الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[صفة صلاة الكسوف]
المثال الخمسون: رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في صفة صلاة الكسوف وتكرار الركوع في كل ركعة كحديث عائشة، وابن عباس، وجابر، وأبيّ بن كعب، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وأبي موسى الأشعري، كلهم رَوَى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم تكرار الركوع في الركعة الواحدة (1)، فردت هذه السنن المحكمة بالمتشابه من حديث عبد الرحمن بن سَمُرة قال:"كنت يومًا أرمي بأسهم وأنا بالمدينة، فانكسفت الشمس، فجمعتُ أسهُمي وقلت: لأنظُرنَّ ماذا أحدث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس، فكنت خلف ظهره فجعل يُسبّح ويُكبِّر ويدعو حتى حُسِرَ عنها فصلَّى ركعتين وقرأ بسورتين"، رواه مسلم في "صحيحه"(2)، وفي "صحيح البخاري" عن أبي بكرة قال: انكسفت الشمس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فصلّى ركعتين (3)، وهذا لا يناقض رواية مَنْ رَوى أنه ركع في كل ركعة ركوعين فهي ركعتان وتعدّد (4) ركوعهما كما يُسمَّيان سجدتين مع تعدد سجودهما كما قال ابن عمر: حفظت عن رسول اللَّه سجدتين قبل الظهر وسجدتين بعدها (5)، وكثيرًا ما يجيء في السنن إطلاق السجدتين على الركعتين، فسنّة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصدق بعضها بعضًا، لا سيما والذين رووا تكرار الركوع أكثر عددًا وأجل وأخصّ برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الذين لم يذكروه (6).
فإن قيل: ففي حديث أبي بكرة: "فصلَّى ركعتين نحوًا مما تصلون"، وهذا صريح في إفراد الركوع.
قيل: هذا الحديث رواه شُعبة، عن يونس بن عُبيد، عن الحَسَن، عن أبي بكرة دون الزيادة المذكورة، وهو الذي رواه البخاري في "صحيحه"(7)، وزاد
(1) ذكر منها عدة أحاديث ستأتي.
(2)
(كتاب الكسوف): باب ذكر النداء بصلاة الكسوف: "الصلاة جامعة"(2/ 913/629).
(3)
رواه البخاري في "الصحيح"(1040) في (الكسوف): باب الصلاة في كسوف الشمس، و (1062 و 1063) في باب الصلاة في كسوف القمر، و (5785) في (اللباس): باب من جرّ إزاره من غير خيلاء.
(4)
في (ك): "تعدد".
(5)
رواه البخاري (1172) في (التهجد): باب التطؤع بعد المكتوبة، ومسلم (729) في (صلاة المسافرين): باب فضل السنن الراتبة، وقبل الفرائض وبعدهن. . .
(6)
انظر: "إحكام الأحكام"(2/ 136) لابن دقيق العيد.
(7)
مضى قريبًا.
إسماعيل ابن عُليَّة (1) هذه الزيادة، فإن رجحنا بالحفظ والإتقان فشعبة شعبة، وإن قبلنا الزيادة فرواية من زاد في كل ركعة ركوعًا آخر زائدة على رواية من روى ركوعًا واحدًا فتكون أولى.
فإن قيل: فما تصنعون بالسنة المحكمة الصريحة من رواية سَمُرة بن جندب (2) والنُّعمان بن بَشير (3) وعبد اللَّه بن عمرو (4) أنه صلاها ركعتين كل ركعة بركوع واحد،
(1) كما عند ابن حِبَّان في "صحيحه"(2835) وتابع إسماعيل على هذا يزيدُ بن زريع أخرجه من طريقه ابن خزيمة (1374)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 330)، والبيهقي في "سننه الكبرى"(3/ 332). وانظر توجيه ابن حبان لها في "صحيحه"(7/ 77).
(2)
رواه أحمد في "مسنده"(5/ 16)، وأبو داود (1184) في (الصلاة): باب من قال: أربع ركعات، والنسائي (3/ 140) في (الكسوف)، وفي "الكبرى"(1869)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 329)، والطبراني في "الكبير"(6797 و 6798 و 6799)، وابن حبان (2852 و 2856)، والحاكم (1/ 329 - 331)، وابن خزيمة (1397)، والبيهقي (3/ 339) من طريق الأسود بن قيس عن ثعلبة بن عَبَّاد عن سمرة به.
وهذا إسناد ضعيف؛ ثعلبة بن عباد ذكره في المجاهيل: ابنُ المديني، وابن حزم، وابن القطان، والذهبي، ومع هذا صحح حديثه الترمذي!! وذكره ابن حبان في "الثقات"! وانظر:"الميزان"(1/ 371)، و"المحلى"(5/ 94).
(3)
رواه أحمد في "مسنده"(4/ 269 و 271 و 277)، وأبو داود (1193) في (الصلاة): باب من قال: يركع ركعتين، والنسائي (3/ 141)، وفي "الكبرى"(1873 و 1874)، والبزار في "البحر الزخار"(8/ 235 رقم 3294، 3295)، والحاكم (1/ 333)، وابن خزيمة (1403 و 1404)، وفي "التوحيد"(ص 379)، والطحاوي (1/ 330) من طرق عن أبي قلابة عن النعمان به، مطولًا ومختصرًا.
ورواه الطحاوي (1/ 330) من طريق أيوب عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير أو غيره، ورواه أحمد (4/ 267) من طريق عفان عن عبد الوارث عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل عن النعمان.
قال الحاكم: على شرطهما، وتكلّموا في سماع أبي قلابة من النعمان.
وفي "جامع التحصيل" قال ابنُ معين: أبو قلابة لم يسمع من النعمان بن بشير، مرسل، وقال أبو حاتم: قد أدرك النعمان، ولا أعلم سمع منه أو لا.
ورواه عن النعمان: الحسن البصري، وخرجته في تعليقي على "الحنائيات"(رقم 250).
وأفاد ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام"(5/ 353، 459) أن هذا حديث قد اختلف في إسناده، فروي عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير، وروي عنه عن قبيصة بن المخارق الهلالي، وروي عنه عن هلال بن عامر عن قبيصة بن المخارق.
وانظر الحديث الآتي، و"نصب الراية"(2/ 228).
(4)
رواه أحمد (2/ 159)، والنسائي (3/ 137 - 139) في (الكسوف)، وفي "الكبرى" =