الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأمَّا حديث معاذ: فلا يثبت، لأنَّ في إسناده ضعفًا (1) وانقطاعًا، فإنَّ عبد الرَّحمن بن رافع التَّنُوخِيَّ - قاضي أفريقية - لم يدرك معاذًا، والله أعلم.
وقد روي في ركعتي الفجر حديث صحيح كما روي في الوتر:
1051 -
قال البيهقيُّ: أنا أبو عبد الله الحافظ حدَّثني أبو الحسن أحمد ابن محتاج الكُشَانيُّ - ببخارى من أصل كتابه - ثنا عمر بن محمد بن بُجَيْر ثنا العباس بن الوليد الخلَاّل - بدمشق - ثنا مروان بن محمد الدِّمشقيُّ ثنا معاوية بن سلَاّم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي نضرة العبديِّ عن أبي سعيد الخدريِّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ الله عز وجل زادكم صلاةً إلى صلاتكم، هي خير من حُمْر النَّعم، إلا وهي الرَّكعتان قبل صلاة الفجر ".
قال العباس بن الوليد: قال لي يحيى بن معين: هذا حديثٌ غريبٌ من حديث معاوية بن سلَاّم، ومعاوية بن سلَاّم محدِّث أهل الشَّام، وهو صدوق الحديث، ومن لم يكتب حديثه - مسنده ومنقطعه - فليس بصاحب حديث.
وقال ابن خزيمة: لو أمكنني أن أرحل إلى ابن بُجَيْر لرحلت إليه في هذا الحديث (2) O.
* * * * *
مسألة (203): يجوز الوتر بركعة، فإن أوتر بثلاث فصل بسلام
.
وقال أبو حنيفة: الوتر ثلاث بسلام واحد، لا يزيد ولا ينقص.
(1) في (ب): (ضعيفًا).
(2)
"سنن البيهقي": (2/ 469).
وقال مالك: بل يسلِّم عقيب الثَّانية.
لنا أحاديث:
1052 -
قال البخاريُّ: ثنا أبو النُّعمان ثنا حمَّاد بن زيد ثنا أنس بن سيرين عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة (1).
1053 -
قال البخاريُّ: وثنا عبيد الله (2) بن موسى أنا حنظلة عن القاسم بن محمد عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي من الليل ثلاث عشرة ركعة، منها الوتر وركعتا الفجر (3).
الحديثان في "الصَّحيحين".
1054 -
وقال الإمام أحمد: ثنا عبد الصَّمد ثنا همَّام ثنا قتادة عن أبي مجلز قال: سألت ابن عباس عن الوتر، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ركعة من آخر الليل "(4).
وقد ذكرنا في مسألة التَّطوُّع بركعتين (5) من حديث ابن عمر: " فإذا خشي الصُّبح صلَّى واحدة، فأوترت له ما صلَّى من الليل ".
وهو في "الصَّحيحين".
(1)"صحيح البخاري": (2/ 251)؛ (فتح - 2/ 486 - رقم: 995).
"صحيح مسلم": (2/ 174)؛ (فؤاد - 1/ 519 - رقم: 749).
(2)
في "التحقيق": (عبد الله)، والصواب ما بالأصل.
(3)
"صحيح البخاري": (2/ 284)؛ (فتح - 3/ 20 - رقم: 1140).
"صحيح مسلم": (2/ 167)؛ (فؤاد - 1/ 510 - رقم: 738).
(4)
"المسند": (1/ 311).
(5)
(ص: 392).
1055 -
وقال النَّسائيُّ: أنا الحسن بن محمد عن عفَّان ثنا همَّام ثنا قتادة عن عبد الله بن شقيق عن ابن عمر أنَّ رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، قال:" مثنى مثنى، والوتر ركعةٌ من آخر الليل "(1).
1056 -
قال النَّسائيُّ: وثنا قتيبة ثنا خالد بن زياد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعةٌ واحدةٌ "(2).
ز: روى حديث عبد الله بن شقيق عن ابن عمر: أبو داود عن محمد ابن كثير عن همَّام (3).
وخالد بن زياد: وثَّقه ابن حِبَّان (4) وغيره، وكان على القضاء بترمذ O.
فصلٌ
ويدلُّ على الفصل بالسَّلام:
1057 -
ما روى أحمد: ثنا أبو المغيرة ثنا الأوزاعيُّ قال: حدَّثني أسامة بن زيد قال: حدَّثني زبان (5) بن عبد العزيز قال: حدَّثني عمر بن عبد العزيز عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي في الحجرة وأنا في البيت، فيفصل بين الشَّفع والوتر بتسليم يسمعناه (6).
(1)"سنن النسائي": (3/ 232 - 233 - رقم: 1691).
(2)
"سنن النسائي": (3/ 233 - رقم: 1693).
(3)
"سنن أبي داود": (2/ 252 - رقم: 1416).
(4)
"الثقات": (6/ 263) وقال: (يروي عن نافع صحيفة مستقيمة، وعن قتادة الحرف بعد الحرف) ا. هـ
(5)
في "التحقيق": (زياد) خطأ.
(6)
"المسند": (6/ 83 - 84).
1058 -
قال أحمد: وثنا عتَّاب بن زياد ثنا أبو حمزة السُّكَّريُّ عن إبراهيم الصَّائغ عن نافع عن ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل بين الوتر والشَّفع بتسليمة يسمعناها (1).
أمَّا الحديث الأوَّل: فمنقطعٌ، لأنَّ (2) عمر لم يسمع من عائشة؛ وأسامة ضعيفٌ.
والثَّاني أصلح.
ز: أسامة بن زيد هو: الليثيُّ المدنيُّ، روى له مسلم في "صحيحه"(3)، ووثَّقه ابن معين (4) وغيره، وتكلَّم فيه الإمام أحمد (5) وغيره.
وزبان بن عبد العزيز: هو أخو عمر، ذكره ابن أبي حاتم في كتابه، وقال: روى عنه الليث بن سعد (6). وفي ذلك نظرٌ.
وروى حديث نافع عن ابن عمر: أبو حاتم بن حِبَّان البستيُّ (7) والطَّبرانيُّ وقال: لم يرو هذا الحديث عن إبراهيم الصَّائغ إلا أبو حمزة السُّكَّريُّ (8).
(1)"المسند": (2/ 76).
(2)
في "التحقيق": (ابن) خطأ.
(3)
"رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (1/ 70 - رقم: 98).
وفي هامش الأصل: (حاشية: قلت: روى له الأربعة أيضًا، وقال الحاكم: روى مسلم نسخة لابن وهب عن أسامة، واستدللت بكثرة إخراجه له أنه عنده صحيح الحديث، على أن أكثر تلك الأحاديث مستشهد بها، ومقرون بآخر) ا. هـ
انظر: " المدخل إلى الصحيح " للحاكم: (4/ 113)، وما يأتي (رقم: 2262).
(4)
انظر ما تقدم (2/ 30 - 31).
(5)
انظر ما تقدم (2/ 30).
(6)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (2/ 616 - رقم: 2787).
(7)
"الإحسان" لابن بلبان: (6/ 191 - رقم: 2435).
(8)
"المعجم الأوسط": (1/ 229 - رقم: 753).
وإبراهيم بن ميمون الصَّائغ: وثَّقه ابن معين (1) والنَّسائيُّ في رواية (2)، وقال مرَّةً: ليس به بأس (3). وقال أحمد: ما أقرب حديثه (4). وقال أبو زرعة: لا بأس به (5). وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتجُّ به (6).
وقد روى ابن حِبَّان هذا الحديث من رواية الوليد بن مسلم عن الوَضِين ابن عطاء عن سالم عن أبيه (7).
الوَضِين فيه كلامٌ O.
فصلٌ
ويدلُّ على جواز الزِّيادة على الثَّلاث:
1059 -
ما روى أحمد: ثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن الحكم عن مِقْسم عن أمِّ سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبعٍ وبخمسٍ، لا يفصل بينهن بسلامٍ ولا كلامٍ (8).
ز: رواه النَّسائيُّ من حديث جرير (9) وسفيان (10)، ورواه ابن ماجه
(1)"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (2/ 135 - رقم: 425) من رواية إسحاق بن منصور.
(2)
"تهذيب الكمال" للمزي: (2/ 224 - رقم: 256).
(3)
المرجع السابق.
(4)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (2/ 135 - رقم: 425) من رواية الأثرم.
(5)
"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم: (2/ 135 - رقم: 425).
(6)
المرجع السابق.
(7)
"الإحسان" لابن بلبان: (6/ 190 - رقم: 2434).
(8)
"المسند": (6/ 290).
(9)
"سنن النسائي": (3/ 239 - رقم: 1714).
(10)
"السنن الكبرى": (1/ 170 - رقم: 432).
من حديث زهير (1)، كلُّهم عن منصور.
ورواه النَّسائيُّ أيضًا من رواية إسرائيل عن منصور، فزاد فيه: ابن عباس (2).
1060 -
وروى عن إسماعيل بن مسعود عن يزيد - هو ابن زُريع - عن شُعبة عن الحكم قال: قلت لمِقْسم: إنِّي أسمع الأذان فأوتر بثلاث، ثُمَّ أخرج إلى الصَّلاة خشية أن تفوتني. فقال: إنَّ ذلك لا يصلح إلا بسبع أو خمس. فحدَّثت بذلك مجاهداً ويحيى بن الجزَّار فقالا: سله عمَّن؟ فسألته، فقال: عن الثَّقة عن الثَّقة عن عائشة وميمونة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم (3) O.
1061 -
وقال التِّرمذيُّ: ثنا إسحاق بن منصور أنا عبد الله بن نمير ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمسٍ، لا يجلس إلا في آخرهنَّ (4).
ز: أخرجاه في "الصَّحيحين"(5) O.
(1)" سنن ابن ماجه": (1/ 376 - رقم: 1192).
(2)
"سنن النسائي": (3/ 239 - رقم: 1715).
(3)
"السنن الكبرى": (1/ 442 - رقم: 1406).
(4)
"الجامع": (1/ 474 - رقم: 459).
(5)
لم نقف عليه بهذا اللفظ إلا عند مسلم: (2/ 166)؛ (فؤاد - 1/ 508 - رقم: 737) وإليه وحده عزاه عبد الحق في " الجمع بين الصحيحين ": (1/ 488) وابن عبد الهادي في " المحرر ": (1/ 233 - رقم: 339).
ولكن عزاه إلى "الصحيحين": الحميدي في " الجمع بين الصحيحين ": (4/ 39 - رقم: 3160).
وأورده الحافظ عبد الغني في " العمدة ": (رقم: 132).
وقد خرج البخاري في "صحيحه": (2/ 292)؛ (فتح - 3/ 45 - 46 - رقم: 1170) من حديث مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي بالليل ثلاث عشرة ركعة، ثم يصلِّي إذا سمع النداء بالصُّبح ركعتين خفيفتين.
احتجَّ الخصم بأربعة أحاديث:
1062 -
الحديث الأوَّل: قال التِّرمذيُّ: ثنا هنَّاد ثنا أبو بكر بن عيَّاش عن أبي إسحاق عن الحارث عن عليٍّ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث (1).
1063 -
الحديث الثَّاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا الحسن بن رشيق ثنا محمد بن أحمد بن حمَّاد ثنا أبو خالد يزيد بن سنان ثنا يحيى بن زكريا الكوفيُّ ثنا الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرَّحمن بن يزيد النَّخعيِّ عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وتر الليل ثلاث، كوتر النَّهار - صلاة المغرب - "(2).
1064 -
الحديث الثَّالث: قال أبو حاتم بن حِبَّان: أنا أحمد بن يحيى ابن زهير ثنا عبد الله بن الصَّباح ثنا أبو بحر (3) البكراويُّ عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الوتر ثلاث، كصلاة المغرب "(4).
1065 -
الحديث الرَّابع: رووا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء.
قالوا: وهي الوتر بركعة.
والجواب:
أمَّا الحديث الأوَّل: ففيه الحارث الأعور، قال الشَّعبيُّ (5) وابن
(1)"الجامع": (1/ 475 - رقم: 460).
(2)
"سنن الدارقطني": (2/ 27 - 28).
(3)
في مطبوعة "المجروحون": (بكر) خطأ.
(4)
"المجروحون": (1/ 121) تحت ترجمة إسماعيل بن مسلم المكي.
(5)
" مقدمة صحيح مسلم ": (1/ 14)؛ (فؤاد - 1/ 19).
المدينيِّ (1): هو كذَّابٌ.
ثُمَّ لا حجَّة في الحديث، فإنَّا لا نمنع من الوتر بثلاث.
وأمَّا حديث ابن مسعود: ففيه يحيى بن زكريا (2)، قال الدَّارَقُطْنِيُّ: لم يروه عن الأعمش مرفوعًا غيره، وهو ضعيفٌ (3).
وأمَّا حديث عائشة: ففيه إسماعيل المكيُّ، قال يحيى: ليس بشيءٍ (4).
وقال ابن المدينيِّ: لا يكتب حديثه (5). وقال النَّسائيُّ: متروكٌ (6).
وأمَّا الحديث الرَّابع: فالمروي عن ابن عمر أَنَّه فسَّر البتيراء: أن يصلِّي بركوعٍ ناقصٍ، وسجودٍ ناقص (7).
وقد قابل أصحابنا هذين الحديثين بحديث رواه الدَّارَقُطْنِيُّ:
1066 -
ثنا أبو بكر النَّيسابوريُّ ثنا موهب بن يزيد بن خالد ثنا عبد الله ابن وهب قال: حدَّثني سليمان بن بلال عن صالح بن كيسان عن عبد الله بن الفضل (8) عن أبي سلمة و (9) الأعرج (10) عن أبي هريرة عن رسول صلى الله عليه وسلم
(1)" الشجرة في أحوال الرجال " للجوزجاني: (ص: 42 - رقم: 13).
(2)
في هامش الأصل: (حـ: ويعرف يحيى بـ: ابن أبي الحواجب) ا. هـ
(3)
"سنن الدارقطني": (2/ 28).
(4)
"التاريخ" برواية الدوري: (4/ 82 - رقم: 3237).
(5)
"الكامل" لابن عدي: (1/ 283 - رقم: 120)، وانظر ما تقدم (1/ 192).
(6)
"الضعفاء والمتروكون": (ص: 52 - رقم: 36) وفيه: (متروك الحديث).
(7)
في هامش الأصل: (حـ: لا يعرف للحديث الرابع إسناد صحيح، إنما رواه ابن عبد البر في "التمهيد" بإسناد ضعيف) ا. هـ
انظر: "التمهيد": (13/ 254).
(8)
في هامش الأصل: (حـ: عبد الله بن الفضل وثَّقه ابن معين وأبو حاتم، وقال أحمد: لا بأس به) ا. هـ
(9)
في "التحقيق": (عن) خطأ.
(10)
في "سنن الدارقطني": (عبد الرَّحمن الأعرج).
قال: " لا توتروا بثلاث، أوتروا بخمس أو بسبع، ولا تشبهوا بصلاة المغرب ".
قال الدَّارَقُطْنِيُّ: كلُّهم ثقات (1).
ز: ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ أيضًا عن ابن أبي داود عن أحمد بن صالح عن ابن وهب، ورواه الحاكم وقال: على شرطهما (2).
1067 -
وروى الحاكم أيضًا من رواية عمرو بن الرَّبيع بن طارق ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عراك عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا توتروا بثلاث تشبهوا بصلاة المغرب، ولكن أوتروا بخمس، أو بسبع، أو بتسع، أو بإحدى عشرة ركعة، أو أكثر "(3) O.
فصلٌ
واحتجَّ الخصم على أنَّه لا يسلِّم من ركعتين:
1068 -
بما رواه الدَّارَقُطْنِيُّ: ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا أحمد بن منصور ثنا شجاع بن الوليد ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة قالت: كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يسلِّم في ركعتي الوتر (4).
وهذا لا حجَّة لهم فيه، لأنَّه جائزٌ عندنا أن يوتر بثلاث بسلامٍ واحد،
(1)"سنن الدارقطني": (2/ 24 - 25).
(2)
"المستدرك": (1/ 304).
(3)
المرجع السابق.
(4)
"سنن الدارقطني": (2/ 32).