الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"صحيحه"(1)، أي عن غَرَض من المطلِّقِ في وقوعه، وهذا من كمال فقهه رضي الله عنه وإجابة اللَّه دعاء رسوله له، إذ (2) الألفاظ إنما يترتب عليها موجباتها لقصد اللافظ بها (3).
[يمين اللغو باللَّه وبالطلاق]
ولهذا لم يؤاخذنا اللَّه باللَّغْو في أيماننا، ومن اللغو ما قالته أم المؤمنين عائشة وجمهور السلف [أنه قول الحالف]: لا واللَّه، وبلى واللَّه، في عرض كلامه من غير عقد اليمين (4)، وكذلك لا يؤاخذ اللَّه باللغو في أيمان الطلاق، كقول الحالف في عرض كلامه: عليّ الطلاق لا أفعل، والطلاق يلزمني لا أفعل، من غير قصد لعقد اليمين، بل إذا كان اسم الرب جل جلاله لا ينعقد به يمين اللغو فيمينُ الطلاقِ أولى ألا ينعقد ولا يكون أعظم حرمة من الحلف باللَّه، وهذا أحد القولين من مذهب أحمد، وهو الصواب (5)، وتخريجه على نص أحمد صحيحٌ؛ فإنه نَصَّ على اعتبار الاستثناء في يمين الطلاق أنها عنده يمين، ونص على أن اللغو أن يقول: لا واللَّه، وبلى واللَّه، من غير قصد لعقد اليمين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن اللَّه يَنْهَاكم أن تحلفوا بآبائكم"(6) وصح عنه أنه قال: "أفْلَحَ وأبيه إن صدق"(7) ولا تعارُض بينهما،
(1)(كتاب الطلاق): باب الطلاق في الإغلاق والإكراه والسكران والمجنون (قبل رقم 5269)، وليس فيه قوله:"إنما".
(2)
في (د): "إذا"، والصواب ما أثبتناه كما في باقي النسخ و (ن).
(3)
للمصنف رسالة "إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان" توسع فيها عن المذكور هنا.
(4)
في (ك) و (ق): "عقد اليمين"، وما بين المعقوفتين سقط من (ق)، وقول عائشة رواه مالك في "الموطأ"(2/ 477)، والبخاري (6663) في (الأيمان والنذور): باب {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} وانظر: "تفسير ابن جرير"(10/ 526)، و"الدر المنثور"(2/ 312) و"مرويات عائشة في التفسير"(185).
(5)
انظر كلام ابن القيم عن اللغو في اليمين في "زاد المعاد"(4/ 39).
(6)
رواه البخاري (3836) في (مناقب الأنصار): باب أيام الجاهلية، و (6108) في (الأدب): باب من لم ير إكفار من قال ذلك متاولًا أو جاهلًا و (6646 و 6647 و 6648) في (الأيمان والنذور): باب لا تحلفوا بآبائكم، ومسلم (1646) في (الأيمان)؛ باب النهي عن الحلف بغير اللَّه، بعضهم يجعله عن ابن عمر، وبعضهم عن ابن عمر عن عمر.
(7)
رواه بهذا اللفظ مسلم (11) في (الإيمان)؛ باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، من حديث طلحة بن عبيد اللَّه.
وهو في "صحيح البخاري"(46 و 1891 و 2678 و 6956) لكن دون لفظة: "وأبيه" =
ولم يعقد النبي صلى الله عليه وسلم اليمين بغير اللَّه قط، وقد قال حمزة للنبي صلى الله عليه وسلم، هل أنتم إلا عبيد لأبي (1)، وكان نَشْوانًا (2) من الخمر، فلم يكفّره بذلك، وكذلك الصحابي الذي قرأ:"قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون، ونحن نعبد ما تعبدون"(3) وكان ذلك قبل
= وانظر لها: "التمهيد"(14/ 366) و"مرويات الحلف"(ص 54 - 61).
(ملاحظة): عزا ابن حجر في "التلخيص الحبير"(4/ 168) الحديث بلفظة "وأبيه" للشيخين، وهو وهم، إذ هي من مفاريد مسلم، وهو على الصواب في "الفتح"(1/ 107 و 4/ 102 و 5/ 287 و 11/ 533).
(1)
رواه البخاري (2375) في (المساقاة): باب بيع الحطب والكلأ، و (3091) في (فرض الخمس أوله) و (4003) في (المغازي): باب رقم (12)، وعلَّقه في (الطلاق): باب (11)، ومسلم (1979) في (الأشربة): أوله وهو جزء من حديث طويل.
(2)
في (و): "نشوان"!
(3)
رواه عبد بن حميد في "مسنده"(82 - منتخب)، وأبو داود (3671) في (الأشربة): باب في تحريم الخمر، والترمذي (3026) في (التفسير): باب ومن سورة النساء، والنسائي في "سننه الكبرى" -كما في "تحفة الإشراف"(7/ 402) - والبزار في "مسنده"(598 - البحر الزخار)، والطبري في "تفسيره"(رقم 9524)، والحاكم في "المستدرك"(2/ 307 و 4/ 142 و 142 - 143)، ومسدد -كما في "إتحاف المهرة"(4/ ق 70/ ب) - والبيهقي (1/ 389) وابن أبي حاتم في "تفسيره" -كما في "تفسير ابن كثير"(1/ 512) - والخطيب في "الأسماء المبهمة"(381) من طرق عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السُّلمي عن علي، فذكر القصة في صلاة ذاك الصحابي.
قال البزار: "وهذا لا نعرفه يُروى عن علي رضي الله عنه متصل الإسناد إلا من حديث عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن، وإنما كان ذلك قبل أن تحرَّم الخمر، فحرمت من أجل ذلك" وقال البوصيري في "الإتحاف": "هذا إسناد رجاله ثقات".
قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود"(5/ 259): "وقد اختلف في إسناده ومتنه، فأما الإختلاف في إسناده فرواه سفيان الثوري، وأبو جعفر الرازي عن عطاء مسندًا، ورواه سفيان بن عيينة، وإبراهيم بن طهمان، وداود بن الزبرقان، عن عطاء بن السائب فأرسلوه، وأما الاختلاف في متنه ففي كتاب أبي دواد والترمذي ما قدمناه (أي أن الذي صَلَّى علي)، وفي كتاب النسائي، وأبو جعفر النحاس أن المصلي بهم عبد الرحمن بن عوف، وفي كتاب أبي بكر البزار: أمروا رجلًا فصلى بهم ولم يسمه وفي حديث غيره: فتقدم بعض القوم".
أقول: رواه أيضًا عن عطاء موصولًا عبد الرحمن بن مهدي، وغيره، وأما من ذكرهم المنذري ممن رواه عن عطاء موصلًا فلم أقف على رواية واحد منهم.
نعم، وجدت الحاكم (14/ 142 - 143) يرويه من طريق خالد الطحان، عن عطاء عن أبي عبد الرحمن مرسلًا.
ورواه الواحدي في "أسباب النزول"(ص 153) من طريق أبي عبد الرحمن الإفريقي عن عطاء به مرسلًا أيضًا. =