الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[جواز إفراد ركعة الوتر]
المثال الثالث والخمسون: رد السنة الثابتة الصحيحة الصريحة المحكمة في الوتر بواحدة مفصولة، كما في "الصحيحين" عن ابن عمر أنه سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال:"مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلَّى ركعة واحدة توتر له ما قد صلّى"(1)، وفي "الصحيحين" أيضًا من حديث عائشة:"كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُصلّي فيما بين أن يفرُغَ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلِّم من كل ركعتين، ويوتر بواحدة"(2)، وفي "صحيح مسلم" عن أبي مِجْلَز قال: سألت ابن عباس عن الوتر، فقال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "ركعة من آخر الليل"(3)، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم:"صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم"(4)، فإذا صلَّى القاعد ركعتين وجب بهذا النص أن تعدل صلاة القائم ركعة، فلو لم تصح لكانت صلاة القاعد أتمّ من صلاة القائم، والاعتماد على الأحاديث المتقدمة، وصح الوتر بواحدة مفصولة عن عثمان بن عفان (5)، وسعد بن أبي وقاص (6)،
(1) رواه البخاري (472 و 473) في (الصلاة): باب الحلق والجلوس في المسجد، و (995 و 993) في (الوتر): باب ما جاء في الوتر، و (995) باب ساعات الوتر، و (1137) في (التهجد): باب كيف كانت صلاة النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومسلم (749) في (صلاة المسافرين): باب صلاة الليل مثنى مثنى.
(2)
رواه البخاري في "الصحيح"(كتاب التهجد): باب طول السجود في قيام الليل (2/ 61 - 62/ 474)، ومسلم في "الصحيح" (كتاب صلاة المسافرين): باب صلاة الليل، وعدد ركعات النبيّ صلى الله عليه وسلم في الليل، (1/ 508/ 736) من حديث عائشة.
(3)
رواه مسلم في "الصحيح"(كتاب صلاة المسافرين): باب صلاة الليل مثنى مثنى (1/ 571/ 753) عن ابن عباس.
(4)
رواه البخاري (1115) في (تقصير الصلاة): باب صلاة القاعد، و (1116) باب صلاة القاعد بالإيماء، من حديث عمران بن حصين.
ورواه مسلم (735) في صلاة المسافرين: باب جواز النافلة قائمًا وقاعدًا، من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص.
(5)
رواه عبد الرزاق (4653 و 4654) من طريق يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد عنه، قال الحافظ في "الفتح" (2/ 482):"إسناده صحيح"، وله طريق آخر عن عثمان في "سنن البيهقي، (3/ 25)، و"الخلافيات" له (1/ ق 171/ أ)، وقد خرجته في تعليقي على "الموافقات" (2/ 242).
(6)
رواه البخاري (6356) في (الدعوات): باب الدعاء للصبيان بالبركة ومسح رؤوسهم من حديث عبد اللَّه بن ثعلبة بن صُعير. =
وعبد اللَّه بن عُمر (1)، وعبد اللَّه بن عباس (2)، وأبي أيوب (3)، ومعاوية بن أبي سفيان (4)، وقال الحاكم أبو عبد اللَّه: ثنا عبد اللَّه بن سُليمان، ثنا أحمد بن صالح: ثنا عبد اللَّه بن وهب، عن سُليمان بن بلال، عن صالح بن كَيْسان، عن عبد اللَّه بن الفضل، عن الأعرج، وأبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا توتروا بثلاث تشبَّهوا بالمغرب، أوتروا بخمس أو سبع"(5)، رواه ابنُ حِبَّان والحاكم في "صحيحيهما"، وقال الحاكم: رواته كلهم ثقات، وله شاهد آخر بإسناد صحيح: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا طاهر بن عَمرو بن الرَّبيع بن طارق، ثنا أبي، ثنا الليث (6): ثنا يزيد بن أبي حبيب، عن عِرَاك بن مالك، عن أبي هريرة، فذكر
= وله عنه طرق أيضًا في "مصنف عبد الرزاق"(3/ 22 و 23)، و"مصنف ابن أبي شيبة"(2/ 192)، و"سنن الدارقطني"(2/ 27)، و"سنن البيهقي"(3/ 25)، و"الخلافيات"(1/ ق 171/ ب - 172/ أ).
(1)
رواه مالك في "الموطأ"(1/ 125)، ومن طريقه البخاري (991) في (الوتر): باب ما جاء في الوتر.
وانظر أيضًا: "الموطأ"، و"مصنف ابن أبي شيبة"(1/ 192)، و"سنن البيهقي"(3/ 26)، و"الخلافيات"(1/ ق 172/ أ - ب)، و"شرح معاني الآثار"(1/ 277، 279)، و"فوائد أبي علي الصواف"(رقم 9).
(2)
روى البخاري (3764 و 3765) في (فضائل الصحابة): باب ذكر معاوية رضي الله عنه عنه من طريق ابن أبي مليكة، قيل لابن عباس: هل لك في أمير المؤمنين معاوية، فإنه ما أوتر إلا بواحدة، قال: إنه فقيه.
وله سياق آخر في المصادر المذكورة من قبل، وانظر:"شرح معاني الآثار"(1/ 289)، و"الخلافيات"(1/ ق 172/ ب).
(3)
رواه عبد الرزاق (4633)، والبيهقي (3/ 24) من طريق معمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عنه، وإسناده صحيح.
وتابع معمرًا: عبد اللَّه بن هذيل الخزاعي، رواه البيهقي في "الخلافيات"(1/ ق 172/ ب).
(4)
مضى التعليق عليه في خبر ابن عباس.
(5)
رواه الدارقطني (2/ 24 و 24 - 25 و 26 - 27) -من طريقه ابن الجوزي في "التحقيق"(3/ 175 رقم 764 - ط. قلعجي) - ومحمد بن نصر في "الوتر"(ص 129)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 292)، وابن حبان (2429)، والحاكم (1/ 304)، والبيهقي (3/ 31)، و"المعرفة" (4/ 72 رقم 5509) من طريق سليمان بن بلال به. وعبارة الحاكم في "المستدرك":"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
قلت: إنما هو على شرط مسلم فقط، وقال الدارقطني:"رواته ثقات".
(6)
في المطبوع: "ثنا ابن أبي الليث"!!.
مثله سواء، وزاد:"أوتروا بخمس أو سبع أو تسع أو بإحدى عشرة ركعة أو أكثر من ذلك"(1)، فردَّت هذه السنن بحديثين باطلين وقياس فاسد:
أحدهما: "نَهى عن البتيراء"(2)، وهذا لا يعرف له إسناد لا صحيح ولا ضعيف، وليس في شيء من كتب الحديث المعتمد عليها، ولو صح فالبتيراء (3) صفة للصلاة [التي](4) قد بُتر ركوعها وسجودها فلم يطمئن فيها.
الثاني: حديث يُروى عن ابن مسعود مرفوعًا: "وتر الليل ثلاث، كوتر النهار
(1) رواه الحاكم (1/ 304)، والبيهقي (3/ 31 و 32)، وفي "الخلافيات"(1/ ق 174/ أ).
وقول المؤلف: "إسناده صحيح" فيه نظر، فإن طاهرًا هذا لم أجده وأظنه في عداد المجاهيل!
وذكره ابن يونس في "تاريخه"، كما في "توضيح المشتبه"(3/ 68) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، واقتصر على هذا الشيخ مقبل بن هادي في كتابه "رجال الحاكم في المستدرك"(1/ 428 - 429)، ورواه البيهقي (3/ 31 - 32) من طريق يحيى بن بكير عن الليث به، وجعله عن أبي هريرة قوله، وهذا أشبه، ويؤكده ما رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/ 292) من طريق بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن عراك عن أبي هريرة ولم يرفعه. دون قوله:"أو أكثر من ذلك"، وهذا أصح من الذي قبله.
(2)
أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد"(13/ 452) عن عثمان بن محمد بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "نهى عن البتيراء -أن يصلي الرجل ركعة واحدة يوتر بها-".
قال ابن عبد البر: "عثمان بن محمد بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال العقيلي: الغالب على حديثه الوهم"، وبه أعلّه عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى"(2/ 57)، وزاد ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (3/ 154) قوله:"والحديث من شاذ الحديث الذي لا يعرج على رواته ما لم تعرف عدالتهم، وعثمان واحد من جماعة فيه".
قلت: نعم، عثمان آفته، واضطرب فيه، فأخرجه الدارقطني في "غرائب مالك" -كما في "اللسان" (4/ 251 - 253) - عنه قال: حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر رفعه، وتعقب ابن حجر ابن القطان، فانظر كلامه، وقال الذهبي في "تنقيح التحقيق" (3/ 172):"وذكروا في كتبهم. . . وذكره، فأين إسناده؟ ثم المروي عن ابن عمر أنه فسَّر البتيراء أن يصلي الرجل بركوع ناقص، وسجود ناقص". وانظر: "الاستذكار"(5/ 385)، و"نصب الراية"(2/ 120)، و"الدراية"(1/ 192)، وما تقدم يخالف قول المصنف الآتي عن هذا الحديث:"لا يعرف له إسناد لا صحيح، ولا ضعيف".
ووقع في المطبوع: "البتراء".
(3)
في المطبوع: "فالبتراء".
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن).