الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلاة المغرب" (1).
وهذا الحديث وإن كان أصلح (2) من الأول فإنه في "سنن الدارقطني"، فهو من رواية يحيى بن زكريا، قال الدارقطني:"يُقال له ابن أبي الحواجب، ضعيف، ولم يروه عن الأعمش مرفوعًا غيره"، ورواه الثوري في "الجامع" وغيره عن الأعمش موقوفًا على ابن مسعود (3)، وهو الصواب.
وأما القياس الفاسد فهو أن قالوا: رَأَيْنا المغرب وتر النهار، وصلاة الوتر وتر الليل، وقد شرع اللَّه سبحانه وتر النهار موصولًا فهكذا وتر الليل.
[الفرق بين وتر الليل ووتر النهار]
وقد صحت السنة بالفرق بين الوترين من وجوه كثيرة:
أحدها: الجمع بين الجهر والسر في وتر النهار دون وتر الليل.
الثاني: وجوب الجماعة أو مشروعيّتها فيه دون وتر الليل.
الثالث: أنه صلى الله عليه وسلم فعل وتر الليل على الراحلة (4) دون وتر النهار.
(1) رواه الدارقطني في "سننه"(2/ 28) -ومن طريقه البيهقي في "الخلافيات"(1/ ق 174/ ب)، وابن الجوزي في "التحقيق"(3/ 171 رقم 761)، و"العلل المتناهية" رقم (773) - من طريق يحيى بن زكريا الكوفي ثنا الاعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي عن ابن مسعود به. وأعله الدارقطني كما ذكر ابن القيم، وقال البيهقي في "سننه" (3/ 31): وقد رفعه يحيى بن زكريا وهو ضعيف، وروايته تخالف رواية الجماعة عن الأعمش.
قلت: ممن رواه عن الأعمش موقوفًا: سفيان الثوري، أخرجه عبد الرزاق (4635)، -ومن طريقه الطبراني في "الكبير"(9419) - والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 294)، قال الهيثمي في "المجمع" (2/ 242): ورجاله رجال الصحيح.
ورواه أيضًا: شجاع بن الوليد، أخرجه الطحاوي (1/ 294).
ورواه أيضًا: ابن نمير، أخرجه البيهقي (3/ 30 - 31)، وانظر الطبراني (9420) و (9421)، والحديث المرفوع له شاهد من حديث عائشة: رواه ابن حبان في "المجروحين"(1/ 121)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"(رقم 772)، و"التحقيق"(3/ 171 - 172 رقم 762)، وقال ابن الجوزي:"هذا حديث لا يصح؛ قال يحيى: إسماعيل المكي ليس حديثه بشيء".
وإسماعيل هذا هو ابن مسلم.
(2)
في المطبوع: "أصح".
(3)
انظر التخريج السابق.
(4)
مضى تخريجه.
[الرابع: أنه قال في وتر الليل: إنه ركعة واحدة (1) دون وتر النهار.](2)
الخامس: أنه أوتر بتسع وسبع وخمس موصولة دون وتر النهار (3).
السادس: أنه نهى عن تشبيه وتر الليل بوتر النهار كما تقدم.
السابع: أن وتر الليل اسم للركعة وحدها، ووتر النهار اسم لمجموع صلاة المغرب كما في "صحيح مسلم"، من حديث ابن عمر وابن عباس أنهما سمعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"الوتر ركعة من آخر الليل"(4).
الثامن: أن وتر النهار فرض ووتر الليل ليس بفرض باتفاق الناس.
التاسع: أن وتر النهار يُقضى بالاتفاق، وأما وتر الليل فلم يقم على قضائه دليل، فإن المقصود منه قد فات [فهو](5) كتحية المسجد ورفع اليدين في محل الرفع والقنوت إذا فات، وقد توقف الإمام أحمد في قضاء الوتر، وقال شيخنا (6): لا يُقضى، لفوات المقصود منه بفوات وقته، قال: وقد ثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا منعه من قيام الليل نوم أو وجع صلَّى من النهار ثنتي عشرة ركعة (7)، ولم يذكر الوتر (8).
(1) مضى تخريجه قريبًا.
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(3)
أوتر النبيّ صلى الله عليه وسلم بتسع وسبع وخمس، موصولة، أما وتره بتسع ركعات: فرواه مسلم (746) من حديث عائشة، وقد ورد عنه صلاته سبع ركعات في حديث آخر لعائشة: رواه أحمد (6/ 53 - 54، 322)، وابن أبي شيبة (2/ 293)، والترمذي (457)، والنسائي (3/ 237، 243)، وفي "الكبرى"(رقم 1256)، وأبو عوانة (2/ 323 - 324)، وابن خزيمة (1078)، والحاكم (1/ 306)، والبغوي (962)، وهو صحيح، وأما وتره بخمس فثبت في "صحيح مسلم"(737) من حديث عائشة أيضًا.
وانظر: "زاد المعاد"(1/ 86)، و"بدائع الفوائد"(4/ 112).
(4)
حديث ابن عمر في "صحيح مسلم"(752) في (صلاة المسافرين): باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل.
وحديث ابن عباس فيه رقم (753).
(5)
ما بين المعقوفتين من المطبوع فقط.
(6)
انظر: "مجموع الفتاوى"(23/ 90 - 91) لشيخ الإسلام رحمه الله.
(7)
رواه مسلم (746) في (صلاة المسافرين): باب جامع صلاة الليل، ومن نام عنه أو مرض، من حديث عائشة.
(8)
ورد ما قد يؤذن بالقول بجواز القضاء، وهو مذهب أهل الكوفة، وبه يقول سفيان الثوري انظر "مشكل الآثار"(11/ 353)، وذهب صاحب "بغية المتطوع"(ص 73 - 74) إلى التخيير بين هذا وما عند المصنف، واعتمد على حديث أبي سعيد: "من نام عن وتره أو =