الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مخلوق منفصل عنه، وذلك لا يكون صفة له؛ لأنه سبحانه إنما يوصف بما قام به لا بما لم يقم به.
[رد الجهمية نصوص العلو بالتفصيل]
المثال الثاني عشر: وقد تقدم ذكره مجملًاونذكره هاهنا مفصلًا: رد الجهمية النصوص المتنوعة المحكمة على علو اللَّه على خلقه وكونه فوق عباده من ثمانية عشر نوعًا (1):
أحدها: التصريح بالفوقية مقرونة بأداة مِنْ المعيِّنة (2) لفوقية الذات نحو: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50].
الثاني: ذكرها مجردة عن الأداة كقوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18، 61].
الثالث: التصريح بالعروج إليه نحو: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: 4] وقول النبي صلى الله عليه وسلم "فيعرجُ الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم"(3).
الرابع: التصريح بالصعود إليه كقوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10].
الخامس: التصريح برفعه بعض المخلوقات إليه كقوله: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158]، وقوله:{إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55].
السادس: التصريح بالعلو المطلق الدال على جميع مراتب العلو ذاتًا وقدرًا وشرفًا، كقوله:{وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255]، {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ:
(1) فانظرها في "اجتماع الجيوش الإسلامية"(98 - فما بعدها)، و"الصواعق المرسلة"(4/ 1277 - فما بعدها).
(2)
في (ن): "المعنية".
(3)
أخرجه البخاري في "الصحيح"(كتاب مواقيت الصلاة): باب فضل صلاة العصر، (2/ 33/ رقم 55)، و (كتاب بدء الخلق): باب ذكر الملائكة، (6/ 306/ رقم 3223)، و (كتاب التوحيد): باب قول اللَّه تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} (13/ 415/ رقم 7429)، وباب كلام الرب مع جبريل ونداء اللَّه الملائكة (13/ 461/ رقم 7486)، ومسلم في "الصحيح":(كتاب المساجد ومواضع الصلاة: باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما (1/ 439/ رقم 632) عن أبي هريرة مرفوعًا: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون.
23]، {إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (1) [الشورى: 51].
السابع: التصريح بتنزيل الكتاب منه كقوله: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ [الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ] (2)} [الجاثية: 2]، {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42]، {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} [النحل: 102] وهذا يدل على شيئين:
• على أن القرآن ظهر منه لا من غيره، وأنه الذي تكلَّم به لا غيره.
• الثاني: على علوه على خلقه وأن كلامه نزل به الروح الأمين من عنده من أعلا مكان إلى رسوله.
الثامن: التصريح باختصاص بعض المخلوقات بأنها عندهُ، وأن بعضها أقرب إليه من بعض، كقوله:{إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ} [الأعراف: 206]، وقوله:{وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ} [الأنبياء: 19] ففرَّق بين مَنْ له عمومًا ومن عنده من مماليكه وعبيده خصوصًا، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب الذي كتبه الرب تعالى على نفسه:"إنه عنده على العرش"(3).
التاسع: التصريح بأنه سبحانه في السماء، وهذا عند أهل السنة على أحد وجهين:
• إما أن تكون في بمعنى على.
• وإما أن يراد بالسماء العلو، لا يختلفون في ذلك، ولا يجوز حمل النص على غيره.
العاشر: التصريح بالاستواء مقرونًا بأداة على مختصًا بالعرش الذي هو أعلا المخلوقات مصاحبًا في الأكثر لأداة "ثم" الدالة على الترتيب والمهلة، وهو بهذا السياق صريح في معناه الذي لا يفهم المخاطبون [غيره](4) من العلو والارتفاع، ولا يحتمل غيره ألبتة.
(1) في المطبوع والمخطوط: "كبير"، والصواب ما أثبتناه.
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(3)
رواه البخاري (3149) في (بدء الخلق): باب ما جاء في قول اللَّه تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} ، و (7404) في (التوحيد): باب قول اللَّه: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} ، و (7422) باب:{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} و (7453) باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)} ، و (7553 و 7554) باب قول اللَّه تعالى:{بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)} ، ومسلم (2751) في (التوبة): باب في سعة رحمة اللَّه، من حديث أبي هريرة.
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق)، وقال في الهامش أنه في نسخه:"لعله: المخاطبون منه إلا العلو".
الحادي عشر: التصريح برفع الأيدي إلى اللَّه سبحانه كقوله صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه يستحيي من عبده إذا رَفعَ إليه يديه أن يردَّهما صِفْرًا"(1).
(1) رواه أبو داود (1488) في (الصلاة): باب الدعاء، والترمذي (3556) في (الدعوات)، وابن ماجه (3865) في (الدعاء): باب رفع اليدين في الدعاء، وابن حبان (876)، والطبراني في "المعجم الكبير"(6148)، وفي "الدعاء"(203)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 497)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(3/ 235 - 236)، وابن عدي في "الكامل"(2/ 562)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(1111)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 211)، وفي "الأسماء والصفات"(رقم 155 و 1014)، وفي "الدعوات الكبير"(رقم 180) كلهم من طرق عن جعفر بن ميمون عن أبي عثمان النهدي عن سلمان مرفوعًا به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ورواه بعضهم ولم يرفعه.
أقول: وجعفر بن ميمون هذا في حديثه ضعف.
وتابعه على رفع الحديث أبو المعلَّى يحيى بن ميمون العطار: رواه من طريقه المحاملي في "أماليه"(رقم 433 - رواية ابن البيّع) والبغوي في "شرح السنة"(1385)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(8/ 317 و 10/ 307).
ويحيى هذا ثقة، وحَسَّن البغوي الحديث.
ورواه سليمان التيمي عن أبي عثمان به، واختلف عنه.
فرواه يزيد بن هارون عنه موقوفًا، رواه من طريقه أحمد (5/ 438)، والحاكم (1/ 497)، والبيهقي في "الأسماء والصفات"(1013)، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
ورواه محمد بن الزبرقان عنه مرفوعًا.
رواه من طريقه ابن حبان (880)، والطبراني في "الكبير"(6130)، وفي "الدعاء"(202)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 535)، والقضاعي في "مسند الشهاب"(111)، والبيهقي في "الدعوات الكبير"(181) كلهم من طرق عنه به مرفوعًا. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ومحمد بن الزبرقان هذا قال فيه الحافظ: صدوق ربما وهم ويزيد بن هارون الذي وقف الحديث على سلمان، هو من الثقات الحفاظ.
وقد وقفه أيضًا معاذ بن معاذ، رواه عن سليمان التيمي به.
رواه من طريقه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(10/ 340)، ومعاذ بن معاذ من الثقات الأثبات.
إذن الراجح في رواية سليمان التيمي الوقف؛ لأن رواتها أوثق.
وقد رواه موقوفًا عن أبي عثمان النهدي عن سلمان، ثابت وحميد وسعيد الجريري، رواه من طريقه البيهقي في "الأسماء والصفات"(156) من طريق حماد بن سلمة عنهم به.
وهؤلاء ثقات مشهورون، لكن حماد إذا جمع بين الشيوخ ربما وهم. =
الثاني عشر: التصريح بنزوله كل ليلة إلى السماء الدنيا (1) والنزول المعقول عند جميع الأمم إنما يكون من علو إلى سفل (2).
الثالث عشر: الإشارة إليه حسًا إلى العلو كما أشار إليه من هو أعلم به وبما (3) يجب له ويمتنع عليه من أفراخ الجهمية والمعتزلة والفلاسفة في أعظم مَجْمع على وجه الأرض يرفع أصبعه إلى السماء، ويقول:"اللهم اشهد"(4)، ليشهد الجميع أن الرب الذي أرسله ودعا إليه واستشهده هو الذي فوق سماواته على عرشه.
الرابع عشر: التصريح بلفظ الأين الذي هو عند الجهمية بمنزلة متى في الاستحالة، ولا فرق عندهم بين اللفظين ألبتَّة، فالقائل:"أين اللَّه" و: "متى كان اللَّه" عندهم سواء، كقول أعلم الخلق به، وأنصحهم لأمته، وأعظمهم بيانًا عن المعنى الصحيح بلفظ لا يوهم باطلًا [بوجه] (5):"أين اللَّه"(6) في غير موضع.
= ورواه أبو حبيب السلمي -وترجمه البخاري في "الكنى"(ص 24) وابن أبي حاتم (4/ 2/ 359) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا- عن أبي عثمان به، ووقفه، أخرجه عبد الغني المقدسي في "الترغيب في الدعاء"(رقم 18).
إذن: طرق الحديث المرفوعة فيها مقال، ما عدا طريق يحيى بن ميمون العطار أبي المعلى، ولعل الموقوف أصح، أما الحافظ في "الفتح" فجوَّد إسناده (11/ 143).
وفي الباب عن أنس، رواه الحاكم (1/ 497 - 498) من طريق ابن أبي الدنيا، ذكره الحاكم بعد حديث سلمان قائلًا: له شاهد بإسناد صحيح من حديث أنس، وتعقبه الذهبي قائلًا: عامر بن يساف ذو مناكير.
أقول: عامر هذا هو ابن عبد اللَّه بن يساف قال ابن عدي: مع ضعفه يكتب حديثه.
وله طرق أخرى عن أنس كلها واهية.
وفي الباب عن عدد من الصحابة ذكرهم الهيثمي في "مجمع الزوائد"(10/ 149) وفي حديثهم مقال لكن هذا يجعل للحديث أصلًا، واللَّه أعلم.
(1)
سبق تخريجه.
(2)
في المطبوع: "أسفل".
(3)
في (د): "وما".
(4)
هو في "صحيح مسلم"(1218) في (الحج): باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث جابر رضي الله عنه.
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(6)
الحديث رواه عن معاوية بن الحكم السلمي اثنان، ضمن حديث طويل جليل في باب الصفات وفيه إجابة الجارية:"في السماء" وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اعتقها فإنها مؤمنة" على النحو التالي: أولًا: عطاء بن يسار. وعنه هلال بن أبي ميمونة، ورواه عنه ثلاثة:
1 -
يحيى بن أبي كثير.
قال الذهبي في: "العلو للعلي العظيم"(16): رواه جماعة من الثقات عن يحيى بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن معاوية السلمي.
قلت: وقفت على ثمانية منهم، هم:
الأول: حجاج الصَّوَّاف؛ كما عند ابن أبي شيبة في "الإيمان" مختصرًا (رقم 84)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب المساجد ومواضع الصلاة):(باب تحريم الكلام في الصلاة، ونسخ ما كان من إباحة، 1/ 381 - 382/ رقم 537 بعد 33)، وكتاب السلام، (باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان)(4/ 1749)، وأحمد في "المسند"(5/ 447، 448)، والنسائي في "السنن الكبرى"؛ كما في "تحفة الأشراف"(8/ 427)، وعثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" (رقم: 61)، وأبي داود في "السنن" (كتاب الصلاة): باب تشميت العاطس في الصلاة، (1/ 244/ رقم 930)، و (كتاب الأيمان والنذور): باب في الرقبة المؤمنة، (3/ 230/ رقم 3282)، و (كتاب الطب): باب في الخط وزجر الطير (4/ 16/ رقم 3909)، وابن أبي عاصم في "السنة"(رقم 490)، والدارمي في "السنن"(1/ 354 - ولم يسق لفظه-)، وأبي عوانة في "المسند"(2/ 142 - 143)، وابن خزيمة في "الصحيح"(2/ 35 - 36/ رقم 859)، "التوحيد"(ص 122)، وابن حبان في "الصحيح"، (1/ 383 / رقم 165 مختصرًا، 6/ 124/ رقم 2248 - الإحسان)، والطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 398 - 399، الأرقام: 938، 943، 947)، وابن الجارود في "المنتقى"(رقم 212)، والبغوي في "شرح السنة"(3/ 237/ رقم 726)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 360 مختصرًا)، ولفظه: ". .، ومنا رجال يخطون. قال: كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه؛ فذاك.
الثاني: الأوزاعي؛ كما عند مسلم في "الصحيح"(1/ 383) -ولم يسق لفظه-، وأشار إليه في (4/ 1749)، وأبي عوانة في "المسند"(2/ 141)، والنسائي في "المجتبى"(كتاب الصلاة، باب الكلام في الصلاة، 3/ 14 - 18)، وابن حبان في "الصحيح"(6/ 22/ رقم 2247 - الإحسان)، وابن خزيمة في "الصحيح" (2/ 35 - 36/ رقم: 859)، و"التوحيد"(ص 121)، والطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 398/ رقم 937 و 941 و 945)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 249)، و"الأسماء والصفات"(421).
وأخرجه من طريقه مختصرًا دونه البخاري في "خلق أفعال العباد"(رقم 193)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 446)، والدارمي في "المسند"(1/ 353)، والبيهقي في "القراءة خلف الإمام"(84).
الثالث والرابع: حرب بن شداد وأبان بن يزيد العطار؛ كما عند الطيالسي في "المسند"(رقم 1105).
ومن طريقه: البيهقي مختصرًا في "السنن الكبرى"(2/ 250)، و"الأسماء والصفات"(422)، وابن قدامة مختصرًا في "إثبات صفة العلو"(رقم 16).
وأخرجه أبو عوانة في "المسند"(2/ 141 - 142) بسنده إلى أبان والأوزاعي، جميعًا عن يحيى به، وفيه اللفظ المذكور. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه مختصرًا دونه عن أبان وحده به: أحمد في "المسند"(5/ 448)، وعثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية"(رقم 60)، و"الرد على بشر المريسي"(ص 95)، وابن أبي عاصم في "السنة"(رقم 489)، ومن طريقه الحافظ أبو العلاء ابن العطار في "فتيا وجوابها في ذكر الاعتقاد وذم الاختلاف"(رقم 20)، والطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 399/ رقم 939 و 942 و 946)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة"(رقم 653)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"(ص 63).
الخامس: هشام الدستوائي؛ كما عند الحربي في "غريب الحديث"(2/ 720)؛ قال: حدثنا مسدد حدثنا يحيى (هو ابن سعيد القطان) عن هشام به مختصرًا.
السادس: حسين المعلم؛ كما عند الطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 401/ رقم 944)، وفيه اللفظ المذكور.
السابع: همام بن يحيى؛ كما عند أحمد في "المسند"(5/ 448)، وفيه اللفظ المذكور.
رواه عن يحيى، لكن بلفظ:". . . فمن وافق علمه علم".
الثامن: معمر، وعنه عبد الرزاق في "المصنف"(10/ 403/ رقم 19501)، وبإسناده إليه الطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 399/ رقم 940)، والبغوي في "شرح السنة"(12/ 181/ رقم 2359).
ورواه آخر عن يحيى وهو من أقرانه، وهو:
التاسع: أيوب السختياني، ولكن عن يحيى عن هلال عن معاوية به، ولم يذكر فيه عطاء بن يسار؛ كما عند الطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 402 - 403/ رقم 948) مختصرًا.
وهذا حديث سمعه يحيى من هلال؛ إذ صرح بالتحديث عند أحمد، وابن خزيمة؛ فانتفت شبهة تدليسه، كما صرح كل من هلال بن أبي ميمونة وعطاء بالتحديث عند ابن خزيمة.
2 -
فليح بن سليمان:
رواه مختصرًا ولم يرد فيه السؤال المذكور، ولا جواب الجارية: البخاري في "خلق أفعال العباد"(رقم 530)، وأبو داود في "السنن" (كتاب الصلاة): باب تشميت العاطس في الصلاة (1/ 245/ 931)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 446)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 249).
3 -
مالك بن أنس -وذكر فيه السؤال وجواب الجارية- في "الموطأ"(2/ 776 - 777)، وعنه الشافعي في "الرسالة" فقرة:(242)، و"الأم"(5/ 280)، والنسائي في "التفسير"(2/ 255 - 256/ رقم 485)، و"السنن الكبرى" في (السير) و (النعوت)؛ كما في "تحفة الأشراف"(رقم 11378)، وابن خزيمة في "التوحيد"(ص 122)، والخطيب في "الموضح"(1/ 195)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 387). =
الخامس عشر: شهادته التي هي أصدق شهادة عند اللَّه وملائكته وجميع المؤمنين لمن قال: "إن ربه في السماء" بالإيمان، وشهد عليه أفراخ جهم بالكفر، وصَرح الشافعي رضي الله عنه بأن هذا الذي وَصَفَته من أن ربها في السماء إيمان فقال في كتابه في (باب عتق الرقبة المؤمنة) وذَكَر حديث الأمة السوداء التي سوَّدت وجوه الجهمية وبيَّضت وجوه المحمدية:"فلمَّا وَصَفَت الإيمان قال: "اعتقها فإنها مؤمنة" (1) وهي إنما وصفت كون ربها في السماء، وأن محمدًا عبده ورسوله؛
= ولكن قال مالك في روايته في اسم الصحابي: (عمر بن الحكم)؛ فتعقبه الشافعي؛ فقال في "الرسالة"(ص 76): "وهو معاوية بن الحكم، وكذلك رواه غير مالك، وأظن مالكًا لم يحفظ اسمه".
قلت: رواه عن مالك على الصواب يحيى بن يحيى التميمي؛ وعنه عثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية"(رقم 62)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 387)، وقال:"ورواه يحيى بن يحيى عن مالك مجودًا".
وانظر -غير مأمور-: "الجوهر النقي"، وشروح "الموطأ"، و"تحفة الأشراف"(رقم 11378)، وترجمة (معاوية بن الحكم) من "تهذيب الكمال" ومختصراته؛ ففيها كلام تفصيلي بخصوص هذا الشأن.
ثانيًا: أبو سلمة بن عبد الرحمن:
وعنه الزهري، وعنه جماعة؛ كما عند مسلم في "الصحيح" (كتاب السلام): باب تحريم الكهانة (4/ 1748 - 1749/ رقم 537 بعد 121)، وعبد الرزاق في "المصنف"(10/ 402/ رقم 19500)، وأحمد في "المسند"(3/ 443 و 5/ 447، 447 - 448، 449)، والطيالسي في "المسند"(رقم 1104)، والطبراني في "المعجم الكبير"(19/ 396 - 397/ رقم 933 - 936).
والحديث صحيح، وقد شكك بعضهم في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم الجارية، وجوابها، وإقراره صلى الله عليه وسلم لها، بقولهم تارة: إن الحديث مضطرب، وبقولهم أخرى: إنها زيدت فيما بعد في "صحيح مسلم"!
ومن زعم الاختلاف في متنه؛ فلم يصب لأنه احتج لما ذهب إليه بروايات أحسن مراتبها الضعف على أنها عند التحقيق لا تعد اختلافًا، وإنما أراد بعض أهل البدع التعلق بهذا لإبطال دلالة هذا الحديث على اعتقاد أهل السنة من أن اللَّه فوق خلقه، وكذلك تشكيك بعض أهل الزيغ في ثبوت هذا الحديث في "صحيح مسلم" هو أوهى من بيت العنكبوت، لمن علم وَفَهِمَ وأنصف، وشبهات أهل البدع لم تسلم منها آيات الكتاب، فكيف تسلم منها السنن؟!
ومن الجدير بالذكر أن الذهبي محمد هذا الحديث في "العلو للعلي العظيم"(16) من الأحاديث المتواترة الواردة في العلو، وذكر طرفًا منه، وقال:"هذا حديث صحيح".
(1)
قطعة من الحديث السابق، وكلام الشافعي في "الأم"(5/ 266 - 267)، وعنه البيهقي في "مناقب الشافعي"(1/ 394 - 395).
فقَرَنَت بينهما في الذكر؛ فجعل الصادق المصدوق مجموعهما هو الإيمان.
السادس عشر: إخباره سبحانه عن فرعون أنه رام الصعود إلى السماء ليطَّلع إلى إله موسى فيكذبه فيما أخبر به من أنه سبحانه فوق السماوات، فقال:{يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا} [غافر: 36 - 37] فكذَب فرعون موسى في إخباره إياه بأن ربه فوق السماء، وعند الجهمية لا فَرق بين الإخبار بذلك وبين الإخبار بأنه يأكل ويشرب؛ وعلى زعمهم يكون فرعون قد نزه الرب عما لا يليق به وكذب موسى في إخباره بذلك؛ إذ من (1) قال عندهم: إن ربه فوق السماوات فهو كاذب؛ فهم في هذا التكذيب موافقون لفرعون مخالفون لموسى ولجميع الأنبياء، ولذلك سمَّاهم أئمة السنة:"فرعونية" قالوا: وهم شرٌّ من الجهمية؛ فإن الجهمية تقول (2): إن اللَّه في كل مكان بذاته، وهؤلاء عطلوه بالكلية، وأوقعوا عليه الوصف المطابق للعدم المحض، فأي طائفة من طوائف بني آدم أثبتت الصانع على أي وجه؛ كان قولهم (3) خيرًا من قولهم.
السابع عشر: إخباره صلى الله عليه وسلم أنه تردَّد بين موسى وبين اللَّه تعالى ويقول له موسى: ارجع إلى ربك فسله [التخفيف](4)، فيرجع إليه ثم ينزل إلى موسى فيأمره بالرجوع إليه سبحانه، فيصعد إليه سبحانه ثم ينزل من عنده إلى موسى، عدة مرار (5).
الثامن عشر: إخباره تعالى عن نفسه وإخبار رسوله عنه أن المؤمنين يرونه عيانًا جهرةً كرؤية الشمس في الظهيرة والقمر ليلة البَدْر (6) والذي تفهمه الأمم على
(1) في (ق): "ومن".
(2)
في المطبوع: "يقولون".
(3)
في (ق): "قوله".
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(5)
رواه البخاري (3207) في (بدء الخلق): باب ذكر الملائكة، و (3887) في "مناقب الأنصار": باب المعراج، ومسلم (164) في (الإيمان): باب الإسراء برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى السماوات، من حديث أنس بن مالك عن صعصعة بن مالك.
ورواه البخاري (349)، و (1636)، و (3342)، ومسلم (163)، من حديث أنس عن أبي ذر.
ورواه البخاري (7517) في (التوحيد)، ومسلم (162) من حديث أنس نفسه.
(6)
رواه البخاري (806): (كتاب الأذان) باب فضل السجود، و (3437) (كتاب التوحيد): باب قول اللَّه تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22)} ، ومسلم (182) (كتاب الإيمان): باب معرفة طريق الرؤية، من حديث أبي هريرة.
اختلاف لغاتها وأوهامها من هذه الرؤية رؤية المُقابلة والمواجهة التي تكون بين الرائي والمرئي فيها مسافة (1) محدودة غير مُفرطة في البعد فتمتنع الرؤية ولا (2) في القرب فلا تمكن الرؤية، لا تعقل الأمة (3) غير هذا، فإما أن يروه سبحانه من تحتهم -تعالى اللَّه-، أو مِنْ خَلفهم أو من أمامهم أو عن أيْمانهم أو عن شمائلهم أو من فوقهم، ولا بد من قسم من هذه الأقسام إن كانت الرؤية حقًا، وكلها باطل سوى رؤيتهم له من فوقهم كما في حديث جابر الذي في "المسند" وغيره:"بينا أهل الجنة في نَعيمهم إذ سَطَع لهم نورٌ، فرفعوا رؤوسهم فإذا الجبَّار قد أشرف عليهم من فوقهم، وقال: يا أهل الجنة سلامٌ عليكم" ثم قرأ قوله: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58]، ثم يتوارى عنهم، وتبقى رحمتُه وبركتُه عليهم في ديارهم" (4) ولا يتم إنكار الفوقية إلا بإنكار الرؤية، ولهذا طرد الجهمية أصلهم وصَرَّحوا بذلك، ورَكِبوا النَّفيين معًا، وصدَّق أهل السنة بالأمرين معًا وأقرّوا بهما، وصار من أثبت الرؤية ونفى علو الرب على خلقه واستواءه على عرشه مذبذبًا بين ذلك، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
فهذه أنواع من الأدلة السمعية المحكمة إذا بُسطت أفرادُها كانت ألفَ دليلٍ على علو الرب على خلقه واستوائه على عرشه؛ فترك الجهمية ذلك كله وردوه بالمتشابه من قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] ورده زعيمهم المتأخر بقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] وبقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11].
(1) في (ك): "مشافهة".
(2)
في (ق): "من لا" وفوق من: "كذا".
(3)
في المطبوع: "الأمم".
(4)
رواه ابْنِ ماجه (184) في (المقدمة): باب فيما أنكرت الجهمية، وأبو نعيم في "الحلية"(6/ 208 - 209)، وفي "صفة الجنة"(رقم 91)، والبيهقي في "البعث والنشور"(رقم 448)، والآجري في "الشريعة"(ص 267 - ط القديمة و 2/ 1027 - 1028 رقم 615 - ط دار الوطن) و"الفوائد المنتخبة عن أبي شعيب"(ق 4) وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة"(رقم 97) وأبو بكر الدينوري في "المجالسة"(5/ 362 - 363 رقم 2223)، والدارقطني في "الرؤية"(51)، وابن عدي (6/ 2039)، والعقيلي (2/ 274 - 275)، وابن أبي حاتم؛ كما في "تفسير ابن كثير"(3/ 583)، والبزار (2253) والبيهقي في "البعث والنشور"(رقم 448) وابن بلبان في "المقاصد السنية"(ص 374 - 375) واللالكائي في "السنة"(رقم 836)، كلهم من طرق عن أبي عاصم العَبَّاداني عبد اللَّه بن عبيد اللَّه عن الفضل الرقاشي عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعًا به. =
ثم ردّوا تلك الأنواع كلها متشابهة، فسلَّطوا المتشابه على المحكم وردوه به، ثم ردوا المحكم متشابهًا؛ فتارة يحتجون به على الباطل وتارة يدفعون به الحق، ومن له أدنى بصيرة يعلم أنه لا شيء في النصوص أظهر ولا أبين مرادًا (1) من مضمون هذه النصوص فإذا كانت متشابهة فالشريعة كلها متشابهة، وليس فيها شيء محكم ألبتَّة، ولازم هذا القول لزومًا لا محيدَ عنه أن ترك الناس بدونها خير له من إنزالها إليهم، فإنها أَوْهمتهم وأفهمتهم غيرَ المراد، وأوقعتهم في اعتقاد الباطل ولم يتبين (2) لهم ما هو الحق في نفسه، بل أُحيلوا فيه على ما يستخرجونه بعقولِهِم وأفكارهم ومقاييسهم؛ فنسأل [للَّه](3) مثبِّت القلوب تبارك وتعالى أن يثبت قلوبنا على دينه وما بعث به رسوله من الهدى ودين الحق، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا؛ إنه قريبٌ مجيب.
= قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومدار طرقه كلها على الفضل بن عيسى الرقاشي، قال يحيى: كان رجل سوء، وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (1/ 68): هذا إسناد ضعيف لضعف الفضل بن عيسى.
ونحوه قال الهيثمي في "المجمع"(7/ 98) بعد أن عزاه للبزار!! مع أنه في "سنن ابن ماجه" بلفظه. وضعفه الذهبي في "العلو"(رقم 99)، ونسبه ابن كثير للضياء المقدسي.
قلت: الحديث له علتان:
الأولى: عبد اللَّه بن عبيد اللَّه أبو عاصم، قال فيه العقيلي: لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به.
وقال الذهبي في "الميزان": واهٍ، واعظ زاهد إلا أنه قدري.
الثانية: الفضل الرقاشي، قال فيه ابن عيينة: ليس أهلًا أن يروى عنه وقال سلام بن أبي مطيع: لو أن فضلًا ولد أخرس كان خيرًا له. وكان شعبة يشبهه بأبان بن أبي عياش، وقال ابن عدي: والضعف بَيّن على حديثه.
أقول: فمثله ضعيفٌ جدًا على أقل حال، ولم أظفر بالحديث في "مسند أحمد" ولا في "أطرافه" ولا في "إتحاف المهرة" ولا عزاه له الهيثمي في "المجمع" وأخشى أن يكون عزو المصنف له وهمًا!!
وقد استدرك السيوطي على ابن الجوزي، فساق له في "اللآلئ المصنوعة"(2/ 461) شاهدًا من حديث أبي هريرة عزاه لابن النجار في "تاريخه".
أقول: وفيه سليمان بن أبي كريمة قال فيه ابن عدي (3/ 1112): وعامة أحاديثه مناكير، ولم أر للمتقدمين فيه كلامًا.
وانظر -غير مأمور-: "التعقبات على الموضوعات"(برقم 281 - بتحقيقي).
(1)
في المطبوع: "دلالة".
(2)
في (ق) و (ك): "ولم يبين".
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).