الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه الرواية، وهو محمول إن صح على الأذان الثاني، والصحيح عن نافع بغير هذا اللفظ، ورواه مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن حفصة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم أنها أخبرته أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح صلّى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة، والحديث في "الصحيحين"(1).
[شبهة وردها]
فإن قيل: عمدتكم في هذا إنما هو على حديث بلال، ولا يمكن الاحتجاج به، فإنه قد اضطرب الرواة فيه: هل كان المؤذن بلالًا أو ابن أم مكتوم، وليست إحدى الروايتين أولى من الأخرى، فتتساقطان، فروى شُعبة عن خبيب بن عبد الرحمن قال: سمعتُ عمَّتي أُنيسة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إن ابن [أم] (2) مكتوم يُنادي بليل، فكلوا واشربوا حتى يُنادي بلال"(3)، رواه البيهقي وابن حِبَّان في "صحيحه".
(1) رواه البخاري (618) في (الأذان بعد الفجر)، و (1173) في (التهجد): باب التطوّع بعد المكتوبة، و (1180): باب في الركعتين قبل الظهر، ومسلم (723) في (صلاة المسافرين): باب استحباب ركعتي سنة الفجر.
(2)
ما بين المعقوفتين من (ك) و (ق).
(3)
رواه أحمد في "مسنده"(6/ 433)، والنسائي في "سننه" (2/ 10 - 11) في (الأذان): باب هل يؤذنان جميعًا أو فرادى، وابن سعد (8/ 364)، وابن خزيمة (404)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(رقم 3490)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 138)، وابن حبان (3474)، والطبراني في "المعجم الكبير"(24/ 482) من طرق عن هشيم عن منصور بن زاذان عن خبيب بن عبد الرحمن عن عمته أنيسة مرفوعًا به.
وهذا إسناد رواته ثقات.
لكن رواه شعبة، واختلف عنه في لفظه، فرواه أبو داود الطيالسي (1661)، ومن طريقه: البيهقي (1/ 382) عنه عن خبيب عن عمّته قالت: كان بلال وابن أم مكتوم يؤذنان للنبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا. . .
قال البيهقي: وهكذا رواه عمرو بن مرزوق وجماعة عن شعبة.
ورواه محمد بن جعفر عنه عن خبيب عن عمّته عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إن ابن أم مكتوم، أو بلالًا يؤذن بليل. . . على الشك.
أخرجه أحمد (6/ 433)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(24/ 481)، وابن خزيمة (405).
وممن رواه عن شعبة على الشك أيضًا سليمان بن حرب: رواه من طريقه الطبراني (24/ 480)، والبيهقي (1/ 382). =
فالجواب أن هذا الحديث قد رواه ابن عمر، وعائشة، وابن مسعود، وسمرة بن جندب عن النبيّ صلى الله عليه وسلم:"إن بلالًا يؤذن بليل"(1)، وهذا الذي رواه صاحبا (2)"الصحيح"، ولم يختلف عليهم في ذلك، وأما حديث أنيسة (3) فاختلف عليها على (4) ثلاثة أوجه:
= ورواه على الشك أيضًا يزيد بن زريع، أخرجه ابن خزيمة (405)، ورواه عن شعبة باللفظ المذكور هنا: إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل. . . دون الشك: أبو الوليد الطيالسي، وأبو عمرو.
أخرجه البيهقي (1/ 382) من طريق محمد بن أيوب عنهما به.
ثم قال: ورواه محمد بن يونس الكديمي عن أبي الوليد؛ كما رواه الطيالسي وعمرو ابن مرزوق، أي بلفظ: إن بلالًا ينادي بليل. . .
وهذا اختلاف على شعبة لا أدري ممن هو.
وله شاهد من حديث عائشة: رواه أبو يعلى (4385) مختصرًا، وابن خزيمة في "صحيحه"(406)، ومن طريقه ابن حبان (3473)، والبيهقي (1/ 382) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عنها مرفوعًا: "إن ابن أم مكتوم رجل أعمى فإذا أذن. . . ".
أقول: وهذا إسناد رواته ثقات، لكن الدراوردي على إمامته كان يخطئ، قال أحمد بن حنبل: إذا حدث من كتابه فهو صحيح، وإذا حدَّث من كتب الناس وَهِم، وقال أبو زرعة: سيّء الحفظ، فربما حدث من حفظه الشيء فيخطئ.
وقد رواه من هو أحفظ منه، وهو عبيد اللَّه بن عمر عن القاسم عن عائشة مرفوعًا:"إن بلالًا يؤذن. . . "، على اللفظ المشهور الذي أخرجه البخاري في "صحيحه"(623 و 1919)، ومسلم (1092)(38) بعده.
لذلك قال البيهقي: وهذا أصح، أي حديث القاسم بن محمد.
وله شاهد أيضًا من حديث زيد بن ثابت: رواه البيهقي (1/ 382)، وفيه الواقدي: وهو متروك.
وللجمع بين الأحاديث قالوا: إن الأمر كان نوبًا بين بلال وابن أم مكتوم، هذا قاله ابن خزيمة، وابن حبان.
قلت: أنت ترى أن حديثًا ابن أم مكتوم ينادي بليل. . . " لا تخلو طرقه من مقال.
والذي رواه أهل الصحيح عن ابن عمر، وابن مسعود، وسمرة، وأم المؤمنين عائشة هو:"إن بلالًا يؤذن بليل"، فالقلب إلى حديثهم أمْيَل، وهذا الذي رجّحه المؤلف رحمه الله كما ترى، واللَّه أعلم.
(1)
تقدمت أحاديثهم كلّها قريبًا.
(2)
في (ق) و (ك): "أصحاب".
(3)
تقدم تخريجه قريبًا، على الخلاف الذي فيه.
(4)
في المطبوع: "في".