الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مسائل خفيت على عمر]
وخفي على عمر تيمُّم الجنب فقال: لو بقي شهرًا لم يصلِّ حتى يغتسل (1)، وخفي عليه دية الأصابع فقضى في الإبهام والتي تليها بخمس وعشرين حتى أخبر أن في كتاب آل عمرو بن حَزْم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى فيها بعشر (2)؛ فترك قوله ورجع إليه (3)، وخفي عليه شأن الاستئذان حتى أخبره به أبو موسى وأبو سعيد
= رأيت، وأما أن يدوا قتلانا فلا، قتلانا قتلوا على أمر اللَّه فلا ديات لهم فتتابع الناس على ذلك، وفيها كلام أبي بكر ثم كلام عمر.
وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين.
ورواها ابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(1830) من طريق ابن مهدي عن سفيان به.
ورواها سعيد بن منصور في "السنن"(2/ 361) وابن عبد البر (1829) من طريق ابن عيينة عن أيوب الطائي عن قيس به.
وإسناده على شرط الشيخين كذلك.
وأصل القصة في "صحيح البخاري"(7221) مثل إسناد البيهقي، وهي مختصرة جدًا، فيها بعض كلام أبي بكر فقط، وعزاها ابن حجر في "الفتح" مطولة لأبي بكر البُرقاني في "مستخرجه".
(1)
رواه البخاري (338) في (التيمم): باب المتيمم هل ينفخ فيها؟ و (339 و 340 و 341 و 342 و 343) باب التيمم للوجه والكفين، و (345 و 346) باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت، و (347) باب التيمم ضربة، ومسلم (368) في (الحيض): باب التيمم، من حديث عمار بن ياسر.
(2)
"نص ما في الكتاب، وفي كل إصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الإبل"(و) وبعدها في سائر النسح: "عشر" والصواب حذفها كما في (ك).
(3)
روى عبد الرزاق في "مصنفه"(17698) من طريق الثوري والشافعي في "الرسالة"(ص 422 رقم 1160) أخبرنا سفيان وعبد الوهاب عن يحيى عن سعيد بن المسيب أن عمر جعل في الإبهام خمس عشرة، وفي السبابة عشرًا. . . حتى وجدنا كتابًا عند آل حزم عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن الأصابع كلها سواء فأخذ به.
ورواه ابن أبي شيبة (6/ 306) من طريق يحيى بن سعيد عن سعيد به مختصرًا، ورواه ابن حزم في "الإحكام"(6/ 86) من طريق البخاري ثنا أبو النعمان ثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد به بلفظه، ومنه ينقل المصنف.
لكن رواه البيهقي (8/ 93) من طريق جعفر بن عون عن يحيى بن سعيد به فقال: قضى عمر في الأصابع في الإبهام بثلاثة عشر والتي تليها باثني عشر. . .، وظاهر هذه الروايات أن الذي وجد الكتاب ليس عمر.
لكن وجدت رواية صريحة عند عبد الرزاق (17706) عن معمر عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن الأنصاري عن ابن المسيب قال: قضى عمر بن الخطاب بقضاء في الأصابع =
الخدري (1)، وخفي عليه توريث المرأة من دية زوجها حتى كتب إليه الضَّحاك بن سُفيان الكلابي -وهو أعرابي من أهل البادية- أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أَمَره أن يُورِّث امرأة أَشْيَم الضِّبابي من دية زوجها (2)، وخفي عليه حكم إمْلَاص (3) المرأة حتى سأَل عنه فوجده عند المغيرة بن شعبة (4)، وخفي عليه أمر المجوس في الجزية حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هَجَر (5)، وخفي عليه سقوط طواف الوداع عن الحائض فكان يردُّهن حتى يطهرن ثم يطفن
= ثم أُخبر بكتاب كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لآل حزم: في كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل فأخذ به وترك أمره الأول.
وابن المسيب لم يدرك عمر، كان صغيرًا لم يبلغ الحلم في أيامه.
وكتاب عمرو بن حزم فيه أنصبة الزكاة والديات تكلمنا عليه مرارًا.
وقوله: "في دية الأصابع عشر".
ورد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا، رواه أبو داود (4562)، والنسائي (8/ 57)، وابن ماجه (2653)، وأحمد (2/ 207)، وإسناده جيد، وفي الباب عن ابن عباس وأبي موسى الأشعري، وانظر:"الزاد"(3/ 204)، و"أحكام الجناية" للشيخ بكر أبو زيد (296 - 297).
(1)
رواه البخاري (2062) في (البيوع): باب الخروج في التجارة، و (7353) في (الاعتصام): باب الحجة على من قال: إن أحكام النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرة، ومسلم (2153) (36) في (الآداب): باب الاستئذان من حديث أبي موسى الأشعري.
ورواه مسلم (2154) من حديث أبي موسى إلا أن الذي شهد أبو موسى وأبي بن كعب.
ورواه البخاري (6245) في (الأدب): باب التسليم والاستئذان ثلاثًا، ومسلم (2153) من حديث أبي سعيد الخدري.
(2)
مضى تخريجه. وانظر: "الرسالة" للشافعي (ص 426 - 427).
(3)
"الإملاص: هو أن تزلق الجنين قبل وقت الولادة"(و).
(4)
رواه البخاري (6905 - 6908)(في الديات): باب جنين المرأة، و (7317 و 7318) في (الاعتصام): باب ما جاء في اجتهاد القضاء بما أنزل اللَّه، من حديث المغيرة بن شعبة، ومحمد بن مسلمة.
ورواه مسلم (1689) في (القسامة): باب دية الجنين، من حديث المسور بن مخرمة.
والحديث عندهما جاء من طريق هشام بن عروة عن أبيه.
فقال في رواية البخاري: عن المغيرة ثم شهد محمد بن مسلمة.
وقال في رواية مسلم: عن المسور، وشهد المغيرة ومحمد بن مسلمة.
(5)
رواه البخاري (3156) و (3157) في الجزية والموادعة: باب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب. وانظر: "الرسالة"(ص 430 - 431) للشافعي.
حتى بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف ذلك فرَجعَ إلى قوله (1)، وخفي عليه التسوية بين دية الأصابع وكان يفاضل بينها حتى بلغته السنة في التسوية فرجع إليها (2)، وخفي عليه شأن متعة الحج وكان ينهى عنها حتى وقف على أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها فترك قوله وأمر بها (3)، وخفي عليه جواز التسمي بأسماء الأنبياء فنهى عنه حتى أخبره
(1) رواه ابن المنذر؛ كما في "الفتح"(3/ 587) بإسناد صحيح إلى نافع عن ابن عمر قال: طافت امرأة بالبيت يوم النحر ثم حاضت فأمر عمر بحبسها بمكة بعد أن ينفر الناس حتى تطهر، وتطوف بالبيت.
وروى ابن أبي شيبة -كما في "الفتح"(3/ 587) - من طريق القاسم بن محمد: كان الصحابة يقولون: إذا أفاضت المرأة قبل أن تحيض فقد فرغت. إلا عمر؛ فإنه كان يقول: "يكون آخر عهدها بالبيت".
وأما السنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك: فقد أخرج البخاري (1757، 4401) ومسلم (1211) عن عائشة قالت: حاضت صفية بنت حُيَيّ بعد ما أفاضت، قالت عائشة: فذكرتُ حيضتها لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أحابستنا هي؟ " قال: فقلت: يا رسول اللَّه إنها قد كانت أفاضت، وطافت بالبيت، ثم حاضت بعد الإفاضة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"فَلْتَنْفِر".
وروى البخاري (1755) ومسلم (1328) عن ابن عباس قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض.
وخفي هذا الأمر على زيد بن ثابت حتى أخبره به ابن عباس، كما سيأتي عند المصنف (3/ 44).
ورجوع عمر سوف يأتي في (ص 39)، وهناك تخريجه، وقارن لزامًا بـ:"فتح الباري"(3/ 587).
ووجدت ابنه عبد اللَّه كان يقول به ثم رجع عنه، روى ذلك البخاري (330) و (1761).
ووقع في المطبوع: "فرجع عن قوله".
(2)
مضى تخريجه قريبًا.
(3)
رواه البخاري (1559) في (الحج): باب من أهل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم و (1724) باب الذبح قبل الحلق، و (1795) في (العمرة): باب متى يحل المعتمر، و (4346) في (المغازي): باب بعث أبي موسى، ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع، ومسلم (1221) في (الحج): باب نسخ التحلل في الإحرام، والأمر بالتمام من حديث أبي موسى الأشعري، وفيه قول عمر.
ورواه مسلم (1217) و (1405)(17) من حديث ابن عباس، وفيه نهي عمر عن المتعة.
وقد روى مسلم في "صحيحه"(1222) سبب نهي عمر عن المتعة حيث قال: قد علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله وأصحابه، ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك ثم يروحون في الحج تقطر رؤُوسهم.
[به](1) طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم كَنَّاه أبا محمد فأمسك ولم يتماد (2) على النهي (3)، هذا وأبو موسى ومحمد بن مسلمة وأبو أيوب من أشهر الصحابة، ولكن لم يمرّ بباله رضي الله عنه أمر هو بَيْنَ يديه حتى نهى عنه، وكما خفي عليه قوله تعالى:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] وقوله: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: 144] حتى قال: واللَّه كأني ما سمعتُها قط قبل وقتي هذا (4).
(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(2)
في (ق) و (ك): "يتمادى".
(3)
روى أحمد في "مسنده"(4/ 216)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(670)، والطبراني في "الكبير" (19) (544) وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1/ 166 - 167 رقم 636 - ط دار الوطن) من طريق أبي عوانة عن هلال بن أبي حميد الوَزَّان عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: نظر عمر إلى ابن عبد الحميد، وكان اسمه محمدًا ورجل يقول له: فعل اللَّه بك يا محمد. . . فدعاه عمر فقال: يا ابن زيد لا أرى محمدًا صلى الله عليه وسلم يُسب بك. . . فأرسل إلى بني طلحة، وهم سبعة، وسيدهم وكبيرهم محمد بن طلحة ليغير أسماءهم فقال محمد: أذكرك اللَّه يا أمير المؤمنين فواللَّه لمحمد صلى الله عليه وسلم سماني محمدًا، فقال: قوموا لا سبيل إلى شيء سماه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. وأخرجه -مختصرًا- ابن قانع "معجم الصحابة"(13/ 4567 رقم 1708) وابن السكن وابن شاهين كما في "الإصابة"(6/ 7775).
قال الهيثمي في "المجمع"(8/ 49): "ورجال أحمد رجال الصحيح". وذكره الحافظ في "الفتح"(10/ 573) ساكتًا عليه.
وانظر: "زاد المعاد"(4/ 28، 29)، و"تهذيب السنن"(3/ 49 - 50).
(4)
أخرج البخاري في "الصحيح"(كتاب الجنائز): باب الدخول على الميت إذا أدرج في أكفانه رقم (1242) بسنده إلى عمر بن الخطاب، قال: واللَّه ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها -أي: قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ. . .} [آل عمران: 44]؛ فعقرت حتى ما تقلني رجلاي، وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها، علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات.
وأخرجه عن أبي سعيد الخدري بإسناد صحيح ابنُ عبد البر في "الجامع"(رقم 2387)، وابن مردويه؛ كما في "الدر المنثور"(6/ 89)، وتتمته: وكيف لا ننكر أنفسنا واللَّه تعالى يقول: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} [الحجرات: 7].
وروى البيهقي في "دلائل النبوة"(7/ 217) عن عروة قال: لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم. . . ثم تلا: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)} فقال عمر: هذه الآية في القرآن؟. . . وقال: قال اللَّه لمحمد صلى الله عليه وسلم: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)} ، وانظر:"الدر المنثور"(4/ 336 - 338).
وكما خفي عليه حكم الزيادة في المهر على مهور (1) أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته حتى ذكَّرته تلك المرأة بقوله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20] فقال: كلُّ أحد أفقه من عمر حتى النِّساء (2).
وكما خفي عليه أمر الجد والكلالة و [بعض](3) أبواب [من](4) الربا فتمنَّى أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان عهد إليهم فيها عهدًا (5)، وكما خفي عليه يوم الحديبية أن وَعْد اللَّه لنبيه وأصحابه بدخول مكة مطلق لا يتعين لذلك العام حتى بينه له النبي صلى الله عليه وسلم (6)، وكما خفي عليه جواز استدامة الطيب للمحرم وتطيبه بعد النحر وقبل طواف الإفاضة وقد صحَّت السنة بذلك (7)، وكما خفي عليه أمر القدوم على محل
(1) في المطبوع: "مهر".
(2)
رواه سعيد بن منصور في "سننه"(598)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير"(757 - زوائده)، والبيهقي (7/ 233) من طريق مجالد عن سعيد عن الشعبي عن مسروق قال: ركب عمر بن الخطاب المنبر، وفيه خطبة عمر في تحديد المهور، ومحاجة المرأة له وقوله:"كل الناس أفقه من عمر".
قال الهيثمي (4/ 283 - 284): "رواه أبو يعلى في "الكبير"، وفيه مجالد بن سعيد، وفيه ضعف وقد وثق".
أقول: مجالد بن سعيد ضَعّفوه، وهو إلى الضعف أقرب.
وأخرجه عبد الرزاق (6/ 180) -ومن طريقه ابن المنذر؛ كما في "تفسير ابن كثير"(1/ 467) - عن قيس بن الربيع عن أبي الحصين عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال عمر. . . وذكر نحوه، وإسناده ضعيف، أبو عبد الرحمن السلمي واسمه عبد اللَّه بن حبيب بن ربيعة -لم يسمع من عمر، وقيس بن الربيع صدوق في نفسه، سيء الحفظ. وفي القصة نكارة ظاهرة، وتخالف الثابت عن عمر في النهي عن المغالاة في المهور.
وانظر في تضعيفها: "الإرواء"(6/ 348)، و"القول المعتبر في تحقيق رواية كل أحد أفقه من عمر"، و"قصص لا تثبت" (1/ 27 - 31). وانظر -غير مأمور-:"منهاج السنة النبوية"(6/ 76 ما بعد).
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(4)
ما بين المعقوفتين من (ق) وحدها.
(5)
رواه البخاري (5588) في (الأشربة): باب في أن الخمر ما خامر العقل من الشرب، ومسلم (3032) في (التفسير): باب في نزول تحريم الخمر، وفيه زيادة.
(6)
رواه البخاري في "صحيحه"(2731 و 2732) في (الشروط): باب الشروط في الجهاد، والمصالحة مع أهل الحرب، وكتابة الشروط.
(7)
أما خفاء جواز الطيب للمحرم بعد رمي الجمرة على عمر بن الخطاب: فقد رواه البيهقي (5/ 135) من طريق أبي اليمان عن شعيب عن نافع عن ابن عمر عنه.
ويظهر أن في الإسناد سقطًا؛ لأن شعيب بن أبي حمزة لم يدرك نافعًا. =
الطاعون والفرار منه حتى أُخبر بأنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوها، وإذا (1) وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا منها فرارًا منه"(2) هذا وهو أعلم الأمة بعد الصديق على الإطلاق، وهو كما قال ابن مسعود:"لو وضع علم عمر في كفة ميزان وجعل علم أهل الأرض في كفة لرجح علم عمر"(3) قال الأعمش: فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي فقال: واللَّه إني لأحسب عمر ذهب بتسعة أعشار العلم (3).
= ورواه كذلك من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر عنه، وهذا إسناده غاية في الصحة.
ورواه الشافعي في "مسنده"(1/ 299) عن سفيان عن عمرو بن دينار عن سالم، ربما قال عن أبيه وربما لم يقله، عن عمر.
ورواه أيضًا (1/ 299) عن سفيان عن عمرو بن دينار عن سالم عن عمر دون تردد.
وسالم لم يدرك جده عمر؛ لكن الرواية السابقة تظهر أن هذا تصرف من سالم، فمرة يذكر عن أبيه، ومرة يختصر فيرويه عن جده مباشرة.
وأما السنة في هذا: فقد روى البخاري (1539) في (الحج): باب الطيب عند الإحرام، و (1457): باب الطيب بعد رمي الجمار، و (5922) في (اللباس): باب تطييب المرأة زوجها، و (5930) باب الذريرة، ومسلم (1189) في (الحج): باب الطيب للمحرم عند الإحرام عن عائشة قالت: كنت أطيب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت.
(1)
كذا في (ق) وفي باقي النسح: "فإذا".
(2)
أخرجه البخاري في "الصحيح"(كتاب الطب): باب ما يذكر في الطاعون، (10/ 178 - 179/ رقم 5728)، ومسلم في "الصحيح" (كتاب السلام): باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها، (3/ 1737/ رقم 2218) من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه، وهو أشهر ما ورد في الباب، وفيه عن سعد بن أبي وقاص، وخزيمة بن ثابت، وزيد بن ثابت، وشرحبيل بن حسنة، وجد عكرمة بن خالد، وأم أيمن رضي الله عنهم، وأخرج ذلك بتفصيل حسن شيخ المحدثين ابن حجر العسقلاني في كتابه "بذل الماعون في فضل الطاعون"(ص 250 وما بعدها).
وهذا الحجر الصحي الذي يتبجح باختراعه خدمة للإنسانية أهل هذا العصر فيه في كلتا جهتيه قصد إلى المانع لكونه مانعًا؛ فقدومهم على أرضه رفع للمانع من إصابتهم عادة؛ فنهوا عنه، وخرجوهم من أرضه تحصيل للمانع من إصابتهم، وهو بعدهم عنه، وحكمة الأول ظاهرة، وحكمة الثاني من الوجهة الدينية الصرفة الفرار من قدر اللَّه الركون إلى محض الأسباب، وإن كان عمر قال في مثله: نعم؛ نفر من قدر اللَّه إلى قدر اللَّه، ومن الوجهة الشرعية الصحية: خشية تلويث الجهات الأخرى بالجراثيم التي ربما تكون علقت بهم أو بأمتعتهم.
(3)
مضى تخريجه.