الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذه السنن المحكمة بالمتشابه من قوله: "إذا قال الإمام سمع اللَّه لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد"(1).
[إشارة المتشهد بإصبعه]
المثال الستون: رد السنة الصحيحة المحكمة في إشارة المصلِّي في التشهد بإصبعه (2) كقول ابن عمر: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع كفَّه اليمنى (3) على فخذه اليمنى وقَبضَ أصابعه كُلَّها، وأشار بإصبعه (4) التي تلي الإبهام"، رواه مسلم (5)، وعنده أيضًا عنه:"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على رُكبتيه ووضع إصبعه التي تلي الإبهام فدعا بها"(6)، وعنده أيضًا عن عبد اللَّه بن الزبير:"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في الصلاة وضع يديه على ركبتيه وأشار بأصبعه"(7)، ورواه خُفاف بن إيماء بن رخَصَة (8)، ووائل بن
(1) سبق تخريجه آنفًا، وانظر:"زاد المعاد"(1/ 56)، و"كتاب الصلاة"(ص 122 - 123).
(2)
انظر: "زاد المعاد"(1/ 65).
(3)
في النسخ الخطية: "الأيمن".
(4)
"في الأصبع تسع لغات، فهمزته مثلثة، ومع كل حركة تثلث الباء"(و).
(5)
(580)(116) في (المساجد): باب صفة الجلوس في الصلاة وكيفية وضع اليدين على الفخذين.
(6)
رواه مسلم (رقم 580) في (المساجد): باب صفة الجلوس في الصلاة.
(7)
رواه مسلم في "الصحيح"(579) في (المساجد): باب صفة الجلوس في الصلاة.
(8)
وفي المطبوع و (ق): "بن رحضة"، وفي (ك):"بن حصبة"، والصواب ما أثبتناه.
أخرج حديثه أحمد في "مسنده"(4/ 57) وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(2/ 985 - 986 رقم 2423) والبيهقي في "سننه"(2/ 133) من طريقه ابن إسحاق حدثني عمران بن أبي أنس عن أبي القاسم مقسم مولى عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل قال: حدثني رجل من أهل المدينة، فذكر إشارته باصبعه في الصلاة، وتأييد خفاف له وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان هكذا يصنع، ذكره الهيثمي في "المجمع" (2/ 131) وعزاه لأحمد وقال:"وأبو يعلى بنحوه وسمّى المبهم الحارث، ولم أجد من ترجمه ولم يسمه أحمد".
أقول: هو في "مسند أبي يعلى"(908)، وقال محقّقه -حفظه اللَّه- بعد أن ذكر إسناد أحمد والبيهقي: وهذا إسناد ظاهره أنه منقطع غير أن الرواية التي عندنا -أي في "مسند أبي يعلى"- لعلها تعبن في تعيين الرجل المجهول وأنه ابن خُفاف، فإذا كان الأمر كذلك يكون الإسناد صحيحًا.
أقول: لخفاف ولد اسمه الحارث مترجم في "التهذيب"، روى عنه خالد بن عبد اللَّه بن حرملة ففط، وقد أخرج له مسلم ولم يذكروا لمقسم روايةً عنه، ثم إن في طرق الحديث هذا ما يدل على أنه ليس هو؛ إذ قد وقع عند البيهقي قول خُفاف له: ابنَ أخي لم تفعل هذا؟ ثم قوله كذلك في بعض الروايات قال: فرآني خفاف بن إيماء وكانت =
حُجْر (1)، وعبادة بن الصامت (2)، ومالك بن نمير (3) الخزاعي عن أبيه (4) كلهم عن
= له صحبة مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأنا أصنع ذلك،. . . فهذا يدل على أنه ليس ابنه، واللَّه اعلم، وأن الحارث -كما قال الهيثمي يحتاج إلى نظر-.
ثم وجدت الحديث في "معجم الطبراني"(4176) من طريق ابن إسحاق أيضًا عن عمران به بإسقاط الرجل الذي من أهل المدينة، ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/ 140) وقال: ورجاله ثقات!
أقول: مقسم له رواية عن خُفاف لكن هل سَمِع منه؟ لم أجد من صَرَّح، وواضح في هذا الحديث أنه لم يسمعه منه وإنما سمعه بالواسطة. فتبقى جهالة حال هذا الرجل، واللَّه أعلم.
(1)
أخرج حديثه الحميدي (885)، والطيالسي (1020)، وعبد الرزاق (2522)، وأحمد (4/ 316 و 317 و 318 و 319)، وأبو داود (726) في (الصلاة): باب رفع اليدين في الصلاة، و (957) في باب كيف الجلوس في التشهد، والنسائي (2/ 236) في (الافتتاح): باب موضع اليدين عند الجلوس للتشهد الأول، و (3/ 34) في (السهو): باب صفة الجلوس في الركعة التي يقضى فيها الصلاة، و (3/ 35): باب موضع الذراعين وباب موضع المرفقين، وفي "الكبرى"(رقم 659 و 1096 و 1097)، وابن ماجه (912) في الإقامة: باب الإشارة في التشهد، وابن حبان (1945)، والطبراني في "الكبير"(22/ رقم 78 - 81، 83 - 90)، و"الدعاء"(رقم 637)، وابن خزيمة (713)، والدارقطني (1/ 295 - 291)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 259)، والبيهقي في "سننه الكبرى"(2/ 72 و 1/ 131)، والبغوي (563)، وابن حزم (4/ 125 - 126) كلهم من طرق كثيرة عن عاصم بن كليب عن أبيه عنه في وصف صلاة النبيّ صلى الله عليه وسلم، وفيها إشارته صلى الله عليه وسلم بالسبابة، وإسناده قوي.
وانفرد زائدة في الرواية عن عاصم عن كليب، فقال:"فرأيته يحركها يدعو بها"، أخرجه من طريقه أحمد في "مسنده"(318/ 4)، وأبو داود (727)، والنسائي (2/ 126 - 127) في "الافتتاح": باب موضع اليمين من الشمال في الصلاة، و (3/ 37) في (السهو): باب قبض الثنتين من أصابع اليد اليمنى، وفي "السنن الكبرى"(رقم 873، 1100)، والدارمي (1/ 314، 315)، وابن الجارود (208)، وابن خزيمة (697، 698، 713، 714)، وابن حبان (1860)، والطبراني (22/ رقم 82، 83)، والبيهقي (2/ 132).
(2)
أخرجه البيهقي في "الخلافيات"(2/ 96 - مختصره).
(3)
في النسخ المطبوعة و (ك) و (ق): "ومالك بن بهز"!! وهو خطأ، صوابه ما أثبتناه.
(4)
أخرج حديثه أحمد في "مسنده"(3/ 471)، وأبو داود (991) في (الصلاة): باب الإشارة في التشهد، والنسائي (3/ 39) في (السهو): باب إحناء السبابة في الإشارة، وفي "الكبرى"(رقم 1103، 1106) وابن ماجه (911) في (الإقامة): باب الإشارة في التشهد، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2329) و (2330)، وابن خزيمة (715 و 716)، والبخاري في "تاريخه الكبير"(8/ 661)، وابن حبان (1946)، وابن قانع في =
النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك، وسئل ابن عباس عنه فقال: هو الإخلاص (1).
فردّ (2) ذلك كله بحديث لا يصح، وهو ما رواه محمد بن إسحاق، عن
= "معجم الصحابة"(1145)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"(5/ 2688 رقم 6433، 6434)، والبيهقي (2/ 131)، والمزي في "تهذيب الكمال"(30/ 25) من طرق عن عصام بن قدامة عن مالك بن نُمير الخزاعي عن أبيه أنه رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم واضعًا يده اليمنى على فخذه اليمنى رافعًا أصبعه السبابة قد حناها شيئًا وهو يدعو.
ونمير الخزاعي لا يُعرف إلا بهذا الحديث يرويه عنه ابنه مالك، قال الدارقطني: يعتبر به، وقال ابنُ القطان: لا يعرف حال مالك ولا روى عن أبيه غيره. وقال الذهبي: لا يُعرف وذكره ابن حبان في الثقات!! فهو في عداد المجاهيل فالإسناد ضعيف، وقد ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله وذكر حديثه هذا ولم يتكلم عليه.
(1)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(2/ 133) من طريق ابن فضيل عن الأعمش عن أبي إسحاق عن العيزار، قال: سئل ابن عباس عن الرجل يدعو يشير بأصبعه، فقال ابن عباس: هو الإخلاص.
وهذا إسناد رجاله ثقات، وأبو إسحاق هو السبيعي اختلط، وقد أخرج له مسلم من رواية الأعمش عنه، ورواه عنه أيضًا الثوري -وقد أخرج له البخاري من روايته عنه ورواية الثوري هذه أشار إليها البيهقي، قال: ورواه الثوري في "الجامع" عن أبي إسحاق عن أربدة عن ابن عباس.
أقول: وأربدة هذا صدوق، وذكر أبو الفتح الأزدي في "ذكر اسم كل صحابي. . . "(رقم 20) أنه لم يرو عنه إلا أبو إسحاق السبيعي، ومثل هذا الاختلاف لا يضر، فهو اختلاف بين اثنين مقبولين في الرواية.
وقد روي مرفوعًا، أخرجه الحاكم (4/ 320)، ومن طريقه البيهقي (2/ 133) من طريق الحسن بن علي بن زياد عن عبد العزيز بن عبد اللَّه عن سليمان بن بلال عن عباس بن عبد اللَّه بن معبد عن أخيه إبراهيم بن معبد عن ابن عباس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"هكذا الإخلاص" يشير بأصبعيه التي تلي الإبهام.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
فتعقبه الذهبي، قلت: ذا منكر بمرة.
أقول: رجاله كلهم ثقات، غير الحسن بن علي فينظر في حاله، فإني لم أجد له ترجمة إلا في "الأنساب"(7/ 136) للسمعاني، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وترجمته هكذا عنده:"والحسن بن علي بن زيد السَّري، يروي عن أحمد بن الحسن اللهبي، حدث عنه أبو بكر بن إسحاق الضَّبغي النيسابوري".
قلت: وعليه فهو مجهول.
وبناءً على انفراده به أعلّه الذهبي بالنكارة.
وهذه من نقدات الإمام الذهبي التي لا يصل إليها إلا من خَبَر حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فرحمه اللَّه ورضي عنه.
(2)
في المطبوع و (ن): "فردوا".