الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا رأيت أهل الفجور والفسوق يلعبون بالشِّطْرنج كان إنكارك عليهم من عدم الفقه والبصيرة إلا إذا نقلتهم منه إلى ما هو أحبّ إلى اللَّه ورسوله كَرَمِي النشَّاب وسباق الخيل ونحو ذلك، وإذا رأيت الفسّاق قد اجتمعوا على لهو ولعب أو سماع مُكَاء وتَصْدِية (1) فإن نقلتهم عنه إلى طاعة [اللَّه فهو المراد](2)، وإلا كان تركهم على ذلك خيرًا من أن تفرغهم لما هو أعظم من ذلك فكان ما هم فيه شاغلًا لهم عن ذلك، وكما إذا كان الرجل مشتغلًا بكُتُب المجنون ونحوها وخِفْتَ من نقله عنها انتقاله إلى كتب البدع والضلال والسّحر (3) فَدَعْهُ وكتبه الأولى، وهذا باب واسع؛ وسمعت شيخ الإِسلام ابن تيمية قدّس اللَّه روحه [ونوّر ضريحه] (4) يقول: مررت أنا وبعضُ أصحابي في زمن التَّتَار بقوم منهم يشربون الخمر، فأنكر عليهم مَنْ كان معي، فأنكرتُ عليه، وقلت له: إنما حرم اللَّه الخمر لأنها تصدُّ عن ذكر اللَّه وعن الصلاة، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس وسَبي الذرية وأخذ الأموال فَدَعْهم (5).
فصل [النهي عن قطع الأيدي في الغزو]
المثال الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى أن تُقْطَع الأيدي في الغَزْوِ" رواه أبو داود (6)، فهذا حَدٌّ من حدود اللَّه تعالى، وقد نهى عن إقامته في الغزو خشية أن يترتب عليه ما هو أبغض إلى اللَّه من تعطيله أو تأخيره من لحوق صاحبه بالمشركين حمية وغضبًا (7).
(1)"المكاء: التصفير بالفم، أو التشبيك بالأصابع، والنفخ فيها، والتصدية: التصفيق باليدين"(ط).
قلت: وانظر: "المفردات"(ص 481 و 777) -للراغب الأصفهاني.
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك) و (ق).
(3)
في (و) و (ك): "السحرة" وانظر كتابي "كتب حذر منها العلماء"(1/ 99).
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(5)
انظر: "الأمر بالمعروف"(ص 17 - 18) و"مجموع الفتاوى"(20/ 57 - 61) و"الإستقامة"(2/ 165 - 168) كلها لابن تيمية.
(6)
سبق تخريجه.
(7)
انظر كتاب: "الحدود والتعزيرات"(ص 39 - 68) للشيخ الفاضل بكر أبو زيد -حفظه اللَّه-.
كما قاله عمر وأبو الدَّرداء وحُذَيفة (1) وغيرهم، وقد نص أحمد وإسحاق بن راهويه والأوزاعي وغيرهم من علماء الإِسلام على أنَّ الحدود لا تقام في أرض العدو، وذكرها أبو القاسم الخرقي في "مختصره" فقال: ولا تقام الحدود (2) على مسلم في أرض العدو، وقد أُتي بُسْر (3) بن أرْطَاة برجل من الغزاة (4) قد سرق مجنَّةَ فقال: لولا أني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقطع الأيْدِي في الغَزْو" لقطعت يدك (5)، رواه أبو داود (6)، وقال أبو محمد المقدسي: وهو إجماع الصحابة (7)، روى سعيد بن منصور في "سننه" بإسناده عن الأحوص بن حكيم، عن أَبيه أن عمر كَتب إلى الناس أن لا يجلدنَّ أميرُ جيشٍ ولا سرية ولا رجلٌ من المسلمين حدًا وهو غازٍ حتى يقطع الدَّرب قافلًا لئلا تلحقه حمية الشيطان فيلحق بالكُفَّار (8). وعن أبي الدرداء مثل ذلك (9).
وقال علقمة: كنَّا في جيش في أرض الروم، ومعنا حُذَيفة بن اليَمَان، وعلينا
(1) سيذكر آثارهم المؤلف بعد قليل، وهناك تخريجها.
(2)
في المطبوع: "لا يقام الحد".
(3)
في المطبوع: "بشر"! وهو تصحيف.
(4)
في (ن) و (ق): "في الغزو"، وفي (ك):"في الغزاة".
(5)
في (ك) و (ق): "لقطعتك".
(6)
سبق تخريجه.
(7)
انظر: "المغني"(13/ 172 - 175 - ط هجر).
(8)
رواه سعيد بن منصور (2500) عن إسماعيل بن عياش به، وإسماعيل بن عياش ثقة إذا روى عن أهل بلده وهذه منها.
لكن الأحوص بن حكيم بن عمير ضعيف، إِلا أنه توبع، تابعه أبو بكر بن أبي مريم عن حكيم به، رواه ابن أبي شيبة (6/ 565)، وأبو بكر هذا ضعيف أيضًا، وحكيم بن عمير الراوي عن عمر بن الخطاب لم يدركه، فالإسناد منقطع على كلا الوجهين.
ورواه البيهقي في "السنن الكبرى"(9/ 105) من طريق الشافعي عن أبي يوسف -وهو عنده في "الرد على سير الأوزاعي"(81 - 82) - قال: حدثنا بعض أصحابنا عن ثور بن يزيد عن حكيم بن عمير به، وفيه إبهام وانقطاع إيضًا.
ثم نقل عن الشافعي قوله: ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مستنكر وهو يعيب أن يحتج بحديث غير ثابت.
ورواه عبد الرزاق (9370) عن ابن جريج قال: أخبرني بعض أهل العلم أن عمر بن الخطاب كتب أن لا يَحُدَّ أمير جيش. . . وبين ابن جريج وعمر مفاوز.
(9)
رواه سعيد بن منصور (2499)، وابن أبي شيبة (6/ 566) من طريق أبي بكر بن أبي مريم عن حميد بن فلان بن رومان عنه.
وأبو بكر ضعيف، وحُميد هذا لم أعرفه.