الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الوتر مع الاتصال]
المثال الثالث والسبعون: رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في الوتر بخمس متصلة وسبع متصلة كحديث أم سلمة: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُوترُ بسبع وبخمس، لا يفصل بينهنّ بسلام ولا كلام"(1) رواه الإِمام أحمد، وكقول عائشة رضي الله عنها:"كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُصلي من الليل ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً، يوتر من ذلك بخمس، ولا يجلس إلا في آخرهن" متفق عليه (2)، وكحديث عائشة رضي الله عنها "أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل تسع ركعات، لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر اللَّه ويحمده ويدعوه ثم ينهض، ولا يسلِّم، ثم يقوم فيصلِّي التاسعة، ثم يقعد فيذكر اللَّه ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليمًا يُسْمِعُنَاهُ، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد، فتلك إحدى عشرة ركعة، فلما أسَنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم أوتر بسبع، وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول"(3) وفي لفظ عنها: "فلما أسَنَّ
(1) رواه أحمد (6/ 290، 310، 321)، والنسائي في "سننه" (كتاب قيام الليل): باب كيف الوتر بخمس؟ (3/ 239)، وابن ماجه (1192) في (إقامة الصلاة): باب ما جاء في الوتر بثلاث وخمس وسبع وتسع، وأبو يعلى (6963)، وعبد الرزاق (4668)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(23/ 617) من طريق منصور وجرير بن عبد الحميد الضبي عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عنها به.
أقول: الحكم لم يسمع من مقسم إلا أربعة أحاديث، وهذا منها.
وفي سماع مقسم من أُم سلمة مقال فالإمام البخاري رحمه الله نفى ذلك في "تاريخه الصغير"(1/ 294)، وأما ابن سعد في "الطبقات" (5/ 295) فقال: وقد روى عن أم سلمة سماعًا.
والحديث رواه النسائي (3/ 239) من طريق إسرائيل، والخطيب في "تاريخ بغداد"(5/ 138) من طريق سفيان الثوري كلاهما عن منصور عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس عن أم سلمة به.
وهذا قد يؤيد عدم سماع مقسم لهذا الحديث من أم سلمة.
وقد ذكره ابن أبي حاتم في "علله"(1/ 159 - 160) من هذا الطريق الثاني -بإثبات ابن عباس-، وقال: قال أبي: هذا الحديث منكر!!
واعلم أنه ورد لفظ الحديث في بعض الروايات: سبع أو خمس.
(2)
هو في "صحيح مسلم" وحده، رواه في (صلاة المسافرين): باب صلاة الليل (737)، وأما في "صحيح البخاري" (رقم 1140) فقد قالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، منها الوتر وركعتا الفجر.
(3)
أخرجه مسلم في "الصحيح"(كتاب صلاة المسافرين): باب جامع صلاة الليل، ومن نام =
رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم أوتر بسبع ركعات لم يجلس إلا في السادسة والسابعة، ولم يسلّم إلا في السابعة" وفي لفظ:"صلى سبع ركعات لا يقعد إلا في آخرهن" وكلُّها أحاديث صحاح صريحة (1) لا معارض لها؛ فردت هذه بقوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مَثْنَى مَثْنَى" وهو حديث صحيح (2)، ولكن الذي قاله هو الذي أوتر [بالتسع](3) والسبع والخمس، وسننه (4) كلها حق يصدّق بعضُها بعضًا؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم أجاب السائلَ له عن صلاة الليل بأنّها مثنى مثنى، ولم يسأله عن الوتر، وأما السبع والخمس والتسع والواحدة فهي صلاة الوتر، والوتر اسم للواحدة المنفصلة مما قبلها، وللخمس والسبع والتسع المتصلة، كالمغرب اسم للثلاث المتصلة، فإن انفصلت الخمس والسبع [والتسع](5) بسلامين كالأحدى عشرة كان الوتر اسمًا للركعة المفصولة وحدها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح أوتر بواحدة توتر له ما صلّى"(6) فاتفق فعله صلى الله عليه وسلم وقوله، وصَدَّقَ بعضُه بعضًا، وكذلك يكون ليس إلا، وإن حصل تناقض فلا بد من أحد أمرين:
• إما أن يكون أحد الحديثين ناسخًا للآخر.
• أو ليس من كلام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
فإن كان الحديثان من كلامه وليس أحدهما منسوخًا فلا تناقض ولا تضاد هناك البتة، وإنما يؤتى مَنْ يؤتى هناك من قِبَل فهمه وتحكيمه آراء الرجال وقواعد المذهب على السنة؛ فيقع الاضطراب والتناقض والاختلاف، واللَّه المستعان (7).
= عنها أو مرض (746)، ووقع في المطبوع:"مثل صنعه في الأولى"، وفي (ن) و (ق):"مثل صنيعه في الأول" والتصويب من "صحيح مسلم".
وقول المصنف الآتي: "وفي لفظ عنها: فلما أسنّ. . . وفي لفظ: صلى سبع. . . " هو عند أبي داود (1342).
(1)
في (ق): "صحيحة".
(2)
في "الصحيحين"، وقد سبق تخريجه.
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك).
(4)
في (ق) و (ك): "وسنته".
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك).
(6)
الحديث في "الصحيحين"، وسبق تخريجه.
(7)
انظر كلام ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد"(1/ 86)، و"بدائع الفوائد"(4/ 112).