الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدها: كذلك، رواه محمد بن أيوب، عن أبي الوليد وابن عمر، عن شعبة.
الثاني: كحديث عائشة وابن عمر: "إن بلالًا يؤذن بليل"، هكذا رواه محمد بن يونس الكُديمي، عن أبي الوليد، عن شعبة، وكذلك رواه أبو داود الطيالسي وعمرو بن مرزوق عن شعبة.
الثالث: روي على الشك: "إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يُؤذِّن ابن أم مكتوم"، أو قال:" [إن] (1) ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال"، كذلك رواه سُليمان بن حرب وجماعة، والصواب رواية أبي داود الطيالسي وعَمرو بن مرزوق لموافقتها لحديث ابن عمر وعائشة، وأما رواية أبي الوليد وابن عمر فممّا انقلب فيها لفظ الحديث، وقد عارضها رواية الشك ورواية الجزم بأن المؤذن بليل هو بلال، وهو الصواب بلا شك، فإنَّ ابنَ أم مكتوم كان ضرير البصر، ولم يكن له علم بالفجر، فكان إذا قيل له:"طَلَع الفَجْرُ"، أذَّنَ، وأمّا ما ادّعاه بعضُ الناس (2) أن النبيّ صلى الله عليه وسلم جعل الأذان نُوَبًا بين بلال و [بين](3) ابن أم مكتوم، وكان كلٌّ منهما في نوبته يؤذّن بليل، فأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم الناس أن يأكلوا ويشربوا حتى يؤذن الآخر، فهذا كلامٌ باطلٌ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولم يجئ في ذلك أثر قط، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مرسل ولا متّصل، ولكن هذه طريقة من يجعل غلط الرواة شريعة ويحملها على السنة، وخَبرُ ابنِ مسعود، وابنِ عمر، وعائشة، وسَمُرة الذي لم يختلف عليهم فيه أَوْلى بالصحة، واللَّه أعلم.
[الصلاة على القبر]
المثال السابع والأربعون: رد السنة الصحيحة الصريحة المستفيضة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في الصلاة على القَبْر، كما في "الصحيحين" من حديث ابن عباس:"أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى على قَبرٍ منبوذٍ، فصفَّهم وتقدَّم فكبَّر [عليه] (4) أربعًا"(5)، وفيهما من
(1) سقطت من المطبوع.
(2)
كابن حبان وابن خزيمة، فيما تقدم في التعليق.
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(5)
رواه البخاري (857) في (الأذان): باب وضوء الصبيان، ومتى يجب عليهم الغسل والطهور، و (1247) في (الجنائز): باب الإذن بالجنازة، و (1319): باب الصفوف على الجنائز، و (1321) باب صفوف الصبيان مع الرجال في (الجنائز)، و (1322): باب سنة =
حديث أبي هريرة: "أنَّه صَلَّى على قبرِ امرأة سوداء كانت تَقُمُّ المسجد"(1)، وفي "صحيح مسلم" من حديث أنس أن النبيّ صلى الله عليه وسلم:"صلَّى على قبر امرأة بعدما دفنت"(2)، وفي "سنن" البيهقي والدارقطني عن ابن عباس أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلَّى على قَبْر بعد شهرٍ (3)، وفيهما [عنه] (4):"أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى على ميت بعد ثلاث"(5)،
= الصلاة على الجنائز، و (1326): باب صلاة الصبيان مع الناس على الجنائز، و (1336): باب الصلاة على القبر بعدما يُدفن، ومسلم (954) في (الجنائز): باب الصلاة على القبر.
(1)
رواه البخاري في "الصحيح"(كتاب الجنائز): باب الصلاة على القبر بعدما يدفن (1337)، ومسلم في "الصحيح" (كتاب الجنائز): باب الصلاة على القبر (9/ 652/ 956).
وقال (و): "تقم: تجمع القمامة، وهي الكناسة، وسمَّى البيهقي المرأة: أم محجن، وذكره ابن منده في "الصحابة" خرقاء اسم امرأة سوداء كانت تقم المسجد، فيمكن أن يكون اسمها خرقاء، وكنيتها: أم محجن، وقد وقع في رواية متفق عليها: أن امرأة كانت تقم المسجد، أو شابًا! " اهـ.
قلت: والمرأة السوداء هذه هي أم محجن، كما في "تنبيه المعلم"(181/ 380 - بتحقيقي)، وانظر:"المستفاد"(30)، و"إيضاح الإشكال"(187)، وسمّاها البيهقي كذلك في "سننه"(4/ 48) من حديث بريدة الأسلمي.
وهي غير واقعة الشاب، انظر:"الفتح"(3/ 117 - 118/ 1247).
(2)
رواه مسلم في "الصحيح"(كتاب الجنائز): باب الصلاة على القبر (2/ 659/ 955).
(3)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 45)، والدارقطني في "سننه"(2/ 78) أو (رقم 1823 - بتحقيقي) من طريق بشر بن آدم عن أبي عاصم عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق الشيباني عن الشعبي عن ابن عباس، ولفظة:"بعد شهر" شاذة، انظر الحديث الآتي.
(4)
ما بين المعقوفتين من المطبوع فقط، وفي (ق) و (ك):"عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه".
(5)
رواه الدارقطني (2/ 78 أو رقم 1822 - بتحقيقي) -ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 45 - 46) - والخطيب في " تاريخ بغداد"(7/ 455) من طريق هُريم بن سفيان البجلي عن أبي إسحاق الشيباني عن الشعبي عن ابن عباس به.
ولفظة "بعد ثلاث" شاذّة.
قال البيهقي: إنَّ هُرَيْم بن سفيان، خالف الثَّوْري وعبد الواحد بن زياد وزَائِدة بن قُدَامة وهُشَيْم بن بَشِير وأبو معاوية الضرير وغيرهم، في روايتهم عن أبي إسحاق الشَّيْبَاني، حيث إنَهم لم يذكروا أنَّ صلاته عليه كانت بعد موته بثلاث.
وقال الحافظ ابن حَجَر في "فتح الباري"(3/ 205) -في الجنائز، باب الصلاة على القبر بعد ما يدفن-:"ووقع في "الأوسط" للطبراني من طريق محمد بن الصبَّاح الدُّولابي، عن إسماعيل بن زكريا، عن الشَّيْبَاني: "أنَّه صلَّى عليه بعد دَفْنِهِ بليلتين".=
وفي "جامع الترمذي": "أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلَّى على أُمّ سعد بعد شهر"(1).
فردّت هذه السنة (2) المحكمة بالمتشابه من قوله: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها"(3)، وهذا حديث صحيح والذي قاله [هو النبيّ صلى الله عليه وسلم](4) الذي صَلَّى على القبر، فهذا قوله وهذا فعله، ولا يناقض أحدهما الآخر، فإنَّ الصَّلاةَ المنهيَّ عنها إلى القبر غير الصلاة التي على القبر، فهذه صلاة الجنازة على الميت التي لا تختصُّ بمكان، بل فِعْلُها في غير المسجد أفضل من فعلها فيه (5)، فالصَّلاةُ عليه على قبره من جنس الصلاة عليه على نعشه، فإنه المقصودُ بالصلاة في الموضعين، ولا فَرقَ بين كونه على النعش وعلى الأرض وبين كونه في بطنها، بخلاف سائر الصلوات، فإنها لم تُشرع في القبور ولا إليها؛ لأنها ذريعة إلى
= وقال: إنَّ إسماعيل تفرَّد بذلك. ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ من طريق هُرَيْم بن سفيان، عن الشَّيْبَانِي فقال:"بعد موته بثلاث". ومن طريق بشر بن آدم، عن أبي عاصم، عن سفيان الثوري، عن الشَّيْبَاني فقال:"بعد شهر". وهذه روايات شاذّة، وسياق الطرق الصحيحة يدلُّ على أنَه صلَّى عليه في صَبِيحَةِ دَفْنِهِ".
(1)
رواه الترمذي (1038) في (الجنائز): باب ما جاء في الصلاة على القبر، وابن أبي شيبة (3/ 239)، والبيهقي (4/ 48) من طريق قتادة عن سعيد بن المسيب أن أم سعد ماتت، والنبي صلى الله عليه وسلم غائب فلما قدم صلّى عليها، وقد مضى لذلك شهر، وليس في "مصنف ابن أبي شيبة" تحديد للمدّة.
قال البيهقي: "وهو مرسل صحيح".
ثم قال: "ورواه سويد بن سعيد عن يزيد بن زريع عن شعبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس موصولًا، وحكى أبو داود عن أحمد أنّه قال: لا تحدّث بهذا".
وسويد بن سعيد هذا ضعيف، فكيف وقد خالف!
(2)
في المطبوع: "هذه السنن".
(3)
رواه مسلم في "الصحيح"(كتاب الجنائز): باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه (2/ 668/ رقم 972) من حديث أبي مَرْثَد الغنوي.
(4)
ما بين المعقوفتين من المطبوع فقط، وفي (ق) و (ك):"والذي قاله هو الذي".
(5)
ثبت أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلّي على الجنازة في المصلّى، وقد ورد هذا من حديث أبي هريرة، أخرجه البخاري (1245) في (الجنائز): باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه، و (1333) في باب التكبير على الجنازة أربعًا، و (3881) في (مناقب الأنصار): باب موت النجاشي، ومسلم (951) (62) في (الجنائز): باب في التكبير على الجنازة، وانظر:"فتح الباري"(3/ 199).
وانظر: "زاد المعاد"(1/ 140/ 146 و 3/ 47)، و"تهذيب السنن"(4/ 325، 331 - 332، 340).
اتخاذها مساجد، وقد لَعَنَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مَنْ فعل ذلك (1)، فأين ما لعن فاعله وحذّر منه وأخبر أن أهله شرار الخلق كما قال:"إنَّ من شِرارِ الخلق من تدركهم الساعةُ وهم أحياء، والذين يتّخذون القبور مساجد"(2)، إلى ما فعله [رسول اللَّه](3) صلى الله عليه وسلم مرارًا متكرّرة؟ وباللَّه التوفيق.
(1) في هذا أحاديث: منها حديث أبي هريرة مرفوعًا: "قاتل اللَّه اليهود اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد" رواه البخاري (437) في (الصلاة): باب (55)، ومسلم (530) في (المساجد): باب النهي عن بناء المساجد على القبور.
وحديث ابن عباس وعائشة: رواه البخاري (435، 436)، وأطرافه كثيرة هناك، ومسلم (531)، ولفظه:"لعنةُ اللَّه على اليهود والنصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد".
(2)
رواه أحمد في "مسنده"(1/ 405 و 435)، وابن أبي شيبة في "مصنفه"(3/ 345)، وعلّقه البخاري في "صحيحه" (7067) في (الفتن): باب ظهور الفتن، وأبو يعلى في "مسنده"(5316)، وابن خزيمة في "صحيحه"(789)، وابن حبان (2325 و 6847)، والهيثم بن كليب في "مسنده"(528)، والبزار في "مسنده"(1725 - البحر الزخار)، والطبراني في "الكبير"(10413)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"(1/ 143) من طرق عن زائدة عن عاصم عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن ابن مسعود مرفوعًا به.
قال الهيثمي في "المجمع"(2/ 27): "ورواه الطبراني في "الكبير" وإسناده حسن"، وذكره (8/ 13)، وقال:"رواه البزار بإسنادين في أحدهما عاصم بن بهدلة، وهو ثقة، وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح".
أقول: عاصم بن بهدلة حسن الحديث.
(3)
ما بين المعقوفتين في (ق) فقط.
وأما الطريق الثاني الذي ذكره الهيثمي، فرواه أحمد (1/ 454)، والبزار (1718) من طريق قيس عن الأعمش عن إبراهيم عن عبدة عن عبد اللَّه مرفوعًا.
وقيس صدوق؛ لكنه تغير لما كبر، كما في "التقريب".
وفي "صحيح مسلم"(2949) من حديث ابن مسعود أيضًا: "لا تقوم الساعة إلّا على شرار الناس". وانظر: "تغليق التعليق"(5/ 278)، و"فتح الباري"(13/ 14).
وقال (و): "ترى هل يعتبر عبدة القبور؟ وهل يصدقون هذه المحكمات، فلا يتخذوا القبور مساجد، ولا يجعلوا من موتى القبور أربابًا وآلهة؟
ويطيب لي أن أذكر هذه الصيحة المؤمنة التي أرسلها الشوكاني، وهي قوله: "ومن رَفع القبور الداخل تحت الحديث دخولًا أوّليًا القبب والمشاهد المعمورة على القبور، وأيضًا هو من اتخاذ القبور مساجد، وقد لعن النبيّ صلى الله عليه وسلم فاعل ذلك، وكم قد سرى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام، منها: اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام، وعظم ذلك، فظنّوا أنها قادرة على جلب النفع، ودفع الضر، فجعلوها مقصدًا لطلب قضاء الحوائج، وملجأ لنجاح المطالب، وسألوا منها ما يسأل =