الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرق بين ما يبلّغه عنه من كلامه المتلو ومن وحيه الذي هو نظير كلامه في وجوب الاتباع، ومخالفة هذا كمخالفة هذا.
يوضحه الوجه الثالث: أن اللَّه سبحانه أمرنا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان، وجاء البيان عن رسوله (1) صلى الله عليه وسلم بمقادير ذلك وصفاته وشروطه؛ فوجب على الأمة قبوله، إذ هو تفصيل لِما أمر اللَّه به، كما يجب عليها (2) قبولُ الأصل المفصَّل، وهكذا أَمرَ اللَّه سبحانه بطاعته وطاعة رسوله؛ فإذا أمر الرسول بأمرٍ كان تفصيلًا وبيانًا للطاعة المأمور بها، وكان فَرْضُ قبوله كفرض قبول الأصل المفصل، ولا فرق بينهما.
[بيان الرسول على أنواع]
يوضحه الوجه الرابع: أن البيان من النبي صلى الله عليه وسلم أقسام (3):
أحدها: بيانُ نفس الوحي بظهوره على لسانه بعد أَنْ كان خفيًا.
الثاني: بيان معناه وتفسيره لمن احتاج إلى ذلك كما بيَّن أن الظلم المذكور في قوله: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] هو الشركُ (4)، وأَنَّ الحسابَ اليسير هو العَرضُ (5)، وأن الخيط الأبيض والأسود هما بياضُ النَّهار وسواد الليل (6)، وأن الذي رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى هو جبريل (7)، كما فَسَّر
(1) في (ق) و (ك): "رسول اللَّه".
(2)
في المطبوع: "علينا".
(3)
انظر -غير مأمور- "الموافقات"(4/ 392 وما بعد).
(4)
الحديث في "الصحيحين"، وقد تقدم تخريجه، وفي (ق):"أنه الشرك".
(5)
رواه البخاري (103) في (العلم): باب من سمع شيئا فراجع حتى يعرفه و (4939) في تفسير {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)} ، و (6536) و (6537) في (الرقاق): باب من نوقش الحساب عذب، ومسلم (2876) في الجنة: باب إثبات الحساب، من حديث عائشة.
(6)
سبق تخريجه.
(7)
رواه أحمد في "مسنده"(1/ 407)، والطبري (27/ 49)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10423)، وأبو الشيخ في "العظمة" (356) من طريق عاصم عن شقيق عن ابن مسعود مرفوعًا:"رأيت جبريل على سدرة المنتهى له ست مئة جناح"، وإسناده حسن.
ورواه أحمد في "مسنده"(1/ 412 و 460)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(2/ 372) من طريق حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن ابن مسعود مرفوعًا به، وهذا اختلاف من عاصم، ففي حفظه شيء لكنه اختلاف بين ثقتين.
وأصل الحديث في "صحيح البخاري"(3232 و 4856 و 4857)، ومسلم (174) من حديث ابن مسعود أيضًا ولفظه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل له ست مئة جناح".
قوله: {أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} [الأنعام: 158] أنَّه طلوعُ الشمس من مغربها (1) وكما فسر قوله: {مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} [إبراهيم: 24] بأنها النَّخلة (2)،
(1) رواه البخاري (4635) في (تفسير الأنعام): باب {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} ، و (4636) باب لا ينفع نفسًا إيمانها، و (6506) في (الرقاق): باب رقم (40)، و (7121) في (الفتن): باب رقم (25)، ومسلم (157) في (الإيمان): باب بيان الزمن الذي يقبل فيه الإيمان، من حديث أبي هريرة.
(2)
رواه الترمذي (3119) في (التفسير): باب ومن سورة إبراهيم عليه السلام، والنسائي في (تفسيره)(282)، وأبو يعلى (4165)، ومن طريقه ابن حبان (475)، والطبري (20678 و 20679)، والحاكم (2/ 352)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(7/ رقم 12252)؛ وكما في "تفسير ابن كثير"(2/ 550)، من طريق حماد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن أنس مرفوعًا:"مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة. . . " هي النخلة.
وصححه الحاكم ووافقه والذهبي!!
لكن رواه الترمذي بعد (3119)، وعبد الرزاق في "تفسيره"(2/ 342)، والطبري (20677 - 20681) من طرق عن شعيب بن الحبحاب عن أنس موقوفًا.
قال الترمذي "وهذا أصح -أي الوقف- من حديث حماد بن سلمة، ولا يعلم أحد رفعه غير حماد بن سلمة، ورواه حماد بن زيد، ومعمر وغير واحد ولم يرفعوه".
ومما يدل على وهم حماد بن سلمة، وأن الصواب الوقف: أنَّ الطبري رواه من طريقه موقوفًا (20680).
وحماد بن سلمة له من مثل هذه الأخطاء، وكان رفّاعًا.
ورواه البزار في "مسنده" -كما في "تفسير ابن كثير"(2/ 550) - من طريق سعيد بن الربيع عن شعبة عن معاوية بن قرة عن أنس أحسبه رفعه، وإسناده جَيّد.
لكن رواه الطبري (20674 - 20676) من طرق عن معاوية بن قرة عن أنس موقوفًا.
وله شاهد من حديث ابن عمر: رواه أحمد (2/ 91)، وابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور"(5/ 22) من طريق شريك عن سلمة عن مجاهد عنه مرفوعًا.
قال السيوطي في "الدر": إسناده جيّد.
أقول: كيف وفيه شريك القاضي، وهو ضعيف!!
ورواه الطبري (20697) من طريق رجل عن ابن عمر مرفوعًا، وهذا يجعل للحديث أصلًا واللَّه أعلم.
وفي "صحيح البخاري"(61 و 62 و 72 و 131 و 2209 و 4698 و 5444 و 5448 و 6122 و 6144)، ومسلم (2811) من حديث ابن عمر مرفوعًا:"إن من الشجر شجرةً لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم. . . فقال: هي النخلة".
وفي بعض ألفاظ الحديث: من يخبرني عن شجرة مثلها مثل المؤمن أصلها ثابت، وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، وهذا لفظ ابن حبان (243)، وإسناده إلى ابن عمر صحيح.
وكما فسَّر قوله: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27] أنَّ ذلك في القبر حين يُسأل مَنْ ربك وما دينك (1)، وكما فسَّر الرعد بأنه ملك من الملائكة موكَّل بالسحاب (2)، وكما فسَّر اتخاذ أهل
(1) مضى تخريجه.
(2)
رواه أحمد في "مسنده"(1/ 274)، والترمذي (3117)، والنسائي في "سننه الكبرى"(9072)، وابن أبي الدنيا في "المطر"(108)، وأبو الشيخ في "العظمة"(4/ 1279)، والحربي في "غريب الحديث"(2/ 688)، والطبراني في "المعجم الكبير"(12429)، و"الدعاء"(2/ 1261)، وأبو نعيم في "الحلية"(4/ 304 - 305)، والضياء في "المختارة" من طريق عبد اللَّه بن الوليد عن بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أقبلت يهود إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالوا: "يا أبا القاسم، إنا نسألك عن خمسة أشياء. . . قالوا: أخبرنا ما هذا الرعد؟ قال: ملَك من ملائكة اللَّه عز وجل مُوَكَّلٌ بالسحاب بيده أو في يده مخراق من نار، يَزْجر به السحاب يسوقه حيث أمر اللَّه. . . ".
قال الترمذي: حسن صحيح غريب.
وقال أبو نعيم: غريب من حديث سعيد تفرد به بكير.
وقال الهيثمي في "المجمع"(8/ 242): "رواه الترمذي -باختصار- ورواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات".
أقول: نعم، رجاله ثقات، غير بكير بن شهاب فقد روى عنه اثنان هما: عبد اللَّه بن الوليد، ومبارك بن سعيد الثوري، وقال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في "الثقات".
أقول: ابن حبان توثيقه معروف، وعبارة أبي حاتم هذه فيها تليين، لذلك قال فيه ابن حجر في "التقريب": مقبول.
أما الحافظ الذهبي فقال: عراقي صدوق!! فأنَّى له أن يكون صدوقًا.
وروى الطبراني في "الأوسط"(7/ 360 رقم 7731) من طريق أبي عمران عن ابن جريج عن عطاء عن جابر أن خزيمة بن ثابت -وليس بالأنصاري- سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرعد فقال: فذكر نحوه. . . وهو جزء من حديث طويل.
قال الهيثمي في "المجمع"(8/ 132): وفيه يوسف بن يعقوب أبو عمران ذكر الذهبي هذا الحديث في ترجمته، ولم ينقل تضعيفه عن أحد!
قلت: ذكره الذهبي في "الميزان"، وقال أبو عمران عن ابن جُريج بخبر باطل طويل، وعنه إنسان مجهول، واسمه محمد بن عبد الرحمن السلمي.
أقول: وقد خولف أبو عمران هذا، فقد ذكر أبو موسى في "الطوالات"، أن أبا معشر، وعبيد بن حكيم، روياه عن ابن جريج عن الزهري مرسلًا، ذكره الحافظ في "الإصابة" في ترجمة خزيمة بن حكيم السلمي ويقال: ابن ثابت ثم قال الحافظ: "وفيه غريب كثير، وإسناده ضعيف جدًا".
فهو شاهد ساقط لا يصلح، وقد ذكر هذا الشاهد شيخنا الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة"(4/ 492 - 493)، وخفي عليه حاله، فالحمد للَّه على توفيقه. =
الكتاب أحبارهم ورُهبانهم أربابًا من دون اللَّه بأنَّ (1) ذلك باستحلال (2) ما أحلوه لهم من الحَرَام وتحريم ما حَرَّموه [عليهم](3) من الحَلَال (4)، وكما فسر القوة التي أمر اللَّه أن نعدها لأعدائه بالرّمي (5)، وكما فسر قوله:{مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] بأنه ما يُجزى به العَبدُ في الدنيا من الهَمِّ والنَّصبِ والخوف واللأواء (6)، وكما فسر الزيادة بأنها النَّظر إلى وجهِ اللَّه الكريم (7)، وكما فسَّر الدعاء في قوله:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] بأنه العبادة (8)،
= والحديث له طرق موقوفة ومقطوعة، ذكرها صالح بن الأمام أحمد في "مسائل أبيه"(الأرقام 583 - 591، 611)، وابن أبي الدنيا في "المطر"(رقم 103، 106، 107، 109، 110)، وأبو الشيخ في "العظمة"(4/ 1279 - فما بعد) والسيوطي في "الدر المنثور"، وأنا أظن صوابه الوقف، واللَّه أعلم.
قال (و): "ثبت ثبوتًا علميًا قطعيًا تفسيره بغير ذلك، ولا يمكن أن نفهم في الرسول إلا أنه يقول الحق والصدق، فلينظر سند الحديث"!!.
(1)
في (ق): "أن" وفي (ك): "و".
(2)
في (ق): "استحلال".
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(4)
سبق تخريجه.
(5)
رواه مسلم (1917) في (الإمارة): باب فضل الرمي والحث عليه، من حديث عقبة بن عامر.
وانظر طرقه ومظانه في تعليقي على "فضائل الرمي" للقرَّاب (رقم 11).
(6)
مضى تخريجه.
(7)
قال (و): "يعني التي وردت في قوله سبحانه تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26]. وقد ذكر تفسيرها بذلك في حديث رواه أحمد، ومسلم، وابن جرير، وابن أبي حاتم" اهـ، ونحوه باختصار في نسخة (ط).
ولفظة "الكريم" سقطت من (ق).
والحديث رواه مسلم (181)(298) في (الإيمان): باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى، من حديث صهيب الرومي، وانظر:"تفسير ابن كثير"(2/ 429).
(8)
رواه الطيالسي (801)، وأحمد (4/ 267 و 271 و 276)، وابن أبي شيبة (10/ 200)، وابن المبارك في "الزهد" (1298 - 1299) و"المسند" (رقم 74) والترمذي (3247) في (التفسير): باب ومن سورة غافر، و (3372) في "الدعوات": باب ما جاء في فضل الدعاء، والنسائي في "الكبرى"(11464)، وابن ماجه (3828) في (الدعاء): باب فضل الدعاء، وأبو داود (1479) في (الصلاة): باب الدعاء، والبخاري في "الأدب المفرد"(714)، والطبري في "تفسيره"(24/ 78)، والطبراني في "الصغير"(رقم 1041) و"الدعاء"(رقم 1 - 7) وابن منده في "التوحيد"(رقم 325) والقضاعي في "مسند الشهاب"(رقم 29 - 30)، وابن حبان (895)، والحاكم (1/ 490 و 491)، وأبو نعيم =
وكما فسر إدبار النجوم بأنه الركعتان قبل الفجر، وأدبار السجود بالركعتين بعد المغرب (1)، ونظائر ذلك.
الثالث: بيانه بالفعل (2) كما بيَّن أوقات الصلاة للسائل بفعله (3).
الرابع: بيان ما سُئل عنه من الأحكام التي ليست في القرآن فينزل (4) القرآن ببيانها، كما سئل عن قَذْف الزوجة (5) فجاء القرآن باللِّعان ونظائره.
الخامس: بيان ما سئل عنه بالوحي وإن لم يكن قرآنًا، كما سئل عن رجل أحرم في جُبِّة بعدما تضمّخ بالخَلُوق، فجاء الوحي بأن ينزع عنه الجبَّة
= في "حلية الأولياء"(8/ 120)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(1105) و"الدعوات الكبير"(رقم 4) والبغوي في "التفسير"(4/ 103) و"شرح السنة"(رقم 1384) وعبد الغني المقدسي في "الترغيب في الدعاء"(رقم 8) والمزي في "تهذيب الكمال"(3/ 1548)، من طرق عن ذر بن عبد اللَّه عن يُسَيْع الحضرمي عن النعمان بن بشير مرفوعًا:"الدعاء هو العبادة"، ثم قرأ هذه الآية:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} .
وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وانظر:"الموافقات"(4/ 398 - بتحقيقي).
(1)
رواه الترمذي (3275) في (التفسير): باب ومن سورة الطور، وابن جرير (26/ 181)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(10/ رقم 18646) -، وكما في "تفسير ابن كثير"(4/ 246) تفسير سورة "ق"-، وابنُ عدي في "الكامل"(3/ 1008) من طريق محمد بن فُضيل عن رشدين بن كريب عن أبيه عن ابن عباس مرفوعًا.
قال الترمذي: "هذا الحديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه من حديث محمد بن فضيل عن رشدين بن كريب".
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "فأما هذه الزيادة -أي تفسير أدبار السجود وإدبار النجوم- لا تعرف إلا من هذا الوجه، ورشدين بن كريب ضعيف، ولعله من كلام ابن عباس رضي الله عنهما موقوفًا عليه" وضَعَّفه الحافظ في "الفتح"(8/ 598).
أقول: رشدين هذا ضعّفه ابن معين، والنسائي والبخاري وغير واحد.
وله شاهد مرفوع من حديث علي بن أبي طالب: رواه مسدد، وابن المنذر، وابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور"(7/ 610).
وشاهد أيضًا من حديث أبي هريرة: رواه ابن مردويه، ولا ندري حال أسانيد هذين الشاهدين.
وقد وردت آثار موقوفة بهذا التفسير، فانظر "فتح الباري"(8/ 598)، و"الدر المنثور"(7/ 638)، و"تفسير الطبري"(27/ 39).
(2)
انظر: "الموافقات"(4/ 439 وما بعد) بتحقيقي.
(3)
رواه مسلم (613) في (المساجد): باب أوقات الصلوات الخمس، من حديث بريدة.
(4)
في المطبوع و (ن): "فنزل".
(5)
مضى تخريجه.
ويغسل أثر الخلوق (1).
السادس: بيانه للأحكام بالسنة ابتداءً من غير سؤال، كما حرَّم عليهم لحومُ الحمر (2)، والمُتعة (3)، وصَيْدَ المدينة (4)، ونكاح المرأة على عَمّتها وخالتها (5)، وأمثال ذلك.
السابع: بيانُه للأمّة جواز الشيء بفعله هو له وعدم نهيهم عن التأسِّي به.
الثامن: بيانه جواز الشيء بإقراره لهم على فعله وهو يشاهده (6) أو يعْلمهم يفعلونه.
التاسع: بيانه إباحة الشيء عفوًا بالسكوت عن تحريمه وإن لم يأذن فيه نطقًا.
العاشر: أن يحكَم القرآنُ بإيجاب شيء أو تحريمه أو إباحته، ويكون لذلك الحكم شروط وموانع وقيود وأوقات مخصوصة وأحوال وأوصاف، فيحيل الربُّ
(1) رواه البخاري (1536) في (الحج): باب غسل الخَلُوق ثلاث مرات من الثياب -تعليقًا-، و (1789) في (العمرة): باب ما يفعل بالحج، (1847) في (جزاء الصيد): باب إذا أحرم جاهلًا، وعليه قميص، و (4985) في (فضائل القرآن): باب نزل القرآن بلسان قريش والعرب -موصولًا ومعلقًا- ومسلم (1180) في (الحج): باب ما يُباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح، من حديث يعلى بن أمية.
وقال (و) عن الخلوق: "نوع من الطيب".
(2)
ورد من حديث أنس: رواه البخاري (2991 و 4199 و 5528)، ومسلم (1940).
ومن حديث جابر: رواه البخاري (4219 و 5525 و 5524)، ومسلم (1941).
ومن حديث ابن عمر: رواه البخاري (4217 و 5521 و 5522)، ومسلم (24)(561).
ومن حديث البراء بن عازب: رواه البخاري (4221 و 4223 و 4225 و 4226)، ومسلم (1938).
(3)
ورد من حديث علي بن أبي طالب: رواه البخاري (4216 و 5115 و 5523 و 6961)، ومسلم (1407).
ومن حديث سَبْرَة بن معبد: رواه مسلم (1406).
(4)
رواه مسلم (1362) في (الحج): باب فضل المدينة، من حديث جابر، ورواه (1363) من حديث سعد بن أبي وقاص، وروى البخاري (1873) ومسلم (1372) عن أبي هريرة أنه قال: لو رأيت الظباء ترتع بالمدينة ما ذَعَرتها قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ما بين لابتيها حرام".
(5)
سبق تخريجه.
(6)
في (ق): "يشاهدهم".
سبحانه وتعالى على رسوله في بيانها كقوله [تعالى](1): {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] فالحِلُّ موقوفٌ على شروط النكاح وانتفاء موانعه (2) وحضور وقته وأهليَّةِ المحل، فإذا جاءت السنة ببيان ذلك كُلِّه لم يكن شيء (3) منه زائدًا على النص فيكون نسخًا له، وإن كان رفعًا لظاهر إطلاقه.
فهكذا كل حكم منه صلى الله عليه وسلم زائد على القرآن، هذا سبيلُه سواءٌ بسواء، وقد قال تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] ثم جاءت السنة بأنَّ القاتلَ والكافرَ والرقيقَ لا يرث (4)، ولم يكن نسخًا للقرآن مع أنه زائد عليه قطعًا، أعني في مُوجبات الميراث؛ فإن القرآن أوجبه بالولادةِ وحْدَها، فزادت السنة مع وصف الولادة اتحاد الدَّين وعدم الرق والقتل، فهلَّا قلتم: إن هذه زيادة على النص فيكون نسخًا والقرآن لا يُنسخ بالسنة؟ كما قلتم ذلك في كل موضع تركتم فيه الحديث لأنه زائد على القرآن.
(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(2)
في (ن)، و (ق) و (ك):"مانعه".
(3)
في المطبوع: "الشيء".
(4)
أما القاتل فتقدم حديثه.
وأما الكافر: فيريد حديث: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم"، وهو في "الصحيحين" وقد سبق تخريجه قريبًا.
وأما ميراث الرقيق؛ فلم أجد حديثًا صريحًا مرفوعًا في عدم ميراث الرقيق، وقد استدل الشافعي على عدم ميراث الرقيق بحديث:"من باع عبدًا له مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع".
أخرجه البخاري في "الصحيح"(كتاب المساقاة): باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو نخل (5/ 49/ رقم 2379)، و (كتاب الشروط): باب إذا باع نخلًا قد أُبِّرت (5/ 313 / رقم 2716)، ومسلم في "الصحيح"(كتاب الببوع، باب من باع نخلًا عليها ثمر، 3/ 1172/ 1543) عن ابن عمر مرفوعًا.
قال الشافعي: "فلما كان بيِّنًا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد لا يملك مالًا وأن ما يملك العبد فإنما يملكه سيده، ولم يكن السيد بأبي الميت ولا وارث سميت له فريضة فكنا لو أعطينا العبد بأنه أب إنما أعطينا السيد الذي لا فريضة له، فورثنا غير من ورث اللَّه فلم نورث عبدًا لما وصفت".
نقلت هذا من "سنن البيهقي"(9/ 216)، ونحوه في "الأم"(3/ 72).
وقد ثبت عن علي أن المملوك لا يرث: رواه ابن أبي شيبة (11/ 270)، وعبد الرزاق (10/ 2790)، وسعيد بن منصور (1/ 45)، و"السنن الكبرى"(6/ 223)، وقد ورد أيضًا عن عدد من الصحابة، انظر المصادر السابقة و"الإشراف"(4/ 685) للقاضي عبد الوهاب، وتعليقي عليه.