)، و"معنى قول الإمام المطلبي"(2/ 98) أو ص (72 - 73 - ط دار البشائر)، و"مفتاح الجنة"(12، 129، 130)، و"الإيقاظ"(104).
(7)
أخرجه أبو نعيم (9/ 106)، والبيهقي في "المناقب"(1/ 475)، وهو في "معجم الأدباء"(17/ 310)، و"معنى قول الإمام المطلبي"(73 - ط دار البشائر)، و"الإيقاظ"(100).
(8)
في (ن): "وتغرب عنه".
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت فالقول ما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وهو قولي، [وجعل](1) يردد هذا الكلام (2)، وقال الربيع: قال الشافعي: لم أسمع أحدًا نَسبتْهُ عامةٌ أو نسَبَ نفسه إلى علم يخالف في أن فَرضَ اللَّه اتباع أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والتسليم لحكمه فإن اللَّه لم يجعل لأحدٍ بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قول [بكل حال](3) إلا بكتاب اللَّه أو سنة رسوله، وأن ما سواهما تَبعٌ لهما، وأن فَرْضَ اللَّه علينا وعلى مَنْ بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واحدٌ لا يختلف فيه [أنه] الفرض، وواجبٌ قبول الخبر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلا فرقة سأصف قولها إن شاء اللَّه تعالى. وقال الشافعي: ثم تفرَّق أهل الكلام في تثبيت خبر الواحد عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تفرقًا متباينًا، وتفرق عنهم ممن نَسبتهُ العامة إلى الفقه تفرقًا أتى بعضُهم فيه أكثر من التقليد أو التحقيق من النظر والغفلة والاستعجال بالرياسة (4). وقال عبد اللَّه بن أحمد: قال أبي: قال لنا الشافعي: إذا صح عندكم (5) الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقولوا لي حتى أذهب إليه (6).
وقال الإمام أحمد: كان أحسن أمر الشافعي عندي أنه كان إذا سمع الخبر لم يكن عنده قال به وتَركَ قوله (7)، وقال الربيع: قال الشافعي: لا نترك الحديث عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأن لا يدخله القياس ولا موضع للقياس لموقع السنة (8)، قال الربيع [عن الشافعي]: وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي أنه قضى في بَرْوَع
(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(2)
أخرجه البيهقي في "المناقب"(1/ 475)، وهو في "معجم الأدباء"(17/ 311)، و"مختصر المؤمل"(58)، و"معنى قول الإمام المطلبي"(76 - 77 - ط البشائر)، و"الإيقاظ"(63 - 100).
(3)
بدلها في سائر النسخ "رجل قال"، وهو خطأ، والتصويب من مصادر التخريج.
(4)
انظر "مناقب الشافعي"(1/ 475 - 476)، للبيهقي و"جامع بيان العلم"(1/ 562 - فما بعد).
(5)
في المطبوع: "لكم".
(6)
رواه الطبراني عن عبد اللَّه به؛ كما في "معنى قول الإمام المطلبي"(74)، وبنحوه عند ابن أبي حاتم في "آداب الشافعي"(95)، وأبي نعيم في "الحلية"(9/ 170)، وابن عبد البر في "الانتقاء"(75)، والبيهقي في "مناقب الشافعي"(1/ 476).
(7)
أخرجه البيهقي في "المدخل"(251)، و"المناقب"(1/ 476)، وذكره ابن حجر في "التأنيس"(63).
(8)
أخرجه البيهقي في "المناقب"(1/ 478)، وهو في "معنى قول الإمام المطلبي"(ص 77)، ونحوه في "الرسالة" للشافعي (ص 599 رقم 1817).
بنت وَاشِق أنكحت (1) بغير مهر، فمات زوجها، فقضى لها بمهر نسائها، وقضى لها بالميراث (2)، فإن كان ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو أولى الأمور بنا، ولا حجة في
(1) في (ن) و (ك): "ونكحت".
(2)
رواه معقل بن سنان، وقد وقع فيه اختلاف، وقد وقع في حادثة استفتي فيها ابن مسعود فقام معقل وأيَّده أن هذا هو حكم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ فرواه ابن أبي شيبة (4/ 300)، وأبو داود في (النكاح):(2114) باب فيمن تزوج ولم يُسمِّ صداقًا حتى مات، وابن ماجه (1891) في (النكاح): باب الرجل يتزوج، ولا يفرض لها فيموت، والنسائي (6/ 122) في (النكاح): باب إباحة التزويج بغير صداق، وفي "الكبرى"(5517)، والحاكم (2/ 180 - 181)، والبيهقي (7/ 245)، وابن حبان (4098) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ورواه الطبراني في "الكبير"(20/ 545) من طريق أبي حذيفة، ورواه (20/ 546) من طريق يزيد الدالاني ثلائتهم عن سفيان عن فراس عن الشعبي عن مسروق عن ابن مسعود، فقال معقل بن سنان. . فذكره.
وقد اختلف فيه على الشعبي؛ كما بينه النسائي في "سننه الكبرى"؛ فانظره هناك.
وقد ذكرنا طريق ابن مهدي أنه يرويه عن سفيان عن فراس، ورواه ابن أبي شيبة (4/ 300)، وأبو داود (2115)، والنسائي (6/ 122)، وفي "الكبرى"(5519)، وابن ماجه (1891)، وابن الجارود (718)، وابن حبان (4099)، والبيهقي من طريقه عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود. . . فشهد معقل بن سنان فخالف في إسناده.
وتابعه أيضًا على هذا الطريق يزيد بن هارون، وعبد الرزاق: أخرجه عبد الرزاق (10898 و 11745)، والترمذي (1145)، وابن الجارود (718)، والطبراني في "الكبير"(20/ 543)، والبيهقي (7/ 245)، وأحمد (3/ 480)، وأبو داود (2115)، والنسائي (6/ 121) وفي "الكبرى"(5516)، بعضهم عن عبد الرزاق ويزيد معًا، وبعضهم عن يزيد وحده.
وتابعه أيضًا زيد بن الحباب: رواه الترمذي (1145)، والنسائي (6/ 198)، ورواه النسائي (6/ 121)، وفي "الكبرى"(5515)، وابن حبان (4100) من طريق زائدة عن منصور عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد اللَّه. . فقام فلان الأشجعي.
ورواه الطبراني (20/ 544) من طريق الأعمش عن إبراهيم به.
ورواه ابن أبي شيبة (4/ 301 - 302)، والنسائي (6/ 122 - 123)، وفى "الكبرى"(5518)، وابن حبان (4101)، والحاكم (2/ 180)، والبيهقي (7/ 245)، والطبراني (20/ 542) من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن ابن مسعود. . فقام رجل يقال له: معقل بن سنان.
وقد ذكرت من قبل أنه اختلف على الشعبي فيه، ورواه أبو داود (2116)، والبيهقي (7/ 246) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي حسان، وخلاس بن عمرو عن عبد اللَّه بن عتبة أن ابن مسعود. . . فقام ناس من أشجع فيهم الجَرَّاح، وأبو سنان =
قول أحد دون النبي صلى الله عليه وسلم ولا في قياس ولا في شيء إلا طاعة اللَّه بالتسليم له، وإن كان لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن لأحد أن يثبت عنه ما لم يثبت، ولم أحفظه من وجه يثبت مثله، هو مرة عن معقل بن يسار ومرة عن معقل بن سنان ومرة عن بعض أشجع لا يُسمَّى (1). وقال الربيع: سألت الشافعي عن رفع الأيدي في الصلاة، فقال: يَرفُع المصلي يديه إذا افتتح الصلاة حذو منكبيه، وإذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، ولا يَفعل ذلك في السجود.
قلت له: فما الحجة في ذلك؟
فقال: أنبأنا ابن عُيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل قولنا (2).
قال الربيع: فقلت له: فإنا نقول: يَرفعُ في الابتداء ثم لا يعود.
قال الشافعي: أنا مالك، عن نافع أن ابن عمر كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك (3)، قال الشافعي:
= (معقل بن سنان)، والحديث قال فيه الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم على شرط الشيخين وقال: سمعت أبا عبد اللَّه محمد بن يعقوب الحافظ قال: لو حضرت الشافعي لقمت على رؤوس أصحابه، وقلت: فقد صح الحديث فقل به.
وقال البيهقي: وهذا الاختلاف لا يؤثر في الحديث فإن جميع هذه الروايات إسنادها صحيح، وقال ابن حزم: لا مغمز فيه، لصحة إسناده.
وقال النووي في "روضة الطالبين"(7/ 282): الحديث صحيح، ولا اعتبار بما قيل في إسناده.
ونقل الترمذي في "الجامع"(كتاب النكاح): باب ما جاء في الرجل يتزوج المرأة، فيموت عنها قبل أن يفرض لها (3/ 451) رجوع الشافعي إليه، فقال:"وروي عن الشافعي أنه رجع بمصر عن هذا القول، وقال بحديث بَرْوَع بنت واشق".
وقد جاء الحديث من روايتها هي -كما قال الحافظ في "الإصابة"، أخرجه ابن أبي عاصم- وليس هو في المطبوع من "الآحاد والمثاني" -من طريق المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عنها فذكرته، والمثنى ضعيف.
(1)
"الأم": كتاب الصداق: باب التفويض: (5/ 61)، وعنه البيهقي في "مناقب الشافعي"(1/ 478 - 479).
(2)
هو في "مسنده"(1/ 72 - ترتيب السندي)، ورواه البخاري (735) في (الأذان): باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء، و (736) باب رفع اليدين إذا كبر، وإذا ركع، وإذا رفع، و (738) باب إلى أين يرفع، ومسلم (390) في (الصلاة): باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين.
(3)
رواه مالك في "الموطأ"(1/ 77)، ومن طريقه الشافعي (1/ 72 - 73)، وأبو داود =
وهو -يعني مالكًا- يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا افتتح الصلاة رفع (1) يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك (2)، ثم خالفتم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وابن عمر، فقلتم (3): لا يرفع يديه إلا في ابتداء الصلاة، وقد رويتم عنهما أنهما رفعاهما في الابتداء وعند الرفع من الركوع، أفيجوز لعالم أن يتركَ فعل النبي صلى الله عليه وسلم (4)[وفعل](5) ابن عمر لرأي نفسه؟ أو فعل النبي صلى الله عليه وسلم (6) لرأي ابن عمر؟ ثم القياس على قول ابن عمر، ثم يأتي موضع آخر يصيب فيه، فيترك على ابن عمر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم؟
فكيف لم ينهه بعضُ هذا عن بعض؟ أرأيت إذا جاز له أن يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع (7) يديه في [الصلاة] مرتين أو ثلاث وعن ابن عمر فيه اثنتين، أنأخذ بواحدة ونترك واحدة؟ أيجوِّز لغيره تَزك الذي أخذ به وأَخْذ الذي ترك؟ أو يجوز لغيره [تركه عليه. قال الشافعي: لا يجوز له ولا لغيره] (8) ترك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فقلت له: فإن صاحبنا قال: فما معنى الرفع؟ قال [الشافعي: هذه الحجة غاية في الجهالة] معناه تعظيم للَّه واتباع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى الرفع في الأولى معنى الرفع الذي خالفتم فيه النبي صلى الله عليه وسلم عند الركوع وعند رفع الرأس من الركوع، ثم خالفتم فيه روايتكم عن النبي صلى الله عليه وسلم وابن عمر معًا، [لغير قول واحد روى عنه رفع الأيدي في الصلاة، تثبت روايته] ويَروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر رجلًا أو أربعة عشر رجلًا (9) ورُوي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه، ومن
= (742) في (الصلاة): باب افتتاح الصلاة، وقال أبو داود: لم يذكر "رفعها دون ذلك" أحد غير مالك فيما أعلم.
(1)
في مطبوع "المناقب"(1/ 382) -ومنه ينقل المصنف-: "إذا ابتدأ الصلاة يرفع".
(2)
سيأتي تخريجه.
(3)
في (ق): "وقلتم".
(4)
في مطبوع "المناقب": "يترك على النبي"!!
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(6)
في مطبوع "المناقب": "أو على النبي".
(7)
كذا في "المناقب"، وفي سائر النسخ "أن يرفع".
(8)
ما بين المعقوفتين من "الأم"، وسقط من مطبوع "المناقب"، ونسخ "الإعلام".
(9)
جمعها البخاري في جزء مفرد مطبوع أكثر من مرة، أحسنها مع "جلاء العينين" للسندي رحمه اللَّه تعالى.
وقال الذهبي في "السير"(5/ 293) عن هذه السنة: "متواترة"، وانظر -غير مأمور- كتابي "القول المبين"(ص 104 - 109 ط الأولى).
تركه فقد ترك السنة (1).
قلت: وهذا تصريح من الشافعي بأن تارك رفع اليدين عند الركوع و [عند](2) الرفع منه تارك للسنة، ونص أحمد على ذلك أيضًا في إحدى الروايتين عنه.
وقال الربيع: سألت الشافعي عن الطيب قبل الإحرام بما يبقى ريحه بعد الإحرام وبعد رمي الجمرة والحلاق وقبل الإفاضة؟ فقال: جائز، وأحبُّه، ولا كراهة؛ لثبوت السنة فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم (3) والأخبار عن غير واحد من الصحابة.
فقلت: وما حجتك فيه؟ فذكر الأخبار فيه والآثار ثم قال: أنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سالم قال: قال عمر رضي الله عنه: مَنْ رمى الجمرة فقد حَلَّ له ما حرمُ عليه إلا النساء والطيب (4). قال سالم: وقالت عائشة: طيَّبتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيدي (5)، وسنة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع.
قال الشافعي: وهكذا ينبغي أن يكون الصالحون وأهل العلم، فأما ما تذهبون إليه من ترك السنة وغيرها لترك (6) ذلك [الغير](7) لرأي أنفسكم فالعلم إذن إليكم تأتون منه ما شئتم وتدعون ما شئتم (8).
وقال في "الكتاب القديم"، (رواية الزعفراني) في مسألة بيع المُدبَّر في جواب من قال له: إن بعض أصحابك قد قال خلاف هذا، قال الشافعي: فقلت له: من تَبعَ سنَّة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وافقْتُه، ومن غَلط فتركها خالفْتُه، صاحبي (9) الذي لا أفارقه اللازم الثابت عن (10) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وإنْ بَعُد، والذي أفارق من لم يقبل
(1) انظر: "الأم"(7/ 233)، و"اختلاف الحديث"(7/ 413 - 414 بهامش الأم)، و"مناقب الشافعي"(1/ 482 - 484)، وما بين المعقوفتين منه، و"طبقات الشافعية الكبرى"(2/ 100) ترجمة (أبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني).
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ن).
(3)
مضى تخريجه.
(4)
هو في "الأم"(7/ 200)، و"مسند الشافعي"(1/ 299)، وانظر ما تقدم.
(5)
سبق تخريجه قريبًا.
(6)
في النسخ "وترك"، والتصويب من المصادر التي نقلت هذا الكلام!!
(7)
بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع: "لغير شيء بل".
(8)
الخبر بطوله في "الأم": (7/ 199 - 200)، وعنه البيهقي في "مناقب الشافعي"(1/ 484).
(9)
في المطبوع: "حتى صاحبي" والمثبت من (ق).
(10)
في المطبوع: "لا أفارق الملازم الثابت مع"! وفي (ق) و (ك): "اللازم"، وفيها وسائر النسخ "مع"، والتصويب من مصادر التخريج.
بسنة (1) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وإن قرب (2).
وقال في خطبة كتابه: "إبطال الاستحسان"(3): الحمد للَّه على جميع نعمه بما هو أهله وكما ينبغي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، بعثه بكتاب عزيز:{لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42] فهدى بكتابه، وعلى (4) لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ثم أنعم عليه وأقامَ الحجَّةَ على خلقه لئلا يكون للناس على اللَّه حجة بعد الرسل، وقال [تعالى] (5):{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً} [النحل: 89]، وقال:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وفرض عليهم اتباع ما أنزل إليهم، وسَنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لهم، فقال:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36] فأَعلَم أن معصيته في ترك [أمره و](6) أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولم يجعل لهم إلا اتباعه، وكذلك قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:{وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ} [الشورى: 52 - 53] مع ما عَفَم اللَّه نبيَّه، ثم فرض اتباع كتابه فقال:{فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ} [الزخرف: 43]، وقال:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: 49] وأعلمهم أنه أكمل لهم دينهم فقال عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] إلى أن قال: ثم مَنَّ عليهم بما آتاهم من العلم فأمرهم بالاقتصار عليه، وأن لا يقولوا غيره إلا ما علَّمهم، فقال لنبيِّه:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ} [الشورى: 52]، وقال لنبيه:{قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} [الأحقاف: 9]، وقال لنبيّه:{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23 - 24] ثم أنزل على نبيه أنْ غَفَر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر، يعني -واللَّه أعلم- ما تقدم من ذنبه قبل الوحي وما تأخَّر [قبل](7) أن
(1) في سائر النسخ "يقل بحديث"!.
(2)
نقله البيهقي في "مناقب الشافعي"(1/ 485)، وقال عقبه:"وللشافعي في هذا الجنس كلام كثير تركته لكثرته وهو منقول في "المبسوط المردود إلى ترتيب المختصر"، وبعضه في كتاب "المعرفة"، واللَّه يغفر لنا وله برحمته".
(3)
انظر: "الأم"(كتاب الاستحسان): (7/ 294 - 295).
(4)
في المطبوع: "ثم على".
(5)
ما بين المعقوفتين من (ق).
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (ط).
(7)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
يعصمه فلا يذنب، فعلم ما يفعل به مِن رضاه عنه، وأنه أول شافع ومشفع يوم القيامة، وسيّد الخلائق، وقال لنبيه:{ولَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل في امرأة رجل رماها بالزنا، فقال له يَرْجع، فأوحى اللَّه إليه آية اللعان فلاعن بينهما (1)، وقال:{[قُلْ] (2) لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: 65]، وقال:{إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ [وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ] (2)} [لقمان: 34] الآية، وقال لنبيه:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات: 42 - 43] فحَجَب عن نبيه علم الساعة، وكان مَنْ عدا ملائكة اللَّه المقربين وأنبياءه المصطفين من عباد اللَّه أقصر علمًا من ملائكته وأنبيائه، واللَّه عز وجل فَرضَ على خلقه طاعة نبيه، ولم يجعل لهم من الأمر شيئًا. وقد صنَّف الإمام أحمد رضي الله عنه كتابًا في طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم (3) ردَّ فيه على من احتج بظاهر القرآن في معارضة سنن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وترك الاحتجاج بها، فقال في أثناء خطبته: إن اللَّه جل ثناؤه وتقدست أسماؤه بعث محمدًا بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأنزل عليه كتابه الهدى والنور لمن اتبعه، وجعل رسولَه الدال على ما أراد من ظاهره وباطنه وخاصِّه وعامِّه وناسخه ومنسوخه وما قصد له الكتاب؛ فكان رسول اللَّه هو المعبِّر عن كتاب اللَّه الدال على معانيه، شَاهَدَه في ذلك أصحابه الذين ارتضاهم اللَّه لنبيه واصطفاهم له، ونقلوا ذلك عنه، فكانوا هم أعلم الناس برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وبما أراد اللَّه من كتابه بمشاهدتهم ما قصد له الكتاب، فكانوا هم المُعبِّرين عن ذلك بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، قال جابر: ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو
(1) هو حديث سهل بن سعد في قصة عويمر العجلاني: رواه البخاري (423) في (الصلاة): باب القضاء واللعان في المسجد، و (4745) في (التفسير): باب {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ. . .} ، و (4746) باب {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7)} و (5659) في (الطلاق): باب من جوز الطلاق الثلاث، و (5308) في (اللعان): و (5309) في (التلاعن في المسجد)، و (7165 و 7166) في (الأحكام): باب من قضى ولاعن في المسجد، و (7304) في (الاعتصام): باب ما يكره من التعمق والتنازع والغلو في الدين، ومسلم (1492) في أول اللعان.
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(3)
ذكره له في "مختصر الصواعق المرسلة"(2/ 530) أيضًا، وقال:"رواه عنه ابنه صالح"، ونقل خطبته؛ كما فعل هنا، وانظر:"موارد ابن القيم في كتبه"(رقم 287).
وأكثر أبو يعلى الفراء في "العدة في أصول الفقه" من النقل عنه، انظر:"فهرسته"(5/ 1790).
يعرف تأويله وما عَمِلَ به من شيء عملنا به، ثم ساق الآيات الدالة على طاعة الرسول، فقال جل ثناؤه في أول آل عمران:{وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران: 131 - 132]، وقال [تعالى] (1):{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 32]، وقال في النساء:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، وقال:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]، وقال:{وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79) مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 79 - 80]، وقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]، وقال:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)} [النساء: 13 - 14]، وقال:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ [وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا] (2)} [النساء: 105]، وقال في المائدة:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [المائدة: 92]، وقال:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1)} [الأنفال: 1]، وقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال: 24]، وقال:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ [وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ] (3)} [الأنفال: 46]، وقال:{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: 51، 52]، وقال:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور: 56]، وقال:{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النور: 54] وقال: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ
(1) ما بين المعقوفتين من (ق).
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]، وقال:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ [وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ] (1)} [النور: 62]، وقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71]، وقال:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36] وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، وقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]، وقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ، وكان الحسن يقول: لا تذبحوا قبل ذبحه (2){يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى [لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ] (3) وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 2 - 5]، وقال:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح: 17]، وقال:{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: 1 - 5]، وقال:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7]، وقال:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [التغابن: 12]، وقال:{فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10) رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [الطلاق: 10 - 11]، وقال: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ
(1) بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "الآية".
(2)
روى الطبري في "تفسيره"(11/ 378) عند هذه الآية عن الحسن قال: هم قوم نحروا قبل أن يصلي النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيدوا الذبح.
(3)
بدل ما بين المعقوفتين في (ق) و (ك): "إلى قوله".
شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ [وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا](1)} [الفتح: 9]، وقال:{أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} [هود: 17] قال ابن عباس: هو جبريل، وقاله مجاهد (2):{وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ} [هود: 17]، قال سعيد بن جبير: الأحزاب المِلل (3)، ثم ذكر حديث يعلى بن أمية: طُفْت مع عمر، فلما بلغنا الركن الغربيَ الذي يلي الأسود جررْتُ بيده ليستلم، فقال: ما شأنك؟ فقلت: ألا تستلم؟ فقال: ألم تطُف مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: بلى، قال: أفرأيته يستلم هذين الركنين الغربيين؟ قال: لا، قال: أليس لك فيه أسوة حسنة؟ قلت: بلى، قال: فانفذ عنك (4). قال: وجعل معاوية يستلم الأركان كلها، فقال له ابن عباس: لِمَ تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يستلمُهما؟ فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجورًا، فقال ابن
(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(2)
رواه الطبري في "تفسيره"(12/ 16) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(4/ 410) لابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه من طرق عن ابن عباس.
وقول مجاهد في "تفسيره"(1/ 301 - 352) ورواه الطبري أيضًا في "تفسيره" عنه.
(3)
في (ق) و (ك) أدخل قول سعيد في الآية بعد قوله: "ومن يكفر به من الأحزاب"، وقول سعيد رواه الطبري (7/ 20 و 21).
(4)
رواه أحمد في "مسنده"(1/ 37)، وأبو يعلى (182) من طريق يحيى بن سعبد عن ابن جريج حدثني سليمان بن عتيق عن عبد اللَّه بن بابَيْه عن يعلى بن أمية به.
وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، لكن رواه عبد الرزاق (8945)، وأحمد (1/ 45) عن روح، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة"(2/ 205)، ومن طريقه البيهقي (5/ 77) عن ابن أبي عاصم النبيل (ثلاثتهم: عبد الرزاق، وروح، وأبو عاصم)، عن سليمان بن عتيق عن عبد اللَّه بن بابيه عن بعض بني يعلى عن يعلى بن أمية به.
أقول: عبد اللَّه بن بابيه، ولقال: باباه توفي بعد المئة؛ كما ذكر الحافظ في "التقريب"، ويعلى بن أمية توفي في الأربعين فهل الصحيح إثبات الواسطة -وعندئذ يكون في الإسناد جهالة- أم يكون أدركه في وى الحديث على الوجهين؟!
وقال الحافظ في "التعجيل"(ص 542): عبد اللَّه بن بابيه عن بعض بني يعلى بن أمية: لعله صفوان.
قلت: أولاد يعلى الذين رووا عنه: صفوان، ومحمد وعثمان، وعبد الرحمن، وصفوان هو أشهرهم، وهو من الثقات، والآخرون ليس لهم في الكتب الستة شيء، وأنا أستبعد أن يكون صفوان، وإلا لسمّاه. =
عباس: {ولقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، فقال معاوية: صدقت (1).
= ثم وجدت الزيلعي في "نصب الراية"(3/ 47) ينقل عن صاحب "التنقيح" -وهو فيه 2/ 455 رقم 1358) - أنه قال في هذا الحديث: في صحة هذا الحديث نظر. وقال أحمد شاكر في تعليقه على "المسند"(1/ 256): ولكن يعل هذا الحديث بأن الأحاديث الصحاح ثبتت فيها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. استلم الحجر، وأن عمر رآه وروى عنه ذلك.
والحديث رواه أحمد (1/ 71) من طريق محمد بن بكر عن ابن جريج أخبرني سليمان عن عبد اللَّه عن بعض بني يعلى عن يعلى قال: طفت مع عثمان. . .
وعزاه الحافظ الهيثمي (3/ 240) لأبي يعلى، وقال:"وله عند أبي يعلى إسنادان، رجال أحدهما رجال الصحيح، وفي إسناد أحمد راو لم يُسمَّ".
فهل هناك وهم؟ أم هما قصتان حصلتا مع عمر وعثمان؟ أغلب ظني أن هناك وهمًا لاتحاد مَخْرَج القصة، واللَّه أعلم.
وفي (ق): "فانذ عنك" وفوقها "كذا".
(1)
رواه أحمد (1/ 217)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(2/ 184) من طريق خصيف عن مجاهد عن ابن عباس.
وخصيف هذا ضعيف؛ لكن رواه عبد الرزاق (8944)، وأحمد (1/ 246 و 333 و 372)، والترمذي (858) في (الحج): باب ما جاء في استلام الحجر والركن اليماني، والطبراني في "الكبير" (10631 و 10632) من طريق عبد اللَّه بن عثمان بن خُثيم عن أبي الطفيل قال: كنت مع ابن عباس ومعاوية، فذكره نحوه دون ذكر الآية.
وسنده صحيح على شرط مسلم.
ورواه أحمد (1/ 372)، والطبراني في "الكبير"(10636)، والبيهقي (5/ 76 - 77) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي الطفيل به.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
ورواه الطبراني (10634) و (10635)، والبيهقي (5/ 76) من طريقي (شعبة، وعمرو بن الحارث) عن قتادة به، وانظر:"صحيح مسلم"(1269).
وروى أحمد في "مسنده"(4/ 98) من طريق محمد بن جعفر وحجاج عن شعبة قال: سمعت قتادة يحدث عن أبي الطفيل. . بالحديث مقلوبًا، أي عنده أن القائل: ليس من أركانه شيء مهجور. . . ابن عباس وليس معاوية.
ثم قال بعد روايته: قال شعبة: الناس يختلفون في هذا الحديث يقولون: معاوية هو الذي قال: ليس من البيت شيء مهجور؛ ولكنه حفظه من قتادة هكذا.
والصحيح الرواية الأولى؛ كما قال الدارقطني في "علله"(7/ 55)، وانظر:"الفتح (3/ 473 - 474)، و"صحيح البخاري" (رقم 1608).
وانظر كلام المؤلف رحمه الله في "زاد المعاد"(1/ 219).