الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[استحلال الخمر باسم آخر]
وأما استحلال الخمر باسم آخر فكما استحلَّ مَنْ استحل المسكر من غير عصير العنب وقال: لا أسميه خمرًا وإنما هو نبيذ، وكما يستحلها طائفة من المجَّان إذا مُزِجت ويقولون: خرجت [بالمزج](1) عن اسم الخمر، كما يخرج الماء بمخالطة غيره له عن اسم الماء المطلق، وكما يستحلها من يستحلها إذا اتخذت عقيدًا ويقول؛ هذه عقيد (2) لا خمر، ومعلوم أن التحريم تابع للحقيقة والمفسدة لا للاسم والصورة؛ فإن إيقاع العداوة والبغضاء والصد عن ذكر اللَّه وعن الصلاة لا تزول بتبديل الأسماء والصور [عن ذلك](3)، وهل هذا إلا من سوء الفهم وعدم الفقه عن اللَّه ورسوله؟
[استحلال السحت باسم الهدية]
وأما استحلال السُّحت باسم الهدية -وهو (4) أظهر من أن يذكر- كرشوة الحاكم والوالي وغيرهما، فإن المرتشي ملعونٌ هو والراشي (5)؛ لما في ذلك من المفسدة، ومعلوم قطعًا أنهما لا يخرجان عن الحقيقة، وحقيقة الرشوة بمجرد اسم الهدية (6)، وقد عَلِمنا وعلم اللَّهُ وملائكتهُ ومَنْ له اطلاع على الحيل أنها رِشْوَة. وأما استحلال القتل باسم الإرهاب الذي تسميه وُلَاة الجور سياسة وهيبة (7) وناموسًا وحرمة للملك فهو أظهر من أن يذكر (8).
(1) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(2)
"هي الخمر غليظة"(و).
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق).
(4)
في (ك) و (ق): "فهو".
(5)
ورد ذلك في حديث رواه أحمد (2/ 164 و 190 و 194 و 212)، وأبو داود (3580) في "الأقضية": باب في كراهية الرشوة، والترمذي (1337) في "الإحكام": باب ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم، وابن ماجه (2313) في "الإحكام" باب: التغليظ في الحيف والرشوة، والطيالسي (2276)، وابن الجارود (586)، وابن حبان (5077) والحاكم (4/ 102 و 103) والبيهقي (10/ 138 - 139) من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وفي الباب عن جماعة من الصحابة. انظر "التلخيص الحبير"(4/ 189).
(6)
انظر "إغاثة اللهفان"(1/ 363) و"بدائع الفوائد"(1/ 6 و 3/ 145، 146).
(7)
في (و): "رهيبة" براء في أوله!
(8)
انظر: "ببان الدليل"(ص 107)، و"زاد المعاد"(3/ 202)، و"تهذيب السنن"(6/ 266)، و"الطرق الحكمية"(ص 108، 306 - 307)، و"الحدود والتعزيرات"(ص 484 - 486).
(تنبيه) نقل الشاطبي في "الاعتصام"(2/ 437 - بتحقيقي) هذا الكلام بتصرف يسير.