الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد أشار إليه صلى الله عليه وسلم، وهو ما في النداء قبل الوقت من المصلحة والحكمة التي لا تكون في غير الفجر؟ وإذا اختصّ وقتها بأمر لا يكونُ في سائر الصلوات امتنعَ الإلحاق.
وأما حديث حماد عن أيوب، فحديث معلول عند أئمة الحديث، لا تقوم به حجة، قال أبو داود: لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة، وقال إسحاق بن إبراهيم بن حبيب (1): سألت عليًا -وهو ابن المديني- عن حديث أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أن بلالًا أذّن بليل فقال [له] (2) النبيّ صلى الله عليه وسلم:"ارجع فناد: إنّ العبد نام"، فقال: هو عندي خطأ، لم يتابَع حماد بن سلمة على هذا، إنما روي أن بلالًا كان يُنادي بليل (3).
قال البيهقي: قد تابعه سعيد بن زَرَبي (4)، وهو ضعيف (5).
وأما حماد بن سلمة فإنه أحد أئمّة المسلمين حتى قال الإمام أحمد: إذا رأيت الرجل يغمز حماد بن سلمة فاتهمه، فإنه كان شديدًا على أهل البدع (6).
قال البيهقي (7): "إلا أنه لما طعن في السن ساء حفظه فلذلك ترك البخاري الاحتجاج بحديثه، وأما مسلم فاجتهد في أمره وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيّره، وما سوى حديثه عن ثابت لا يبلغ أكثر من اثني عشر حديثًا أخرجها في الشواهد دون الاحتجاج به.
[لا يحتج بحديث يخالف أحاديث الثقات]
وإذا كان الأمر كذلك فالاحتياط لمن راقَبَ اللَّه عز وجل أن لا يحتجّ بما يجد من حديثه مخالفًا لأحاديث الثقات الأثبات، وهذا الحديث من جملتها". ثم
(1) في (ن) و (ق) و (ك): "بن حلبه"!.
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(3)
نقله الترمذي في "الجامع"(203)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 383).
(4)
كذا في (ق): وهو الطويل، وفي (ن) و (ك):"بن زرين".
وفي المطبوع: "رزين"! بتقديم الراء على الزاي، وكلاهما خطأ والصواب ما أثبتناه.
(5)
"سنن البيهقي"(1/ 383)، و"الخلافيات"(1/ ق 147/ ب).
(6)
نقله البيهقي في "الخلافيات"(1/ ق 147/ ب- 1/ 148)، وأبو إسماعيل الأنصاري في كتابه "الفاروق"، ونقله عنه الذهبي في "السير"(7/ 450)، وانظره (7/ 447، 452)، و"نصب الراية"(1/ 286).
(7)
في "الخلافيات"(1/ ق 148/ أ)، وانظر:"السير"(7/ 446، 448)، و"التهذيب"(3/ 14)، و"علل ابن أبي حاتم"(2/ 12)، و"نصب الراية"(1/ 286).
ذكر من طريق الدارقطني عن معمر عن أيوب قال: أذَّن بلال مرة بليل.
قال الدارقطني: هذا مرسل (1)، ثم ذكر (2) من طريق إبراهيم بن عبد العزيز (3) بن عبد الملك بن أبي مَحْذُورة، عن عبد العزيز بن أبي رَوّاد، [عن نافع]، عن ابن عمر أن بلالًا قال له النبيّ صلى الله عليه وسلم:"ما حَمَلك على ذلك؟ قال: استيقظتُ وأنا وَسْنَان، فظننتُ أن الفجر قد طلع، فأمره النبيّ صلى الله عليه وسلم أن ينادي في المدينة: ألا إن العبد قد نام، وأقعده إلى جانبه حتى طلع الفجر"، ثم قال: هكذا رواه إبراهيم بن عبد العزيز (4)، وخالفه شُعيب بن حرب، فقال عن عبد العزيز، عن نافع، عن مُؤذّن لعمر يُقال له: مَسْرُوح أنَّه أذَّن قبل الصبح، فأمره عمر أن ينادي: ألا إن العبد [قد](5) نام، قال أبو داود: ورواه حماد بن زيد، عن عُبيد اللَّه بن عمر، عن نافع [أو غيره أنّ مؤذنًا لعمر يقال له: مسروح أو غيره، ورواه الدراوردي، عن عُبيد اللَّه بن عمر، عن نافع] (6)، عن ابن عمر: كان لعمر مُؤذّن يقال له: مسعود، فذكر نحوه (7)، قال أبو داود (8): وهذا أصح من ذلك، يعني: حديث عمر أصح.
قال البيهقي (9): وروي من وجه آخر عن عبد العزيز موصولًا، ولا يصح، رواه عامر بن مدرك عنه، عن نافع، عن ابن عمر: أن بلالًا أذّن قبل الفجر، فغضب النبيّ صلى الله عليه وسلم وأمره أن يُنادي: إن العبد نام، فوجد بلال وجدًا شديدًا.
(1) انظر: "سنن الدارقطني"(1/ 244 - 245)، و"سنن البيهقي"(1/ 383).
(2)
أي: البيهقي في "سننه الكبرى"(1/ 383)، ورواه ابن أبي حاتم في "العلل"(1/ 114).
(3)
في المطبوع و (ك): "إبراهيم وعبد العزيز"، وفي هامش (ق):"لعله: ابن عبد العزيز".
قلت: وهو الصحيح.
(4)
في المطبوع: "إبراهيم عن عبد العزيز"!.
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق).
(7)
رواه أبو داود (533) في (الصلاة): باب الأذان قبل دخول الوقت، ومن طريقه الدارقطني (1/ 244)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 384)، و"الخلافيات" (1/ ق 148/ أ) من طريق عبد العزيز بن أبي رواد أخبرنا نافع عن مؤذن لعمر يقال له: مسروح، أذن قبل الفجر، فأمره عمر. . .
ومسروح المؤذن، ويقال مسعود مولى عمر ومؤذنه. قال ابن حجر في "التهذيب" (10/ 99 - 100):"قرأت بخط الذهبي: فيه جهالة".
(8)
انظر: "سننه"(533)، و"سنن البيهقي"(1/ 384).
(9)
في "السنن الكبرى"(1/ 384)، ومضى تخريجه.
قال الدارقطني (1): وهم فيه عامر بن مدرك، والصواب عن شعيب بن حرب، عن عبد العزيز، عن نافع، عن مُؤذن عمر، عن عمر من قوله.
وروي عن أنس بن مالك، ولا يصح، وروي عن أبي يوسف القاضي، عن [ابن](2) أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس: أن بلالًا أذَّن قبل الفجر، فأمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يصعد فينادي: ألا إن العبد نام، ففعل، وقال: ليت بلالًا لم تلده أمه، وابتلَّ من نَضْح جبينه (3).
قال الدارقطني: تفرَّد به أبو يوسف عن سعيد -يعني موصولًا- وغيره يُرسله عن سعيد، عن قتادة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، والمرسل أصح.
ورواه الدارقطني (4) من طريق محمد بن القاسم الأسدي: ثنا الربيع بن صبيح، عن الحسن، عن أنس، ثم قال: محمد بن القاسم الأسدي ضعيف جدًا، وقال البخاري: كذَّبه الإمام أحمد (5)، وروي (6) عن حُميد بن هلال أن بلالًا أذن ليلةً بسواد، فأمره النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يرجعَ إلى مقامه فينادي: إن العبد نام، ورواه إسماعيل بن مسلم، عن حُميد، عن أبي قتادة، وحُميد لم يلق أبا قتادة، فهو مرسل بكل حال.
وروي عن شَدَّاد مولى عياض (7)، قال: جاء بلال إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو يتسحّر فقال: لا تؤذّن حتى يطلع الفجر، وهذا مرسل، قال أبو داود: شَدّاد مولى عياض لم يدرك بلالًا.
وروى الحسن بن عُمارة، عن طلحة بن مُصرِّف، عن سويد بن غفلة، عن
(1) ذكره -أيضًا- البيهقي في "الكبرى"(1/ 384)، وانظر:"سنن الدارقطني"(1/ 244/ 49).
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق) و (ك).
(3)
مضى تخريجه قريبًا.
(4)
في "السنن"(1/ 245/ 55)، ومضى تخريجه.
(5)
في (ن) و (ق): "كذبه أحمد بن حنبل".
قلت: قال أحمد في "العلل"(1899) رواية عبد اللَّه: "كان يكذب، أحاديثه موضوعة، ليس بشيء"، وقال في رواية المروذي (رقم 230):"ما يستأهل أن يحدَّث عنه بشيء، روى أحاديث مناكير"، وانظر:"بحر الدم"(رقم 927).
(6)
انظره هناك في "السنن"(1/ 244/ 51)، ومضى تخريجه قريبًا.
(7)
في "سنن أبي داود"(534)، و"السنن الكبرى"(1/ 384) للبيهقي، و"الخلافيات"(1/ ق 149/ أ).
بلال قال: أمرني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ألا أؤذِّن حتى يطلع الفجر (1)، وعن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن بلال مثله (2)، ولم يروه هكذا غير الحسن بن عمارة، وهو متروك، و [رواه](3) الحجاج بن أرطاة، عن طلحة وزبيد عن سويد بن غفلة أن بلالًا لم يؤذن حتى ينشق الفجر (4)، هكذا رواه، لم يذكر فيه أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم، وكلاهما ضعيفان.
وروي عن سفيان، عن سليمان التَّيمي، عن أبي عثمان أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لبلال: لا تؤذن -وجمع سفيان أصابعه الثلاث- لا تُؤذّن حتى يقول الفجر هكذا -وصفَّ سفيان بين السبابتين ثم فرَّق بينهما (5) - قال: وروينا عن سُليمان التّيمي، عن أبي عثمان النَّهدي، عن ابن مسعود ما دلَّ على أذان بلال بليل (6)، وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذكر معاني تأذينه بالليل، وذلك أولى بالقبول لأنه موصول وهذا مرسل.
وروي عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق، عن الأسود قال: قالت لي عائشة: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أوتر (7) من الليل رَجَع إلى فراشه، فإذا أذَّن بلال قام، وكان (8) بلال يُؤذّن إذا طَلَع الفجر، فإن كان جنبًا اغتسل، وإن لم يَكن توضأ ثم صلَّى ركعتين (9)، وروى الثوري، عن أبي إسحاق في هذا الحديث
(1) رواه الدارقطني في "الأفراد"(2/ 277 رقم 1362 - أطرافه) -وقال: "غريب من حديث سويد عن بلال، تفرّد به طلحة، ونفرد به الحسن عن طلحة"-، والبيهقي في "الخلافيات"(1/ ق 149/ أ) أو مسألة (55 - بتحقيقي)، وأبو نعيم في "الحلية"(5/ 22) من طريق الحسن بن عمارة به، وإسناده ضعيف جدًا، الحسن بن عمارة متروك. وانظر:"نصب الراية"(1/ 277).
(2)
رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 133 - 134) والدارقطني في "الأفراد"(2/ 280 رقم 1369 - أطرافه) والبيهقي في "الخلافيات"(1/ ق 149/ أ)، أو مسألة (55 - بتحقيقي).
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق).
(4)
رواه ابن أبي شيبة (1/ 214)، والبيهقي في "الخلافيات"(1/ ق 149/ أ).
(5)
رواه البيهقي في "الخلافيات"(1/ ق 149/ أ).
(6)
رواه من هذا الطريق: مسلم في "صحيحه"(1093)، وأبو داود (2347).
(7)
في (ق): "إذا أُوتي، وقال في الهامش: "لعله: أوتر".
(8)
في المطبوع: "فكان".
(9)
رواه البيهقي في "الخلافيات"(1/ ق 150/ أ) من طريق يوسف بن يعقوب القاضي ثنا محمد بن أبي بكر عن إسماعيل بن أبي خالد به. وهو في "مسند" أحمد (6/ 146، 171) عن هشيم عن إسماعيل به مختصرًا جدًا.
قال: ما كان المؤذن يؤذن حتى يطلع الفجر (1)، وروى شعبة، عن أبي إسحاق، عن الأسود: سألتُ عائشة عن صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالليل، قالت: كان ينام أول الليل، فإذا كان السحر أوى (2)، ثم يأتي فراشه فإن كانت له حاجة إلى أهله ألمَّ بهم، ثم ينام، فإذا سمع النداء -وربما قالت الأذان- وثَبَ، [وربما] (3) قالت: قام، فإذا كان جُنبًا أفاض عليه الماء، [وربما] (3) قالت: اغتسل، وإن لم يكن جنبًا توضأ ثم خرج للصلاة (4).
وقال زهير بن مُعاوية عن أبي إسحاق في هذا الحديث: فإذا كان عند النّداء الأول وثب (5)، قال البيهقي (6): وفي روايته ورواية شعبة كالدليل على أن هذا النداء كان قبل طلوع الفجر، وهي موافقة لرواية القاسم عن عائشة، وذلك أولى من رواية من خالفها (7)، وروي عن عبد الكريم، عن نافع، عن ابن عمر، عن حفصة قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن صلّى ركعتين (8)، ثم خرج إلى المسجد وحرم الطعام، وكان لا يؤذن إلّا بعد الفجر (9)، قال البيهقي: هكذا في
(1) علّقه البيهقي في "الخلافيات"(1/ ق 150/ أ) عن الثوري به.
ووصله ابن أبي شيبة (1/ 214)، وأحمد (6/ 106 - 107، 63)، وابن حزم في "المحلى"(3/ 119)، وأبو الشيخ -كما في "نصب الراية" (1/ 285) - وقال ابن حجر في "الدراية" (1/ 120):"إسناده جيد، إلّا أن أحمد ضعّفه".
(2)
قال في هامش (ق): "لعله: أوتر".
قلت: ولفظه في "صحيح البخاري": "كان ينام أوّله، ويقوم آخره، فيصلي. . . "، فالأقرب ما ظنّه في هامش (ق).
(3)
في (ك) و (ق): "وما" وأشار (ق) في الهامش إلى أنه في نسخة ما أثبتناه.
(4)
رواه البخاري (1146) في (التهجد): باب من نام أوَّل الليل وأحيى آخره.
وأخرجه من طريق شعبة بألفاظه: الطيالسي (رقم 1386) -ومن طريقه البيهقي في "الخلافيات"(1/ ق 150/ أ) - وأحمد (6/ 176).
(5)
هو في "صحيح مسلم"(739) في صلاة المسافرين: باب صلاة الليل.
ورواه أيضًا من طريق زهير به: النسائي (3/ 218)، وأحمد (6/ 102)، ورواه عن أبي إسحاق بألفاظ جماعة، انظر:"مسند إسحاق"(1491)، و"أطراف مسند الإمام أحمد"(9/ 24 رقم 11453).
(6)
في "الخلافيات"(1/ ق 150 - 151).
(7)
في (ق) و (ك): "خالفهما".
(8)
في المطبوع: "الركعتين".
(9)
رواه أحمد في "مسنده"(6/ 284)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 140)، والبيهقي في "الخلافيات"(1/ ق 150/ أ) من هذا الطريق، وعبد الكريم هو ابن مالك الجَزري، وانظر ما بعده، و"نصب الراية"(1/ 284)، و"الجوهر النقي"(1/ 384).