الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
علمت أن هذا العذر يصيبها أو غلب على ظنّها أنْ يسقط عنها فرض الحج فهو رجوع إلى التقدير الرابع.
فصل [الرّد على السابع]
وأما التقدير السابع -وهو أن يقال: يجب عليها أن تستنيبَ مَنْ يحجُّ عنها إذا خافت الحيض، وتكون كالمَعْضُوب (1) العاجز عن الحج بنفسه- فما أحسنه من تقدير لو عرف به قائل؛ فإن هذه عاجزة عن إتمام نسكها، ولكن هو باطل أيضًا؛ فإن المَعْضُوب (1) الذي يجب عليه الاستنابة هو الذي يكون آيسًا من زوال عذره، فلو كان يرجو زوال عذره كالمرض العارض والحبس لم يكن له أن يستنيب، وهذه لا تيأس من زوال عذرها؛ لجواز أن تبقى إلى زمن اليأس وانقطاع الدم أو أن دمها ينقطع قبل سن اليأس لعالرض بفعلها أو بغير فعلها؛ فليست كالمَعْضُوب (2) حقيقة ولا حكمًا.
فصل [ببطلان التقديرات السبع يتعين الثامن]
فإذا بطلت هذه التقديرات تعيّن التقدير الثامن، وهو أن يُقال: تطوف بالبيت والحالة هذه، وتكون هذه ضرورة (3) مقتضية لدخول المسجد مع الحَيْض والطواف معه، وليس في هذا ما يخالف قواعد الشريعة، بل يوافقها كما تقدم؛ إذ غايته سقوط الواجب أو الشرط بالعجز عنه، ولا واجب في الشريعة مع عَجْز، ولا حرام مع ضرورة.
[اعتراض على الثامن]
فإن قيل: في ذلك محذوران:
أحدهما: دخول الحائض المسجد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا أحِلُّ المسجدَ لحائض ولا جُنُبٍ"(4)، فكيف بأفضل المساجد؟
(1) في (و): "كالمغصوب"! ولعل الصواب ما أثبتناه، والمعضوب: هو من أصيب بمرض أعجزه عن الحركة، أو الذي أصيب بشلل كلي.
(2)
في (و): "كالمغصوب"!
(3)
في (ن) و (ك) و (ق): "الضرورة".
(4)
رواه أبو داود (232) في (الطهارة): باب في الجنب يدخل المسجد، والبخاري في =
الثاني: طوافها في حال الحيض، وقد منعها الشارع منه كما منعها من الصلاة، فقال:"اصْنَعِي ما يصنعُ الحاجُّ غيرَ أن لا تطوفي بالبيت"(1) فالذي منعها من الصلاة مع الحيض هو الذي منعها من الطواف معه.
= "تاريخه"(2/ 67)، وإسحاق في "مسنده"(1241)، والدولابي في "الكني والأسماء"(1/ 150 - 151)، وابن خزيمة في "صحيحه"(1327)، والبيهقي في "سننه الكبرى"(2/ 442 - 443) كلهم من طريق أفلت بن خليفة عن جسرة بنت دجاجة عن عائشة قالت. . .، وهو جزء من حديث أوله:"وجهوا هذه البيوت عن المسجد".
ونقل البغوي (2/ 45) عن أحمد أنه ضعفه؛ لأن راويه أفلت مجهول!!، وكذا قال ابن حزم في "المحلى"(2/ 681)، والخطابي، ورد عليه المنذري في "مختصره على أبي داود"(1/ 158).
أقول: البحث هنا في راويين:
الأول: أفلت، ويقال: فليت كنيته أبو حسَّان.
قال أحمد: ما أرى به بأسًا، وسئل عنه أبو حاتم فقال: شيخ.
والثانية: جَسْرة بنت دجاجة فقد ذكر البخاري في "تاريخه" في أثناء ذكر السند أن عندها عجائب.
لكن ذكرها العجلي وابن حبان في "الثقات"، وذكرها أبو نعيم في "الصحابة"، وقال الذهبي: وثِّقت.
وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام"(5/ 332 رقم 2509)، وكما في "نصب الراية" (1/ 194): قول البخاري: عندها عجائب، لا يكفي في إسقاط ما روت.
لذلك حسَّن حديثها ابن القطان، وصححه -من قبل- ابن خزيمة.
أما البخاري فقد أعله بأن الصحيح هو رواية عروة وعباد بن عبد اللَّه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "سدوا هذه الأبواب إلا باب أبي بكر"، قال: وهذا أصح.
وله طريق آخر: رواه ابن ماجه (645) في (الطهارة وسننها): باب في اجتناب الحائض المسجد، وابن أبي حاتم في "العلل"(1/ 99 - 100)، والطبراني في "الكبير" (23/ رقم 883) من طريق أبي الخطاب الهجري عن محدوج الذهلي عن جسرة قالت: أخبرتني أم سلمة الحديث.
ورواه ابن أبي شيبة في "مسنده" -كما في "اللآلئ"(1/ 353) - ومحدوج الذهلي هذا مجهول، أخطأ من زعم أن له صحبة كما قال الحافظ في "التقريب".
أما ابن حزم فقال: ساقط!! وأبو خطاب الهجري مجهول أيضًا.
قال أبو زرعة: يقولون عن جسرة عن أم سلمة، والصحيح عن جسرة عن عائشة.
وانظر -غير مأمور- "إعلام الرجال والنساء بتحريم المكث في المسجد على الجنب والحائض والنفساء"(ص 49 وما بعد).
(1)
سبق تخريجه قريبًا.