الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرجاه في "الصَّحيحين"(1).
* * * * *
مسألة (303): لا يكره البكاء بعد الموت
.
وقال الشَّافعيُّ: يكره.
1455 -
قال أحمد: ثنا عبد الرَّزَّاق قال: أخبرني ابن جريج قال: أخبرني هشام بن عروة عن وهب بن كيسان عن محمد بن عمرو أنَّه أخبره أنَّ سلمة بن الأزرق كان جالسًا مع عبد الله بن عمر فمرَّ بجنازة يُبكى عليها، فعاب ذلك عبد الله بن عمر، وانتهرهنَّ، فقال له سلمة بن الأزرق: لا تقل هذا، فإنِّي لأشهد على أبي هريرة لسمعته يقول - وتوفِّيت امرأةٌ من كنائن مروان وشهدها، وأمر مروان بالنِّساء اللاتي يبكين يطردن - فقال أبو هريرة: دعهنَّ يا أبا عبد الملك، فإنَّه مُرَّ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بجنازةٍ يبكى عليها - وأنا معه، ومعه عمر بن الخطَّاب -، فانتهر عمر النِّساء اللاتي يبكين مع الجنازة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" دعهنَّ يا ابن الخطَّاب، فإنَّ النَّفس مصابةٌ، والعين دامعةٌ، وإنَّ العهد حديثٌ ". قال: أنت سمعته؟ قال: نعم. قال: فالله ورسوله أعلم (2).
ز: روى بعض هذا الحديث: النَّسائيُّ وابن ماجه، فرواه النَّسائيُّ عن عليِّ بن حجر عن إسماعيل بن جعفر عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد ابن عمرو بن عطاء عن سلمة بن الأزرق (3)، ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن
(1)"صحيح مسلم": (3/ 57)؛ (فؤاد - 2/ 660 - رقم: 959).
(2)
"المسند": (2/ 273).
(3)
"سنن النسائي": (4/ 19 - رقم: 1859).
أبي شيبة عن [عفَّان](1) عن حمَّاد بن سلمة عن هشام بن عروة (2)، وعن عليِّ بن محمد وأبي بكر عن وكيع عن هشام، ولم يذكر سلمة في إسناده (3).
ورواه الحاكم من رواية عبدة عن هشام بن عروة ولم يذكر سلمة، وقال: على شرطهما (4).
وقد ذكر الدَّارَقُطْنِيُّ هذا الحديث في كتاب "العلل"، وذكر الاختلاف في إسناده (5) O.
1456 -
قال أحمد وثنا محمد بن عبيد الطَّنافسيُّ ثنا يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: زار رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر أمِّه، فبكى، وأبكى من حوله، ثُمَّ قال:" استأذنت ربِّي عز وجل أن أزور قبرها فأذن لي، واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي "(6).
انفرد بإخراجه مسلمٌ (7).
احتجُّوا:
1457 -
بما روى أحمد: ثنا صفوان بن عيسى ثنا أسامة بن زيدٍ عن نافع عن ابن عمر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَّا رجع من أحدٍ سمع نساء الأنصار يبكين على أزواجهنَّ، فقال:" لكنَّ حمزة لا بواكي له ". فبلغ ذلك نساء الأنصار،
(1) في الأصل و (ب): (عثمان)، والتصويب من "سنن ابن ماجه".
(2)
"سنن ابن ماجه": (1/ 506 - رقم: 1587).
(3)
"سنن ابن ماجه": (1/ 505 - رقم: 1587).
(4)
"المستدرك": (1/ 381).
(5)
"العلل": (11/ 20 - 23 - رقم: 2097).
(6)
"المسند": (2/ 441).
(7)
"صحيح مسلم": (3/ 65)؛ (فؤاد - 2/ 671 - رقم: 976).
فجئن يبكين على حمزة، قال: فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل، فسمعهن، وهنَّ يبكين، فقال:" ويحهنَّ لم يزلن يبكين بعدُ منذ الليلة؟! مروهنَّ فليرجعن، ولا يبكين على هالكٍ بعد اليوم "(1).
ز: رواه الإمام أحمد أيضًا عن عثمان بن عُمر (2) وزيد بن الحُباب (3) عن أسامة، ورواه ابن ماجه عن هارون بن سعيد المصريِّ عن ابن وهبٍ عن أسامة (4).
ورواه أبو يعلى الموصليُّ عن زكريا بن يحيى الواسطيُّ عن روح عن أسامة عن نافع عن ابن عمر، وعن الزُّهريِّ عن أنس (5).
وأسامة: روى له مسلمٌ في "صحيحه"(6).
ورواه الحاكم من حديث أنس، وقال: على شرط مسلم، وهو أشهر حديث بالمدينة، فإنَّ نساء الأنصار لا يندبن موتاهنَّ حتى يبكين حمزة، وإلى يومنا هذا! (7) O.
والجواب من ثلاثة أوجه:
أحدها: أَنَّه ضعيفٌ، قال أحمد: أسامة روى عن نافع أحاديث
(1)"المسند": (2/ 84).
(2)
"المسند": (2/ 92).
(3)
"المسند": (2/ 40).
(4)
"سنن ابن ماجه": (1/ 507 - رقم: 1591).
(5)
"مسند أبي يعلى": (6/ 293 - 294 - رقم: 3610).
(6)
"رجال صحيح مسلم" لابن منجويه: (1/ 70 - رقم: 98)، وقال المنقح فيما يأتي:(3/ 556): (روى له مسلم متابعة فيما أرى) ا. هـ
(7)
"المستدرك": (1/ 381).
مناكير، ترك يحيى بن سعيد حديثه (1). وقال يحيى بن معين: ترك حديثه بأخرة.
ز: الَّذي قال: (ترك حديثه بأخرة) هو يحيى بن سعيد، لا يحيى بن معين، وقد وثَّقه ابن معين في رواية غير واحدٍ عنه (2)، والله أعلم O.
والثَّاني: أنَّه لمَّا رأى كثرة بكائهنَّ ودوامهنَّ على ذلك نهاهنَّ، وعلى هذا يحمل ما يحتجُّون به أيضًا وهو:
1458 -
ما رواه أحمد: ثنا ابن نمير ثنا يحيى عن عمرة عن عائشة قالت: لمَّا جاء نعي جعفر بن أبي طالب وزيد وابن رواحة، جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الحزن، فأتى رجلٌ فقال: يا رسول الله، إنَّ نساء جعفر
…
فذكر من بكائهنَّ، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينهاهنَّ، فذهب، ثُمَّ جاء فقال: قد نهيتهنَّ - أو أنَّهنَّ لم يطعنه -. حتى كان في الثَّالثة فزعمت أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " احث في أفواههنَّ التُّراب "(3).
ز: هذا الحديث مخرَّجٌ في "الصَّحيحين"(4) من حديث يحيى، وهو ابن سعيدٍ الأنصاريُّ O.
والثَّالث: أنَّ المراد بالبكاء الَّذي نهى عنه: البكاء الذي معه ندبٌ على الميت، لا مجرَّد الدَّمع.
(1)"العلل" برواية عبد الله: (1/ 302 - رقم: 503؛ 2/ 24 - رقم: 1428) و" الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم: (2/ 284 - رقم: 1031) من رواية أبي طالب.
(2)
انظر ما تقدم: (2/ 30 - 31).
(3)
"المسند": (6/ 58 - 59).
(4)
"صحيح البخاري": (2/ 324)؛ (فتح - 3/ 166 - رقم: 1299).
"صحيح مسلم": (3/ 45 - 46)؛ (فؤاد - 2/ 644 - 645 - رقم: 935).