الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحتالون أن هذه السلعة لا اعتبار بها في نفس الأمر، وأنها ليست مقصودة بوجه، وأن دخولها كخروجها، [تهاونوا بها](1)، ولم يبالوا بكونها مما يتموَّل عادةً أو لا يتمول، ولم يُبَالِ بعضُهم بكونها مملوكة للبائع أو غير مملوكة، بل لم يبالِ بعضهم بكونها مما يُباع أو مما لا يباع كالمسجد والمنارة والقلعة، وكل هذا وَقَع من أرباب الحيل، وهذا (2) لما عَلِموا أن المشتري لا غَرَضَ له في السلعة فقالوا: أي سلعة اتفق حضورها حصل بها التحليل، كأي تيس اتفق في باب محلل النكاح.
[مثل لمن وقف مع الظواهر والألفاظ]
وما مَثَلُ من وقف مع الظواهر والألفاظ ولم يُرَاعِ المقاصدَ والمعاني إلا كمَثَل رجل قيل له: لا تُسلم على صاحب بِدْعَةٍ، فقبَّلَ يده ورجله ولم يسلم عليه، أو قيل له: اذهب فاملأ هذه الجرة، فذهب فملأها ثم تركها على الحوض وقال: لم تقل: ايتني بها، وكمن قال لوكيله: بع هذه السلعة، فباعها بدرهم وهي تساوي مئة، ويلزم مَنْ وقف مع الظواهر أن يصحِّحَ هذا البيع ويُلزم به المُوكِّل، وإنْ نظر إلى المقاصد تناقض حيث ألغاها (3) في غير موضع، وكمن أعطاه رجل ثوبًا فقال: واللَّه لا ألبسه لما له فيه من المِنَّة، فباعه وأعطاه ثمنه فقبله، وكمن قال: واللَّه لا أشرب هذا الشراب، فجعله عقيدًا أو ثَرَدَ فيه خبزًا وأكله، ويلزم مَنْ وقف مع الظواهر والألفاظ أن لا يحد مَنْ فعل ذلك بالخمر، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن من الأُمّة مَنْ يتناول المحرم ويسميه بغير اسمه فقال؛ "ليشربَنَّ ناسٌ من أمتي الخمر يسمُّونها بغير اسمها، يُعْزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف اللَّه بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير"(4) رواه أحمد وأبو داود، وفي "مسند
(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(2)
كذا في الأصول، ولعلها:"ولهذا".
(3)
في المطبوع: "ألقاها"!!
(4)
رواه بتمامه: ابن أبي شيبة (8/ 107) -ومن طريقه ابن حزم في "المحلى"(9/ 57) -، والبخاري في "التاريخ"(1/ 305)، وابن حبان (6758)، والطبراني في "الكبير"(3419)، وابن ماجه (4020) في "الفتن" باب:(العقوبات)، والبيهقي (8/ 295) و (10/ 221)، و"الآداب"(922)، ورواه مختصرًا بأوله أحمد (5/ 432)، وأبو داود (3688) في "الأشربة": باب في الدَّاذي، والبخاري في "التاريخ"(7/ 222)، والسهمي في "تاريخ جرجان"(ص 115 - 116)، والذهبي في "السير"(20/ 271)، وابن حجر في "التغليق"(5/ 20 - 21) من طريق حاتم بن حريث عن مالك بن أبي مريم عن =
الإمام أحمد" مرفوعًا: "يشربُ ناسٌ من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها" (1)، وفيه عن عُبَادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم: "يشرب ناسٌ من أمتي الخمر باسم يُسمُّونها إياه" (2)، وفي "سنن ابن ماجه" من حديث أبي أمامة يرفعه: "لا تذهب الليالي
= عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك الأشعري مرفوعًا به.
وهذا إسناد ضعيف: مالك بن أبي مريم، قال فيه ابن حزم: لا يُدْرى مَنْ هو، وقال الذهبي: لا يُعرف. وصححه ابن القيم في "إغاثة اللهفان"، (1/ 261)!
وقد علقه البخاري (5590) في "الأشربة": باب فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه، ووصله ابن حبان (6719)، والطبراني (3417) وفي "مسند الشاميين"(588)، وأبو أحمد الحاكم -كما في "التغليق"(5/ 18) - وابن الدبيثي في "التاريخ" -كما في "السير"(23/ 7) - وأبو ذر الهروي -كما في "الفتح"(10/ 53) - ودعلج في "مسند المقلين"(رقم 8)، والحسن بن سفيان في "مسنده" وأبو نعيم في "المستخرج" -كما في "التغليق"(5/ 18) -، والبرقاني في "صحيحه"، وأبو بكر الإسماعيلي في "صحيحه" -كما في "نصب الراية"(4/ 231) -، والذهبي في "السير"(21/ 581) و (23/ 7)، و"تذكرة الحفاظ"(4/ 1337)، والمزي في "تهذيب الكمال"(2/ ق 941)، وابن حجر في "التغليق"(5/ 18) جميعهم عن هشام بن عمار، حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثنا عطية بن قيس الكلابي حدثنا عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال: حدثني أبو عامر -أو أبو مالك- الأشعري رفعه بنحوه.
وضعفه ابن حزم في "المحلى"(9/ 59)، و"رسائله"(1/ 433) وهو من أوهامه وقد رد عليه بتصحيحه إياه شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاستقامة"(1/ 294، 366) و (2/ 187)، و"مجموع الفتاوى"(11/ 576)، و"بيان الدليل"(94 - 96) وابن الصلاح في "معرفة أنواع الحديث"(ص 61)، و"صيانة صحيح مسلم"(82 - 83)، وابن رجب في "نزهة الأسماع"(ص 44)، وابن حجر في "الفتح"(10/ 54)، و"النكت على ابن الصلاح"(2/ 603).
وانظر رد ابن القيم على ابن حزم تضعيفه هذا الحديث في "تهذيب السنن"(5/ 270 - 272)، و"إغاثة اللهفان"(1/ 258) و"روضة المحبين"(ص 130).
(1)
هو نفسه المذكور سابقًا؛ إذ لم أجد في "مسند أحمد" إلا الحديث السابق والآتي.
(2)
رواه أحمد (5/ 318)، وابن ماجه (3385) في "الأشربة": باب الخمر يسمونها بغير اسمها، وابن أبي الدنيا في "ذم المسكر"(8) والشاشي (1308) والبزار (2/ 50، 53) من طريق سعد بن أوس عن بلال بن يحيى العنسي عن أبي بكر بن حفص عن ابن محيريز عن ثابت بن السمط عنه مرفوعًا.
ولفظ ابن ماجه "يشرب"، ولفظ أحمد وابن أبي الدنيا:"ليستحلن"، قال الهيثمي (5/ 75): وفيه ثابت بن السميط وهو مستور وبقية رجاله ثقات.
أقول: ثابت بن السَّمط لم يوثقه إلا ابن حبان كما ذكر الحافظ في "التهذيب" ومع هذا قال في "التقريب": صدوق!! =
والأيام حتى تشربَ طائفةٌ من أمتي الخَمْرَ يسمّونها بغير اسمها" (1) قال شيخنا (2): وقد جاء حديث آخر يوافق هذا [مرفوعًا وموقوفًا من حديث ابن عباس] (3): "يأتي على الناس زمانٌ يستحلُّ فيه خمسة أشياء [بخمسة أشياء](4): يستحلون الخمر باسم يسمونها إياه (5)، والسُّحت بالهدية، والقتل بالرهبة، والزنا بالنكاح، والربا بالبيع" (6) وهذا حق؛ فإن استحلال الربا باسم البيع ظاهر كالحيل الربوية التي صورتها صورة البيع وحقيقتها حقيقة الربا، ومعلوم أن الربا إنما حرم لحقيقته ومفسدته لا لصورته واسمه، فَهَبْ أن المرابي لم يسمه ربًا وسمَّاه بيعًا فذلك لا يخرج حقيقته وماهيته عن نفسها.
= وقال في "الفتح"(10/ 51): وسنده جيد.
أقول: وقد رواه شعبة فقال: عن أبي بكر بن حفص عن ابن محيريز عن رجل من الصحابة. رواه النسائي (8/ 213)، وأحمد (4/ 237)، والطيالسي (586) وابن أبي شيبة في "مسنده"(ق 97/ أ) وهذا إسناد صحيح.
لكن رواه سليمان التيمي عن أبي بكر بن حفص عن ابن محيريز مرسلًا. أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(548 - زوائده) ولكن هذا لا يعل الموصول لأن الذي وصله شعبة.
(1)
رواه ابن ماجه (3384) في "الأشربة": باب الخمر يسمونها بغير اسمها، وابن عدي (5/ 1967)، والطبراني في "الكبير"(7474)، وأبو نعيم في "الحلية" (6/ 97) من طريق عبد السلام بن عبد القدوس عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عنه مرفوعًا به (ووقع عند الطبراني: عبد الصمد بن عبد القدوس وهو خطأ).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة"(3/ 104): وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف عبد السلام.
أقول: وأما الحافظ فسكت عليه في "الفتح"(10/ 51)، وعبد السلام هذا ضعفه أبو حاتم، وقال أبو داود: ليس بشيء، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ.
(2)
في "بيان الدليل"(ص 105).
(3)
في "بيان الدليل": "روي موقوفًا عن ابن عباس ومرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال" وهذه العبارة أصح وأدق.
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (و) و (ق).
(5)
في "بيان الدليل": "بأسماء يسمونها بها".
(6)
أما المرفوع، فقد أخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (1/ 218): ثنا عبد العزيز بن محمد المسكي نا ابن الجنيد نا سويد عن ابن المبارك عن الأوزاعي رفعه.
وإسناده ضعيف؛ لأنه معضل، الأوزاعي ثقة من أتباع التابعين رحمه اللَّه تعالى.